في شهر رمضان الماضي أصدر سمو وزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز قراراً بتشكيل فريق عمل من الوزارة تحت مسمى «نزاهة» ضم عدداً من الكفاءات المتميزة في الوزارة، وذلك في استجابة سريعة من سموه لجهود الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الرامية إلى إلزام كافة الوزارات والإدارات الحكومية وفي مقدمتها الجهات التعليمية بإطلاق برامج توعوية وتثقيفية بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد، الذي صادف التاسع من ديسمبر الحالي والذي حددته الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها المتخذ في أكتوبر (2003) ضمن بنود اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد من أجل إذكاء الوعي عن مشكلة الفساد ودور هذه الاتفاقية في مكافحته ومنعه. ومن المؤكد أن مبادرة وزارة التربية والتعليم لتكون من أوائل الجهات التي تستجيب لتوجهات نزاهة بهذا الشأن -إن لم تكن أولها على الإطلاق- هي مبادرة في محلها لأن أي ترسيخ وتعميم لقيم النزاهة ومكافحة الفساد ينبغي أن ينطلق أولاً من المؤسسة التربوية التي تمثلها وزارة التربية والتعليم نظرا لدور الوزارة الطليعي في ميدان التربية والتعليم من جهة وما يمثله شخص صاحب السمو الملكي الوزير الفيصل من توجه جاد نحو كل قيم التطوير والنزاهة والشفافية في كل المواقع التي تولى مسؤوليتها، وهو ما لم يغب بالتأكيد عن وعي المسؤولين في الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي أوضح رئيسها هذا الوعي في تصريح للصحافة المحلية بهذه المناسبة مؤكداً أن الهيئة تؤمن إيماناً كاملاً بدور المؤسسات التعليمية في بناء جيل معرفي كامل قائم على المعرفة وأن العلم هو أساس نهضة الأمم وأهمية التعليم في خلق جيل متسلح بالقيم الحميدة والنزاهة بعيداً عن ثقافة الفساد والمفسدين. ويأتي اهتمام نزاهة نظراً للموقف الإيجابي البناء للوزارة ومشاركتها الفاعلة ليس بالاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الفساد فقط، بل والمساهمة في تعميم قيم النزاهة ومحاربة الفساد بكافة أشكاله وجعل ذلك أحد الأهداف التي تسعى الوزارة لتحقيقها، ومن جهة أخرى فإن جهود الوزارة في هذا المجال تأتي متطابقة مع ما جاء في الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التي نصت المادة الثالثة منها على «تنمية الوازع الديني للحث على النزاهة ومحاربة الفساد عن طريق وسائل الإعلام المختلفة وخطباء المساجد والعلماء والمؤسسات التعليمية وإعداد حملات وطنية توعوية تحذر من الفساد»، ولترجمة ذلك ميدانياً طلبت وزارة التربية والتعليم من كافة الإدارات التعليمية في المملكة والتي يبلغ عددها (45) إدارة تعليمية بوضع برامج توعوية تثقيفية تشمل التوعية بأهمية النزاهة وتقوية الوازع الديني والحس والانتماء الوطني وترسيخ مفاهيم النزاهة ومكافحة الفساد. وإذا كانت هذه الفعاليات قد جاءت ضمن مشاركة الوزارة في فعاليات اليوم العالمي لمكافحة الفساد فقد سبق للوزارة أن اتخذت عدداً من الإجراءات التي تؤكد توجهاتها للقيام بدور فاعل ودائم لا يقتصر على هذه الاحتفالية فقط؛ حيث أطلقت العديد من البرامج التوعوية لإداراتها التعليمية في المناطق والمحافظات تهدف إلى تكريس مفهوم النزاهة وأنظمتها ومحاربة الفساد الإداري والمالي داخل إدارات التربية والتعليم، وهي توجهات تكتسب أهمية خاصة كونها جاءت بعد عدد من قضايا الفساد التي طالت بعض الإدارات التعليمية في المناطق والتي تمت محاسبة أطرافها فيما ينظر البعض الآخر أمام المحاكم، وقد اتبعت الوزارة ذلك أيضاً بإعداد خطة إستراتيجية لتعزيز قيم النزاهة لدى منسوبي التعليم العام وبذلك تكون الوزارة قد بدأت بالتطبيق في داخلها قبل أن تباشر الدعوة لغيرها.. وهو ما ينبغي دائماً لمن يريد أن ينشر القيم ويؤكدها..