يبدو أن المجتمع الدولي لم يعد يعطي للقضية السورية اهتماماً يتساوى مع الأخطار التي تشكلها الأوضاع على السوريين وعلى بلادهم ومستقبلها، حتى أن مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دي مستورا بدا مشغولاً بأمور صغيرة وجزئية مثل وقف اطلاق نار هنا أو هناك في الخطوط الطويلة للجحيم التي يهندسها نظام الأسد وقوات الاحتلال الإيراني، بينما كان يتعين على دي مستورا أن يجتهد في الضغط على روسيا ونظام الأسد لتفعيل مشروع السلام جنيف1 الذي يحظى بإجماع دولي ولا تعارضه سوى طهران لأنها تود أن تستمر سوريا ميداناً للموت وآلات القتل وأن تكون مسرح تدريب لقواتها وميلشياتها. كما كان يجب على دي مستورا أن يجتهد لتخليص سوريا من قوات الاحتلال الأجنبي الإيراني التي تعيث فساداً في سوريا، بل وتمنع السوريين من التوصل إلى أي سلام، فهي تدير إرادة نظام الأسد وتأخذ سوريا رهينة لتساوم عليها في علاقاتها الدولية وملفها النووي، بينما الشعب السوري يواجه أسوأ الأوضاع وتتعرض سوريا لدمار وتخريب مقصود ومتعمد تنفذه قوات الاحتلال الإيراني وميلشياتها وقوات الأسد لإجبار السوريين على العودة مرة أخرى إلى الأغلال الإيرانية وجعل بلادهم مسرح نفوذ لطهران لحبك وتصدير المؤامرات إلى الوطن العربي. ولا توجد أية خفايا أو غموض، في المسألة السورية، وكل اللاعبين في المسرح السوري وكل الذين يمارسون الذبح اليومي للسوريين يعلنون يومياً خططهم ومؤامراتهم في وسائل الإعلام والقنوات الفضائية، فأمين حزب الله حسن نصرالله يذكر المجتمع الدولي والأمم المتحدة وأمينها، دورياً أن ميلشياته تخوض حرباً على الأراضي السورية ضد السوريين، ولصالح طهران، وأيضاً يتفاخر الإيرانيون يومياً أن ميلشياتهم الأخرى تمارس ذات مهمة القتل للسوريين في سوريا. وهذا يوضح أن أية عملية سلام لا يمكن أن تنجح ما دامت الميلشيات الإيرانية تحتل سوريا وتحولها إلى ميدان معركة، كما أن ذلك يعرقل جهود مكافحة الإرهاب، لأن ميلشيات طهران تمارس الإرهاب والقتل على الهوية والذبح اليومي للسوريين وذلك لا ينتج إلا مزيداً من الارهاب والتطرف المضاد. وبأبسط قواعد المنطق، فإن على دي مستورا أن يسعى إلى تنظيف سوريا من الميلشيات الإيرانية كي يعطي فرصة للسوريين من المعارضة والنظام للتفكير في مشروع مشترك لإنهاء حقبة الموت في بلادهم، أو تشكيل حكومة انتقالية، لا تضم الأسد ولا الأذرع الإيرانية التي خربت سوريا، تعيد للسوريين الثقة في بلادهم، وتنقلهم من مرحلة الاحتلال الإيراني ووكيله الأسد، إلى أمل جديد بالوحدة والاستقلال وإعادة بناء سوريا على أسس وطنية وشعارات حقيقية مثمرة، بدلا من شعارات الأسد الوهمية التي تهدف إلى تخدير السوريين واضطرت السوريين إلى الانتفاض عام 2011 ليثأروا لكرامتهم وليحققوا استقلالا لوطنهم وتحريره من أن يكون مركزا إيرانياً للتخريب والتدمير والمؤامرات والفتن ضد الوطن العربي ومجتمعات العالم.