بعد عشر سنوات من الجمود، وسنوات من الحظر التجاري؛ نتيجة العقوبات و12 شهرا من المحادثات، تأتي محاولة أخيرة للتوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني. ولكن بينما يتجمع دبلوماسيون من سبع دول في فيينا، فإن التوقعات بحدوث انفراج قد ضعفت وتراجع أثرها في المنازل والأسواق والمكاتب في العاصمة الإيرانية، حيث استنفد السكان مثل آرميتا ساراف زاده قواهم؛ بسبب المواجهة وأغضبهم ما يقولون إنه عبء غير متكافئ تفرضه عقوبات عالمية. وقال شاب يبلغ من العمر 27 عاما ويعمل في عيادة صحية في طهران في مقابلة: «لن يتوصلوا بأي حال من الأحوال إلى اتفاق»، ملقيا باللوم على المحاورين الإيرانيين للتقدم بمطالب غير معقولة. وأضاف: «إن الناس العاديين هم الذين يدفعون الثمن بينما أي شخص قادر على تحمل تكاليف شراء بورشه هو فقط يزداد ثراء». خارج إيران، أثيرت أزمة الأبحاث النووية للجمهورية الإسلامية بسبب ادعاءات بأنها غطاء لتطوير أسلحة نووية، وهو اتهام يحمل في طياته مخاطر مصاحبة لضربات عسكرية من قبل الولاياتالمتحدة أو إسرائيل. وكانت مخاوف الإيرانيين الذين عاشوا خلال فرض قيود اقتصادية أكثر صرامة من أي وقت مضى أكثر دنيوية: إطعام أسرهم، والعثور على وظيفة، والبقاء دافئين. المزاج العام بعيد كل البعد عن التفاؤل الذي ساد العاصمة الإيرانية بعد انتخاب الرئيس حسن روحاني في العام الماضي بناء على وعود بإنهاء الأزمة مع القوى العالمية. وفي حين ساعد الاتفاق النووي المؤقت على استقرار العملة، يظل تضخم الأسعار الاستهلاكية ثاني أعلى تضخم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد السودان، وذلك بناء على ما عرضته بيانات صندوق النقد الدولي. حتى مع خروج الاقتصاد من عامين من الركود، من المتوقع أن يصل النمو في الصناعات غير النفطية إلى 1.6% هذا العام، مقارنة مع 5% في عام 2011، وذلك وفقا لصندوق النقد الدولي. تمديد الموعد النهائي قالت ساراف زاده في متجر لبيع الملابس في طهران، حيث كانت تقضي استراحة لتناول الغداء، ويخرج شعرها الأشقر المصبوغ أعلى حجابها: «العقوبات ليست هي الحل، وليس بهذه الطريقة، إنهم لا يتوجهون لهدف معين على الإطلاق»، وأضافت: «إنهم يعملون على إيذائنا. إنهم بحاجة الى فرض عقوبات على البرنامج النووي فقط، وليس على الناس العاديين». وقال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، الذي تعتبر بلاده جزءا مما يسمى مجموعة «قوى الخمسة زائد 1» لإجراء محادثات مع إيران هذا الأسبوع، إنه لم يكن متفائلا حول أنه سيتم التوصل إلى اتفاق شامل بحلول الموعد النهائي الذي ستتوقف عنده المحادثات، وهو يوم 24 نوفمبر. وقال في 19 نوفمبر: «قد نكون قادرين على إيجاد وسيلة لتمديد الموعد النهائي للسماح لنا بالوصول إلى اتفاق نهائي- إذا كنا نحرز تقدما جيدا في الاتجاه الصحيح» . وقد توقع الأكاديميون والمسؤولون الذين هم على مقربة من روحاني أن المفاوضات سوف تنجح. سعيد وهو بائع كتب يبلغ من العمر 30 عاما في طهران، يُجهِد نفسه بحثا عن أسباب للتفاؤل. في ظل العقوبات، ارتفع سعر الورق من 100 ريال للصفحة إلى متوسط يبلغ 450 ريالا، وهو ما أدى إلى تراجع الطلب على السلع الاستهلاكية. ويساوي الدولار 26789 ريالا، وفقا لأسعار البنك المركزي الإيراني. وقال وهو يقف في متجر شبه فارغ، موضحا كيف أن العقوبات أعادت هيكلة المجتمع الإيراني: «نحن نريد فقط أن يعود كل شيء إلى وضعه الطبيعي». وأضاف: «إن الطبقة العليا الغنية تزداد ثراء، في حين أن الطبقة الوسطى أصبحت أكثر فقرا واندماجا مع الطبقة العاملة». الدليل على اتساع الفجوة في الثروات هو حساب على إينستاجرام يسمى «أطفال الثراء في طهران» وهو مخصص لأزياء باهظة الثمن وسيارات سريعة وأناس جميلين في ملابس السباحة. وفي حين أن الصفحة الأصلية قد تم إغلاقها من قبل السلطات في تشرين الأول (أكتوبر)، لكن ظهر نفس الاسم من جديد منذ ذلك الحين. على بعد أميال قليلة إلى الشمال من حيث تحدثت ساراف زاده، كان ماجد زماني، الرئيس التنفيذي لكاردان للاستثمارات، التي تدير عددا من الصناديق، أكثر تفاؤلا. المزيد من الإنفاق وقال في مكتبه في شارع أفريقيا، وهو شارع للأثرياء من العلامات التجارية الغربية والمحلات والبنوك: «أي شيء يمكن أن يحدث، ولكن حتى الآن، كان الأمر إيجابيا، وأعتقد أن الصفقة ليست سوى مسألة وقت». وأضاف: «المستثمرون ينفقون أكثر، وهناك المزيد من الثقة». صندوق الطاقة العالمية الذي يديره زماني، والذي يسعى إلى جذب النقدية في الخارج لصناعة النفط والغاز الإيراني، يعتمد كليا على مصير المحادثات. وفي الوقت الذي تجري فيه المحادثات في العاصمة النمساوية، احتشدت المؤسسة الإيرانية وراء مفاوضيها، وتسعى لإعطاء صورة بأنها جبهة موحدة مع نقاد محليين الذين يتهمونها بتقديم الكثير من التنازلات إلى مجموعة القوى العالمية. وقال علي شمخاني، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي: «ما لم يتم إزالة كافة العقوبات تعتبر المفاوضات غير مجدية وزائدة عن الحاجة». صحيفة كيهان المحافظة، الموائمة بشكل وثيق للزعيم علي خامنئي، نشرت الاقتباس وجعلته عنوانا رئيسيا على صفحتها الأولى. في غضون ذلك، قالت ساناز (33 عاما) التي تعمل في محل لبيع الملابس ومثل سعيد، بائع الكتب، أعطت فقط اسمها الأول بسبب الحساسيات التي تنطوي على التحدث إلى وسائل الإعلام الأجنبية، إن الصعوبات تجعل من المدينة مكانا أكثر بؤسا من حيث العيش فيها. وقالت: «لم يعد أحد يكترث بغيره. الناس جوعى، وهم يعتدون على بعضهم في الأماكن العامة لمجرد الحصول على وجبة. وأنا لم أعد أشغِّل التدفئة في منزلي، من أجل توفير المال.»