أجمع علماء متخصصون في البيئات البحرية أن الخليج العربي من البحار الثرية بالبيئات البحرية ويتميز بتنوع الأحياء، رافضين المزاعم بفقر الخليج العربي؛ كونها لا تستند إلى حقائق علمية، وقالوا إن الخليج بحر ثري ببيئاته، فبالرغم من الضغوط البيئية التي يتعرض لها إلا أنه يقاوم ومازال يزخر بحياة ثرية وتنوع فريد. وأكدوا في الندوة التي نظمتها «اليوم» ضمن ملفها الشهري «خطر البيئة البحرية.. ثرواتنا تهدد حياتنا» والتي ضمت أربعة من الخبراء والمهتمين بالدراسات البحرية أن الخليج العربي لم يبح إلى الآن بالكثير من أسراره، وأن الدراسات التي تنفذها جامعة الملك فهد بالتعاون مع شركة أرامكو السعودية وجهات أخرى ستخبرنا بالكثير في الأيام القليلة القادمة. وذكر الخبراء انهم لم يتوقعوا حجم الثراء البيئي والحيواني الذي يتمتع به الخليج بالرغم من كل العوامل التي تجعل بيئته صعبة جدا، والتي تجعل الخليج فريدا جدا وجاذبا العلماء لدراسته. وتطرقت الندوة إلى البيئات البحرية الأهم في الخليج المتمثلة في الشعب المرجانية والمانجروف والحشائش البحرية وأهميتها وتوزعها والمشاكل التي تهدد كلا منها. كما استعرضت الندوة حالة الأسماك في الخليج، وتطرقت إلى الدراسة التي تنفذها الجامعة لرصد حجم المخزون السمكي في الجزء السعودي من الخليج العربي وتوزيعها وبيئاتها من خلال نماذج رياضية دقيقة. وأشارت الندوة إلى الأخطار والتهديدات التي تواجه البيئات البحرية المتمثلة في عمليات الردم والتلوث والممارسات الخاطئة في التعامل مع البحر وكثافة الأنشطة الملاحية والصناعية في حوض الخليج العربي. شارك في الندوة مدير مركز الدراسات البحرية التابع لمركز البيئة والمياه بمعهد البحوث في جامعة الملك فهد الدكتور محمد قربان، والاستاذ المشارك بقسم علوم الأرض الدكتور خالد الرمضان، والخبير التشيلي الدكتور روبن روايوريتا الباحث في علم الأسماك والمتخصص في تصميم النماذج الخاصة بتقدير المخزون السمكي، والباحث الرئيسي في مركز الدراسات البحرية الدكتور كريشناكومار. الحشائش والمانجروف وبالحديث عن البيئات البحرية الموجودة في الخليج تطرق الدكتور محمد قربان إلى بيئات المانجروف والحشائش البحرية. وأوضح أن الخليج يضم 3 أصناف من الحشائش البحرية متوزعة بشكل جيد في الجزء السعودي من الخليج العربي خصوصا في الجزء الشمالي. وقال: أما المانجروف فله قصة مختلفة، جزء منها مؤسف والجزء الآخر مشرق، الجزء المؤسف هو حجم الخسارة في المانجروف الذي أوضحته الدراسات التي قمنا بها والناتج عن عدم الوعي بقيمة المانجروف وأهميته للخليج العربي، فمثلا المنطقة من ميناء الدمام حتى ساحل صفوى كانت غنية بالمانجروف وقد أصبحت خالية الآن إلا من بعض البقع البسيطة، وهذه خسارة مؤلمة؛ لأن المانجروف يشكل نظاما بيئيا متكاملا تستخدمه الكائنات البحرية للتكاثر ويساهم في ثراء البيئة البحرية كالمرجان، وتحتاجه الأسماك والكائنات الأخرى لخلق السلسلة الغذائية للمخلوقات البحرية وقد لا يعود للظهور بعد إزالته، وكانت أنشطة الردم أهم عوامل خسارة المانجروف. أما الجانب المشرق من قصة المانجروف وفقا للدكتور قربان فهو أن شركة أرامكو السعودية وجامعة الملك فهد ووزارة الزراعة بدأت بزراعة المانجروف وتوزيع شتلات وبذور في مناطق مختلفة تم اختيارها بحذر بناء على معطيات علمية كي لا تدمر بيئات أخرى. الطيور والثدييات وحول التنوع الحيواني في الخليج ذكر الدكتور قربان أن الخليج غني بالتنوع الحيواني سواء الكائنات التي تعيش في البحر أو الطيور في الشواطئ، ويزداد التنوع في مناطق الشعب المرجانية والأعشاب البحرية، فمثلا توجد أنواع متعددة من أسماك القرش، والثدييات بأنواعها كالفقمة والدلافين. وأشار إلى أن بعض الكائنات تواجه خطر الانقراض، مثل السلاحف البحرية التي تسبب دمار البيئة الحاضنة للبيض في المناطق الساحلية في تناقص أعدادها وهروبها إلى الجزر البعيدة داخل الخليج، لكن الجامعة على وشك إطلاق دراسة جديدة لدراسة الحيوانات البحرية الكبيرة كالثدييات والقرش والسلاحف ستوفر لدينا معلومات كافية عن هذه الكائنات. وبين أن الكثير من الكلام السلبي عن فقر بيئات الخليج العربي غير صحيح ولا يستند إلى حقائق علمية، وقال: «الخليج بحر رائع وبيئاته ثرية وبالرغم من الضغوط البيئية والخارجية التي يتعرض لها إلا أنه يقاوم ومازال يزخر بحياة ثرية وتنوع فريد. الشعب المرجانية وركز الدكتور كريشناكومار الباحث في مركز الدراسات البحرية في مشاركته على الشعب المرجانية باعتبارها أحد أهم البيئات البحرية التي تشكل تجمعا للكائنات البحرية، وباعتباره باحثا متخصصا فيها. وأوضح أن الخليج العربي بحر فريد من نوعه؛ لأن ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض معدل العمق الذي يتراوح بين 40 و50 مترا، وبطء حركة التيارات مقارنة بالبحار الأخرى معطيات سلبية تحول دون نشوء بيئات ثرية متنوعة الأحياء، إلا أن الخليج العربي استطاع التكيف بنجاح مع هذه الظروف الصعبة ليحتضن بيئات بحرية غاية في الثراء والتنوع. وبين أن الشعب المرجانية باختصار هي متكون من كربونات الكالسيوم يتم بناؤها بواسطة أحياء بحرية صغيرة، وهي مهمة جدا لتنوع الأحياء لأنها تحتضن أعدادا كبيرة من الكائنات الحية البحرية، وتعتبر بيئة مثالية للسمك لوضع البيض والتكاثر ونمو الأسماك الصغيرة، وبالتالي فإن الشعب المرجانية تشكل بقعة تنوع أحيائي. ونبه الدكتور كومار إلى أن الشعب المرجانية في الخليج تواجه خطرا يتمثل في ظاهرة «الابيضاض»، وتعني اكتساب الشعب المرجانية اللون الأبيض بسبب ارتفاع درجات الحرارة، لافتا إلى أن هذه الظاهرة بدأت في صيف عام 96 وشكلت خطرا وتسببت في اختفاء الشعب المرجانية الحية في بعض المواقع مثل سواحل تاروت. وقال إن تناقص عدد الشعب المرجانية في المناطق الساحلية بسبب التغيرات المناخية، فعلى سبيل المثال اختفت الشعب من سواحل تاروت، وتناقصت قليلا في سواحل رأس تنورة، إلا أن الجزر البعيدة كجزيرة كران لم تتأثر كثيرا وما زالت غنية بالشعب المرجانية. وزاد «لحسن الحظ أن دراسة الاستدامة التي تنفذها جامعة الملك فهد بالتعاون مع شركة أرامكو السعودية بدأت مبكرا في العام 1992، واهتمت الدراسة بالشعب المرجانية في الخليج ما وفر الكثير من البيانات والمعلومات عن الشعب المرجانية التي يتم حاليا تحليلها وإعداد أوراق علمية جاهزة للنشر عن الموضوع». وتابع: إن الجامعة في صدد إطلاق مشروع بحثي آخر تحت مظلة مشروع الاستدامة يستمر لمدة خمس سنوات ويتناول خصوصية المرجان في الخليج العربي وكيف يمكنه مقاومة الظروف البيئية الصعبة، وما الخصائص الجزيئية والنووية التي تجعله قادرا على تحمل كل هذه الدرجات المرتفعة، هذه الدراسات سيتم إجراؤها في السنوات الخمس القادمة، وتستقطب الجامعة علماء متخصصين من أستراليا للمساهمة في المشروع». ولفت إلى أن المرجان في الخليج العربي يحظى باهتمام علماء من مختلف دول العالم، فاستمرار التغير المناخي في العالم وارتفاع درجة الحرارة في البحار والمحيطات يؤثر على الشعب المرجانية في تلك البحار ويعرضها للخطر، ولأن لدى مرجان الخليج العربي قدرة فائقة على التكيف وتحمل درجات الحرارة ونسب الملوحة العالية فإن العلماء يدرسون إمكانية نقله إلى مناطق أخرى تواجه خطر تناقص المرجان مثل جزر البحر الكاريبي. وأشار إلى أن هناك تجارب مستمرة في المختبرات والحقول يتم فيها دراسة الجينات لإيجاد طريقة لإنتاج أجيال جديدة من المرجان تستطيع تحمل درجات الحرارة العالية، ورفع درجة التحمل من 15 و20 درجة مئوية إلى القدرة على تحمل 30 درجة مئوية. وأفاد بأنه من الصعب التحكم في نتائج التغير المناخي، وهو ظاهرة كونية، وعندما ترتفع درجات الحرارة لا يمكننا تخفيضها، ولكن يمكن أن يصبح مرجان الخليج القادر على تحمل البيئات الصعبة أحد الحلول من خلال نشره في أماكن أخرى من العالم. وأضاف إن المرجان في الخليج يتأقلم مع بيئته الصعبة ذات الحرارة المرتفعة والملوحة المرتفعة وتيارات بحرية ضعيفة، ولكنه يتحمل أيضا صعوبات إضافية تتمثل في كثافة الأنشطة الملاحية والأنشطة الصناعية المتنوعة ووجود الكثير من عمليات الردم التي تشكل ضغطا على المرجان وتزيد من صعوبة الوضع. وتابع: «ومع كل تلك الضغوط على الخليج فإننا عندما ننظر للأطلس لا نصدق حجم الثراء البيئي والحيواني الذي يتمتع به الخليج بالرغم من كل العوامل التي تجعل بيئته صعبة جدا، والتي تجعل الخليج فريدا جدا وجاذبا العلماء لدراسته». الثروة السمكية ولأهمية الثروة السمكية في أي بيئة بحرية يشارك في الندوة الخبير في نمذجة الأسماك الدكتور روبن روا الذي ذكر ان الخليج العربي غني جدا بأصناف عديدة من الكائنات الحية المائية، ولأن الأسماك احد أهم الكائنات فنحن نعمل على تقدير المخزون السمكي في الخليج العربي، إضافة إلى تقدير حجم الكائنات والحيوانات البحرية الأخرى ذات الأهمية الغذائية والقيمة الاقتصادية، ومن خلال مشروع نعمل به لوزارة الزراعة نقوم بجمع بيانات وتطوير نماذج رياضية نستطيع بواسطتها تقييم حالة الخليج ونقدم أجوبة لتساؤلاتنا. وأضاف الدكتور روبن وهو من أهم مصممي النماذج التي تقدر المخزون السمكي في البحر ان أهم الأسئلة المطروحة التي يتم العمل على الإجابة عنها مايلي: كم يبلغ حجم الثروة السمكية في مياه الخليج؟ هل نشاط الصيد أكثر من اللازم أم كمية الصيد أقل من اللازم؟ أم أنها تتناسب مع حجم المخزون السمكي في الخليج؟ وقال إن هذه المعلومات تمكننا من المحافظة على ثراء البيئات المائية في الخليج والحصول على أكبر فائدة ممكنة. وقال إنه شخصيا تفاجأ بمدى التنوع الذي تضمه البيئات في الخليج، وغزارة الكائنات، بالرغم من ان ظروف الخليج ليست مناسبة لتواجد هذا التنوع والثراء والغزارة، ولكن هذا البحر الصغير تكيف مع ظروف صعبة ليضم أحد أكثر البيئات البحرية فرادة وتميزا. وقال إننا أول من يعمل على استكشاف الحياة البحرية في الخليج بشكل علمي لإعطاء تصور واضح ودقيق عن المخزون السمكي في الخليج. أمن غذائي ويرى الدكتور روبن أن أهمية الأسماك ليست فقط بسبب كونها جزءا من المكونات البحرية أو بسبب أهميتها الاقتصادية، لكنها تأتي أيضا من اعتماد الكثير من سكان المجتمعات الساحلية عليها في غذائهم ومصدر دخلهم وارتباطهم التاريخي بنشاط الصيد الذي يعتبر جزءا من ثقافة المناطق الساحلية، وقال «في الخليج نلاحظ شغف الناس بالغذاء البحري الذي يعتبر من عناصر الأمن الغذائي للبلاد». وتابع: «لأن جزءاً كبيرا من الطلب المحلي على الأسماك يتم استيراده من الخارج، فإننا نحاول من خلال هذا المشروع معرفة مدى إمكانية الاكتفاء الذاتي من الأسماك في حالة الأزمات ورصد الحجم الحقيقي للثروة السمكية في الجزء السعودي من الخليج». شكاوى الصيادين وأشار إلى أن الإجابة عن التساؤلات عن حالة الأسماك في الخليج تتم من خلال نماذج علمية حديثة، ويتم تطبيق نظريات مستخدمة في أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا وآسيا، لافتا إلى أن هناك مزاعم كثيرة عن تناقص الأسماك في الخليج، واعتبرها محض تخمينات خالية من أي إثبات علمي، لأن العلم وحده من يقدم الحقائق والأجوبة الصحيحة، وقال «على سبيل المثال سجلنا زيادة في عدد كميات الروبيان التي تم صيدها في السنوات الأخيرة مقارنة بالتسعينيات، ومع ذلك فإن شكوى الصيادين من تناقص الصيد ستستمر لأن تلك عادة الصيادين في كل مكان في العالم». وزاد «من جهتنا كباحثين نهتم كثيرا بما يقوله الصيادون، لكننا نعتمد على العلم أكثر والذي غالبا لا يتفق مع الصيادين»، وزاد: إن تقييم كمية الأسماك في البحر شبيه بتقييم كميات النفط الموجودة في الحقول النفطية التي تحتاج دائما لمسح وبرامج نمذجة ومحاكاة، بل إن تقييم كميات الأسماك أصعب لأنها في حركة مستمرة وتغير دائم. توزيع الأسماك ويضيف الدكتور روبن قائلا: «نماذجنا ستقدم معلومات دقيقة عن أماكن تواجد الأسماك وتحركاتها، وأماكن وضع البيض، وحتى الآن خرجنا بنتائج مهمة، منها مثلا أن الجهة الشمالية من الجزء السعودي من الخليج العربي تحتضن الأسماك الصغيرة وتقضي فيها مرحلة الحضانة والسنة الأولى من حياتها حيث تتوفر لها الحماية لتهاجر بعد ذلك إلى الأماكن الواسعة التي تعتبر أماكن للصيد. ومازال الفريق يتعامل مع البيانات ويعالج العينات في المختبرات، وعندما نحصل على نتائج متكاملة للتحليلات سنعلن عن جميع النتائج. وأوضح أن المرحلة التي وصل إليها الفريق البحثي لا تجيب عن كل التساؤلات الآن، فقد تم الانتهاء من 70 في المائة من الدراسة، وأضاف «سنقوم بدعوتكم حال الانتهاء ونخبركم عن النتائج بنهاية 2015»، وقال «ما زلنا في مرحلة جمع البيانات ومعالجتها وصناعة نماذج يمكنها إعطاء نتائج وتصورات واضحة، ومع ذلك فقد تم نشر ورقة علمية عن سمك الكنعد الذي لاحظنا أنه في وضع جيد في الخليج». وعن النماذج الناتجة بين الدكتور روبن أنها عبارة عن أساليب رياضية تستخرج من البيانات وتقدم معلومات عن كمية الأسماك وبيئاتها، وقال «سنصدر أيضا خرائط لتوزيعها ثم استخدام هذه النتائج لإدارة الثروة السمكية وتقديم توصيات لسن القوانين اللازمة لأنشطة الصيد». بيئات الأسماك وقال إن جزءا من الدراسة يهتم ببيئات الأسماك، فالنظام البيئي للخليج العربي يتكون من الأعشاب البحرية والمرجان والمانجروف، وتتركز هذه البيئات في السواحل عند أعماق لا تتجاوز 5 أمتار، وتوفر السواحل والخلجان الغنية بالحشائش البحرية بيئة مناسبة للأسماك الصغيرة، فصغار الكنعد والهامور والشعري تفضلها للاختباء والاحتماء من الصيادين ومن الأسماك الكبيرة حتى تصبح كبيرة بما فيه الكفاية للهجرة، كما أن دورة حياة أصناف من الروبيان تتعلق بدورة حياة المانجروف، وتحتاج إليه في فترات الحضانة حتى تكبر، وأكد على أهمية فهم البيئات البحرية لفهم الأسماك. بيئات صناعية ولفت الدكتور روبن إلى أن بعض المرافق النفطية البحرية بيئات مناسبة للأسماك، فمثلا تتجمع الأسماك حول المنصات النفطية في الخليج التي تشكل موطنا لتجمع الأسماك وتكاثرها، وتحتمي الأسماك الصغيرة بهذه البيئات حيث يوفر لها المكان حماية من الصيادين؛ كونهم لا يستطيعون الوصول إليها، وهناك اهتمام من العلماء من جميع أنحاء العالم بهذه الظاهرة. وتابع: إن الفريق يعمل أيضا على رصد وتقييم النتائج السلبية لبعض الممارسات الخاطئة في الصيد، كصيد الأسماك الصغيرة وصيد السلاحف وأسماك القرش، أو الأصناف التي ليست لها قيمة تجارية التي تعلق دون قصد في شباك الصيادين وكيفية التعامل مع هذه الكائنات، وزاد «هذه الأصناف غير مفيدة ولا تشكل أهمية للصيادين، لكنها مهمة جدا لنا كباحثين ومهمة للبيئة البحرية، ونريد تقليل التأثيرات السلبية لأنشطة الصيد وحماية هذه الكائنات من خلال تحسين التقنيات للصيد، وتقديم توصيات للجهات المسؤولة لسن الإجراءات والقوانين اللازمة». ممارسات خاطئة وأضاف: إن بعض ممارسات الصيد تلحق الضرر بالبيئات البحرية، فمثلا معدات الصيد الثقيلة المستخدمة لصيد الروبيان والسلاسل الضخمة تدمر الشعب المرجانية وتجرف القيعان وتسبب ضررا بالغا، ولذلك إضافة إلى القوانين نحتاج إلى تثقيف الصيادين بالممارسات الصحيحة للمحافظة على البيئات البحرية. خصائص جيولوجية وحول الخصائص الجيولوجية للخليج العربي ذكر أستاذ الجيولوجيا المشارك خالد الرمضان أن الخليج العربي يقع على الصفيحة العربية، ووفقا للنظريات الجيولوجية فإن الصفيحة العربية تتحرك ببطء تجاه الصفيحة اليوروآسيوية ما يعني أن عرض الخليج يتقلص خلال ملايين السنين، وهناك ثلاث نظريات لنشوء الخليج العربي أهمها وأكثرها واقعية تزعم أن الخليج بدأ في التشكل منذ نحو 20 ألف سنة حيث بدأت أجزاء من البحر العربي تمتد داخل اليابسة وتشكل الخليج العربي لمدة استمرت 15 ألف سنة، موضحا أن الخليج الذي نعرفه اليوم بحدوده الحالية تشكل قبل 5 آلاف سنة فقط. وأوضح أن سطح الخليج مغطى بالرسوبيات عموما ولكن البيئات البحرية الغنية بالحياة والممتدة على طول السواحل توجد بها أسطح رملية وطينية وأحجار. وحول المخاوف من ارتفاع منسوب مياه الخليج وطغيانه على اليابسة بسبب التغير المناخي وذوبان الجليد في القطب الشمالي ذكر الدكتور خالد رمضان أنه لا يملك أرقاما دقيقة أو توقعات بنسب الارتفاع السنوية، وقد تكون دائرة الأرصاد في المملكة تملك معلومات أكثر، وأضاف: «ليست لدينا معلومات حقيقية عن التغير في منسوب الزيادة في مياه الخليج بسبب التغيرات المناخية، لأننا لا نساهم في الجمعيات العلمية العالمية ونفتقد إلى المتخصصين. دراسات مستقبلية وفي هذا الخصوص يضيف الدكتور قربان قائلا: «في المستقبل ستقوم جامعة الملك فهد وأرامكو السعودية بإجراء دراسات مستقبلية من خلال أنظمة عوامات الرصد الهيدرولوجية مع اجهزة الاستشعار عن بعد توضع في البحر بصفة مستمرة لتزويدنا بمعلومات كثيرة مثل سرعة الرياح وارتفاع الامواج ودرجة حرارة سطح الماء ودرجة ملوحتها وغيرها من القياسات الهامة ويتم تحديثها في فترات قصيرة، ونأمل أن تبدأ الدراسة في أقل من شهرين، هذا الجهاز سيمكننا من معرفة معلومات هامة عن خواص الخليج العربي. مخاطر وتهديدات وفي المحور الأخير من الندوة قدم الدكتور محمد قربان موجزا عن أهم المخاطر والضغوط التي تواجه البيئات البحرية في الخليج العربي وقال: إن المخاطر والضغوط على بيئات الخليج العربي عديدة ومستمرة، فالتسربات النفطية وعمليات الردم ومخلفات الصرف والأنشطة الصناعية ومخلفات السفن وصناعة تحلية المياه ومياه التوازن جميعها ضغوط وتهديدات تحتاج مواجهة. وشدد على أن الردم يشكل الضرر الأكبر على البيئات البحرية، فإن كان التلوث يضغط على البيئة البحرية فإن الردم يقتلها تماما، فالبحر لديه آلية للتعافي من أي تلوث إلا من عمليات الردم. وأضاف: ان الخليج عانى كثيرا من التسربات النفطية، ففي العام 1991 أثناء حرب الخليج شهد الخليج أكبر تسرب للزيت، كما تقع حوادث مختلفة لتسربات تأتي من السفن، كما تقوم بعض السفن بغسل خزانات وتصريفها إلى البحر. كائنات غريبة وأوضح أن الكائنات والعوالق التي تحضرها السفن في مياه التوازن التي تجلبها من بحار بعيدة قد تفتك بالأحياء البحرية في الخليج، فالسفن تجلب كائنات مختلفة وغريبة وعندما يتم تصريفها في مياه الخليج قد تهاجم الأحياء المحلية وتدمرها. وقال: إن البحر يناضل للتعافي، ويجب اعطاؤه فرصة كافية وعدم الإفراط في التدخل لمعالجة الأمور، ويرى الدكتور قربان أن كل عوامل الضرر يستطيع البحر مقاومتها إلا الردم، وأوضح أن التلوث يتسبب بمرض البيئات البحرية لكن الردم يقتلها تماما ولا يمكن للبحر التعافي منه، لأن الردم يعني إضافة مواد غريبة وتغيير أو إيقاف حركة التيارات البحرية، ولا يقتصر ضرره على المنطقة المردومة ولكنه يمتد إلى مناطق أخرى، لأن إيقاف دوران التيارات يخنق البيئة البحرية ويقتلها. وزاد «لكن لحسن الحظ فإن الحكومة وضعت قيودا كثيرة مؤخرا على عمليات الردم». وعن الجهود التي يمكن المساهمة بها أجمع الخبراء في الندوة على أن الدراسات والأبحاث ضرورية لفهم البيئات المائية وفهم الظواهر، وهو ما تقوم به جامعة الملك فهد بالتعاون مع شركة أرامكو وبعض الجهات الأخرى، وعلى سبيل المثال لدينا نماذج في الجامعة بالتعاون مع أرامكو نستطيع من خلالها معرفة توجه بقع الزيت المتسرب، كما نقوم بإعداد دراسات لتقييم آثار التنقيب على البيئة البحرية. وعي بيئي وأضافوا إن الحكومة بدورها تبذل جهودا كبيرة لتغيير الثقافة ونشر الوعي بأهمية البيئات البحرية وأسلوب التعامل معها، وأصدرت الحكومة الكثير من قوانين الصيد إضافة الى الجهود لزراعة المانجروف بالتعاون مع الجامعة وأرامكو، كما أن شركة أرامكو تملك تجهيزات حديثة لمواجهة أي مخاطر تهدد البيئات البحرية. وعاد الدكتور روبن ليؤكد على أهمية نشر الوعي بين الناس، وقال إن عدد السكان في المملكة يتزايد بشكل سريع جدا لا يحدث في أي مكان آخر في العالم، وتزداد الأحياء السكنية والأنشطة البشرية بسرعة على السواحل، ولا بد من توعية النشء بأهمية هذه الحياة البحرية التي لا يعي الكثير أهميتها ومدى تأثيرها على حياتنا. وتابع: «نلاحظ الكثير من المخلفات على الشواطئ التي تدل على قلة الوعي، إن الخليج يحتاج إلى مدة طويلة لمعالجة مخلفات نزهة عائلية استمرت نصف ساعة، كما أن الكثير من ممارسات الصيادين مضرة للبحر، لذلك فإننا نحتاج ثقافة سليمة وقوانين صارمة لحماية حقوق البحر، وأن يقوم الإعلام بمسؤوليته تجاه الأمر وهو ما نأمل من صحيفة اليوم القيام به. د. محمد قربان يتحدث الى الزميل محمد الضبعي ضيوف الندوة من اليمين د. محمد قربان، د. كريشنا كومار، د. روبن روايوريتا، د. خالد الرمضان الشعب المرجانية تشكّل بيئات طبيعية لأصناف كثيرة من الأسماك جزيرة كران محاطة بالشعب المرجانية الخليج محطة لطيور الفلامنجو المهاجرة فريق بحثي من جامعة الملك فهد يدرس نبات القرم (المانجروف) إلقاء مخلفات البناء بالقرب من نباتات القرم في الخليج العربي الحشائش البحرية في الخليج العربي الخليج موطن لأنواع من الثدييات مثل الدلافين والفقمة