وقع المرشحان اللذان خاضا الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية في أفغانستان أشرف غني وعبد الله عبد الله، الأحد، اتفاقاً لتشكيل حكومة وحدة وطنية، واضعين بذلك حداً لخلاف انتخابي مستمر منذ ثلاثة أشهر، وأزمة سياسية خطرة في بلد لا يزال ضعيفاً ومهدداً بتمرد طالبان. وينتظر إعلان النتائج النهائية للانتخابات المفترض أن يفوز فيها غني ليصبح بالتالي رئيساً بحسب مصادر متطابقة، في وقت لاحق. وهنأ الرئيس الأفغاني المنتهية ولايته حامد كرزاي المتنافسين في الانتخابات الرئاسية الأفغانية في خطاب مقتضب، على توقيع الاتفاق بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية وذلك خلال مراسم التوقيع على الاتفاق التاريخي التي حضرها أيضاً زعماء سياسيون وشخصيات عامة. وأضاف أنه يأمل في أن يمهد الاتفاق الطريق لتحقيق الرخاء والاستقرار في أفغانستان. وتابع: "إنها لحظة انتظرتها البلاد بفارغ الصبر. آمل في أن يقوم خليفتى بما لم أتمكن من القيام به خلال حكمي الذي استمر 13 عاماً". وأشار كرزاي إلى أن "الاتفاق توصل إليه المرشحان. لم نشارك فيه وبالطبع سيكونان مسؤولين عن ذلك". وقد حثت الأممالمتحدة وحلفاء كابول في طليعتهم الولاياتالمتحدة، بشكل كبير على إبرام الاتفاق بين الرجلين لتجنب غرق البلاد في انقسامات عنيفة في وقت يستعد فيه معظم جنود حلف شمال الأطلسي للانسحاب بحلول نهاية السنة. وقد وقع غني وعبد الله الاتفاق الذي يقضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية في منتصف النهار في كابول بعد بضعة ايام من هجوم دام لطالبان في العاصمة، ما يدل على التهديد المستمر للتمرد رغم اكثر من اثني عشر عاما من التدخل العسكري الغربي. تقاسم السلطات ويفترض ان يخلف اشرف غني الذي اشارت النتائج الاولية للدورة الثانية الى فوزه ب56,4 % من الاصوات، الرئيس كرزاي. أما عبد الله عبد الله فيفترض أن يختار رئيساً للسلطة التنفيذية أو أن يتولى بنفسه هذا المنصب الذي سيصبح "وزيراً أول تنفيذياً" في غضون السنتين المقبلتين بحسب مشروع اتفاق اطلعت عليه وكالة فرانس برس. وغداة الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية في منتصف يونيو ندد عبد الله عبد الله الذي تقدم كثيرا على منافسه في الدورة الاولى للانتخابات الرئاسية (45% من الاصوات مقابل 31,6%)، بعمليات تزوير كثيفة مما اجج التوترات بين الطاجيك المؤيدين له والبشتون الداعمين لغني. وبهدف ابعاد مخاطر الاضطرابات السياسية وقع المرشحان مطلع اغسطس، في حضور وزير الخارجية الاميركي جون كيري اتفاقا حول مبدأ تشكيل حكومة وحدة وطنية ايا يكن الفائز في الانتخابات الرئاسية، لتجنب العودة الى الانقسامات الإتنية التي كانت سائدة ابان الحرب الاهلية في تسعينات القرن الماضي. الاتفاق الأمني ويتخوف المجتمع الدولي خاصة واشنطن الممول الرئيسي لأفغانستان، من مخاطر حصول اضطرابات سياسية قبل بضعة اشهر من انسحاب قوات حلف شمال الاطلسي المقرر أواخر هذا العام. لكن الاتفاق لا يلغي كليا مخاطر المواجهة في رأس هرم السلطة لأن الدستور يعطي الرئيس غالبية الصلاحيات. وفي الجانب الغربي أعرب الجنرال الاميركي فيليب بردلاف القائد الاعلى لقوات الحلف الاطلسي، السبت، في ختام اجتماع للجنة العسكرية للحلف الاطلسي في فيلنيوس، عن أمله في "توقيع سريع جداً على اتفاقات" تضع حداً للخلاف الانتخابي وفي تمكن التحالف من أن يوقع سريعاً اتفاقية أمنية مع كابول تؤطر الوجود العسكري الدولي بعد العام 2014. وكان كرزاي الذي تدهورت علاقاته مع راعيه الاميركي كثيرا في السنوات الاخيرة، رفض التوقيع على هذه الاتفاقية لكن غني وعبدالله أكدا كلاهما تأييدهما لها. وقد قررت قوة الحلف الاطلسي في افغانستان (ايساف) التي تعد اليوم 41 الف جندي، بينهم 29 الف اميركي، سحب كافة قواتها القتالية من البلاد بحلول نهاية العام بعد انتشار دام 13 عاما لم يسهم في هزم التمرد الذي تقوده طالبان. لكن الغربيين يرغبون في هذا الاطار ان تبقى قوة محدودة قوامها 12 الف عنصر غالبيتهم من الاميركيين في البلاد اعتبارا من العام 2015 لدعم القوات الافغانية في مواجهة طالبان. وهذا الاسبوع قتل ثلاثة جنود من الحلف الاطلسي -اميركيان وبولندي- في هجوم انتحاري في كابول وقع قرب مجمع سفارة الولاياتالمتحدة الكبير المحصن. وستقع على عاتق الحكومة الجديدة المهمة الحساسة للعمل على توفير الاستقرار والامن في البلاد التي تعد من افقر بلدان العالم وكذلك اعادة اطلاق اقتصادها في وقت بدأت فيه المساعدة الدولية بالنضوب. وقد تسعى الى اعادة اطلاق مشاريع التفاوض مع طالبان لوضع حد لنزاع ما زال يتسبب بسقوط ضحايا. فخلال الاشهر الثمانية الاولى من هذا العام ادت الحرب بحسب الاممالمتحدة الى سقوط اكثر من 2300 قتيل مدني افغاني، اي 15 % اكثر من العام الماضي خلال الفترة نفسها. ترحيب دولي وبعد توقيع الاتفاق اعربت الولاياتالمتحدة عن ارتياحها الاحد للاتفاق واعتبرته "فرصة هامة للوحدة". وقال المتحدث باسم البيت الابيض جوش ايرنست في بيان: "ان توقيع هذا الاتفاق السياسي يسهم في وضع حد للازمة السياسية في افغانستان ويعيد الثقة"، مؤكدا "اننا ندعم هذا الاتفاق ومستعدون للعمل مع الحكومة المقبلة لضمان نجاحه". كما رحب الامين العام لحلف شمال الاطلسي (ناتو) أنديرس فوج راسموسين بالاتفاق داعيا إلى التوقيع السريع على النصوص القانونية التي تمكن التحالف من تدريب القوات الافغانية بعد عام 2014. وقال راسموسين: "أتطلع.. إلى التوصل إلى الاتفاقيات الامنية الضرورية مع الولاياتالمتحدة والناتو في أقرب وقت ممكن كما تعهد المرشحان في رسالتهما المشتركة لقمة الناتو في ويلز". وأضاف: "إنها (الاتفاقيات الامنية) مهمة لاستقرار أفغانستان واستمرار دعم المجتمع الدولي". من جانبها، رحبت وزارة الخارجية الايرانية الأحد، بالاتفاق السياسي. وأفاد بيان للوزارة أن إيران "جارة أفغانستان أيدت دائماً السلام والأمن والاستقرار في هذا البلد وتشكيل حكومة موسعة" مشيرة الى ان هذا الاتفاق يؤكد "النضج السياسي للنخب والشعب في أفغانستان".