أصبحت تقنية التلفاز تعرض صورا لتمنحك إحساسا بأنك جزء مما تشاهده وتعطيك شعورا بالتعايش معه, وتم ذلك من خلال تقنية الشاشات ثلاثية الأبعاد التي كونت صورا فراغية لتعطيك الانطباع بوجودك داخل ما تشاهد. قلة من الأفلام المتوفرة في الأسواق التي تعتمد على هذه التقنية (اليوم) الشاشات ثلاثية الأبعاد أو ما تعرف ب»3D «وهو اختصار لكلمة «dimensional 3 « قد ابتكرت بنفس أسلوب عين الإنسان في الواقع بحيث أن كل عين تأخذ صورة مختلفة قليلا عن العين الأخرى فيقوم المخ بجمع الصورة من العين اليمنى و اليسرى لتشكل صورة واحدة , و من الاختلاف بين الصورة في العين اليسرى و العين اليمنى يستطيع المخ ترجمة ذلك إلى رؤية ثلاثية الأبعاد وهذا بالتحديد ما فعلته شركة «RealD» التي ابتكرت هذه التقنية, لكن هذه الفكرة ليست بجديدة حيث أن أولى محاولات لاستخدامها جرت خلال عدة سنوات مضت . و على الصعيد الآخر فإن هذه الشاشات لم تجد الإقبال المتوقع خاصة في الفترة الماضية لعدة أسباب يتركز أهمها في غلاء أسعار هذه الشاشات و احتياجها إلى نظارات خاصة للاستفادة من مميزات العرض ثلاثي الأبعاد , إضافة إلى قلة الأفلام المتوفرة في الأسواق التي تعتمد على هذه التقنية و افتقار الكثير من القنوات الفضائية التي تدعم هذه التقنية أثناء عرض ما تبثه. و تختلف أنواع النظارات المستخدمة للمشاهدة بين « “passive 3D glasses و التي تنقسم بدورها إلى قسمين باختلاف تقنيه العرض « anaglyph « و « polarized» والنوع الآخر هو « Active 3D glasses «. فنظارات « anaglyph « و التي تعتمد تقنية فصل الألوان تركز الفكرة على عرضها نفس الصورة بلونين مختلفين بجوار بعضهما البعض و يرتدي المشاهد نظارة من عدستين مختلفتين في اللون (عادة هما الأزرق و الأحمر و لكن هناك ألوان أخرى) فتسمح كل عدسة بمرور لون واحد فقط وتمنع اللون الثاني , فيتلقى المشاهد الصورة بشكل مختلف من كل عين على حدى , و في هذه الحالة يقوم المخ بدمج الصورتين معا في صورة واحدة لها تأثير ثلاثي الأبعاد . و هذه التقنية هي المنتشرة حاليا في الأفلام والصور ثلاثية الأبعاد الموجودة على شبكة الانترنت وبعض المحطات التلفزيونية التي تبث على الأقمار الصناعية, ولا تحتاج هذه التقنية لأي أدوات خاصة سوى توفر الفيلم المراد مشاهدته مع النظارات بالألوان المناسبة له ويمكن عرضها على أي شاشة من أي نوع. أما بالنسبة لنظارات ال «polarized» فهي تعتمد على نفس الفكرة مع استبدال اللونين المختلفين بصورتين مختلفتين في الاستقطاب (polarity) وتقوم النظارة بالسماح لكل عين برؤية صورة واحدة ليقوم المخ بتجمعهما معا و إحداث التأثير ثلاثي الأبعاد , و هذه التقنية منتشرة في الأفلام ثلاثية الأبعاد التي تعرض في السينما. أما النوع الثاني وهو ال «Active 3D glasses» فهي تعتمد على نظارات يتم توصيلها بشاشة العرض عادة عن طريق الأشعة تحت الحمراء «Infrared» وتتفاعل مع الشاشة عن طريق عرض صورة لإحدى العينين ثم الصورة التالية للعين الأخرى وهكذا حيث أن أي فيلم يتكون من صور متتالية يتم عرضها بسرعة لتراها العين صورة متحركة, إلا أنها تحتاج لتجهيزات خاصة عبارة عن شاشة داعمة لل «3D»و نظارة تفاعلية . و لابد للشاشة أن تكون بتردد 120 هرتز على الأقل حتى تتمكن من تشغيل خاصية ال «3D» علما بأنه يوجد حاليا شاشات بترددات حتى 240 هرتز . وتختلف بدورها عن شاشات الكومبيوتر, فأي شاشة كمبيوتر بتردد 120 هرتز يمكنها تشغيل ال «3D» في حالة توافر التجهيزات اللازمة من نظارة ووحدة أشعة تحت الحمراء والوصلات اللازمة(ولكن الوضع لا ينطبق على التلفزيون فلابد أن يكون معدا لاستقبال قنوات ال «3D» مع وجود جهاز استقبال الأشعة الحمراء مدمجا»3D ready», وليست كل التلفزيونات ذات تردد ال120 هرتز تصلح لتشغيل تقنية ال»3D». و قال سالم النهدي أحد مستخدمي هذه الشاشات : « لم أعتقد يوما أن أرى أجساما بكامل كتلتها تعرض بشكل ثلاثي الأبعاد , إلا أني على الصعيد الآخر أواجه صعوبات في عدم توفر القنوات الفضائية التي تدعم هذه التقنية في بثها, وقد لاحظت أنها تشكل دافعا للعنف لدى الأطفال بسبب كونها تجعلهم في جو من التعايش مع ما يشاهدون , مما قد يجعلهم يتأثرون بشكل أكبر من الشاشات العادية مما يشاهدونه, ولا أنكر كونها تعطي نوعا من الرفاهية و المتعة لم أره من قبل». وأشار عبدالرحمن المكري أحد متابعي تطور التكنولوجيا : « دائما ما أعشق متابعة كل جديد في مجال التكنولوجيا , إلا أنني لم أقتنع بشكل كامل بالتقنية الشاشات ثلاثية الأبعاد المتوفرة في الوقت الحالي , و يعود ذلك أساسا إلى وجود عدد قليل جدا من الأفلام و ألعاب الفيديو التي يمكن أن تستخدم هذه التقنية , وكونها تحتاج إلى نظارات خاصة كقيمة مضافة إلى أسعارها المرتفعة.