برزت أهمية النقل العام من الدراسات الحضرية التي أجرتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض ضمن أعمال مشروع المخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض والتي أشارت إلى أنه من المتوقع أن يستمر النمو السكاني والاتساع العمراني وما يتولد عنهما من زيادة في حجم الحركة المرورية المتولدة في المدينة لسنوات عدة قادمة . حيث تشير نتائج دراسات مشروع المخطط الاستراتيجي الشامل بمدينة الرياض إلى أن عدد الرحلات اليومية قد بلغ حوالي 5.5 مليون رحلة مركبة , وأن حوالي 92% من هذه الرحلات يتم القيام بها بواسطة المركبة الخاصة , وأنه بحلول العام 1442 ه سوف يتضاعف عدد الرحلات التي تقطعها المركبات يوميا على الطرق في مدينة الرياض بمقدار ثلاث مرات مقارنة بالعدد الحالي , بينما سينخفض متوسط سرعة المركبات إلى حوالي النصف . وفي ظل استمرار السياسات الحالية , سيؤدي تضاعف عدد الرحلات في المستقبل إلى تدني مستوى الخدمة على الطرق نتيجة الازدحام الذي من المتوقع أن تشهده معظم عناصر شبكة الطرق الرئيسية , وكذلك إلى ازدياد متوسط طول الرحلات , وزيادة في عدد الحوادث المرورية , وما يصاحب كل ذلك من هدر اقتصادي وتلوث بيئي. ولمواجهة هذه التحديات فيما يتعلق بتفعيل وتحسين أداء نظام النقل بالمدينة فقد تم خلال المرحلة الثانية من مشروع المخطط الاستراتيجي الشامل التوصل إلى عدد من السياسات والإجراءات خلال مرحلة إعداد الإطار الاستراتيجي للخمسة وعشرين عاما القادمة . وتشمل هذه المقترحات بصورة عامة الاستمرار في تشييد ورفع مستوى عناصر شبكة الطرق ومرافق النقل , والتوسع في تطبيق عناصر الإدارة المرورية من خلال الخطط والبرامج المتكاملة لتحسين السلامة والتحكم في الآثار البيئية الناجمة عن تشغيل نظام النقل , والبداية تدريجيا في تطبيق بعض معايير إدارة الطلب على التنقل وتطوير نماذج أكثر كفاءة لاستخدامات الأراضي , وزيادة المساهمة الاقتصادية والمالية لقطاع النقل , وإدخال نظام نقل عام آمن وفاعل , وتحسين الترتيبات المؤسسية , وزيادة عدد وكفاءة الموارد البشرية القائمة على إدارة وتشغيل النقل . وقد تمت بلورة هذه الموجهات العامة لتشكل ستة محاور أساسية تم اعتمادها كاسترتيجية لتطوير وتحسين أداء نظام النقل بالمدينة . استراتيجية نظام النقل المنبثقة من المخطط الاستراتيجي الشامل : أقرت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض استرتيجية التطوير الحضري بمدينة الرياض للعشرين سنة القادمة ضمن أعمال المرحلة الثانية للمخطط الاستراتيجي الشامل للمدينة وذلك في اجتماعها الأول لعام 1421ه . وقد عني مشروع المخطط الاستراتيجي الشامل في مجال النقل بوضع استراتيجية متكاملة لتطوير نظام النقل بالمدينة في ظل استرتيجية التطوير الشامل بالمدينة . وتهدف استرتيجية تطوير نظام النقل إلى توفير سبل التنقل الآمن واليسير من خلال تطوير نظام نقل مستديم يفي بمتطلبات التنقل القائمة والمتوقعة في المدينة ويساهم في توجيه التطوير الحضري وذلك من خلال العمل على المحاور التالية: أولا : تطوير عناصر شبكة الطرق ومرافق النقل في المدينة , برفع كفاءة العناصر القائمة وإضافة عناصر جديدة وتحديد أولويات التطوير في ظل استراتيجية التطوير الشامل للمدينة وذلك للمساهمة في الإيفاء بمتطلبات التنقل القائمة والمتوقعة . ثانيا : زيادة خيارات النقل وتوفير بدائل فاعلة للتنقل لجميع فئات المجتمع تقلل من الاعتماد على المركبات الخاصة وتساهم في الحفاظ على سلامة البيئة من خلال تطوير وتفعيل نظام النقل العام بالمدينة وتحسين بيئة المشاة في الأحياء السكنية ومناطق التسوق. ثالثا : توصيف برنامج إدارة مرورية شامل يعنى برفع كفاءة تشغيل نظام النقل ورفع مستوى السلامة المرورية على شبكة الطرق وإدارة الطلب المروري وتوظيف التقنيات الحديثة المناسبة لرفع كفاءة الأداء . رابعا : وضع المعايير الكفيلة بتحقيق التكامل بين توزيع استخدامات الأراضي والأنشطة الحضرية المختلفة وتطوير عناصر نظام النقل بشكل يساعد على ترشيد استخدام هذا النظام وتقصير مسافات التنقل وتقليل عدد الرحلات . خامسا : تقويم بدائل تمويل واستثمار عناصر نظام النقل المختلفة بالمدينة بغية التقليل من الاعتماد على الدعم الحكومي وزيادة الاعتماد على تمويل القطاع الخاص مع الحرص على رفع كفاءة الأداء . سادسا : تطوير وتفعيل الهياكل الإدارية والكوادر البشرية والإمكانيات التقنية القادرة على تقويم أداء نظام النقل باستمرار وتوصيف الإجراءات الكفيلة بتطوير وتحديث هذا النظام بما يتلاءم مع متطلبات التنقل القائمة والمتوقعة بالمدينة . مشروع النقل العام بمدينة الرياض ( المرحلة الأولى ) : بالرغم من وجود عدد من الصعوبات التي من المتوقع أن تواجه تطبيق هذا المخطط الاستراتيجي الموسع لقطاع النقل , نجد أن من أكثر القضايا الحرجة تلك المتعلقة بمستقبل دور النقل العام في المدينة , حيث اتضح أنه من المهم تخطي الكثير من العقبات لإيجاد نظام نقل عام يساهم بفاعلية أكثر في توفير وسائل التنقل بالمدينة , ويكون جاذبا لسكانها . وفي ضوء ما سبق فقد تم وضع برنامج متعدد العناصر لتطوير النقل العام كجزء من استراتيجية النقل . وتتكون العناصر الرئيسية لهذا البرنامج من إجراءات عاجلة تشمل إعداد دراسة المرحلة الأولى لمشروع النقل العام, ليتم تشييده على مسار محدد , وإدخال بعض الإصلاحات المؤسسية , والبدء في إعداد دراسة شاملة لتقويم بدائل للنقل العام ليتم تعميمه على المدينة على المدى الطويل , وتحديد حماية حرم الطريق الذي من المتوقع أن يخصص للنقل العام خاصة في مناطق التطوير الجديدة . وقد قامت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بتنظيم ورشة العمل تم فيها مناقشة دور النقل العام في المدينة في الوضع الراهن والمستقبل المنظور وطبيعة هذا النظام والمتطلبات الإدارية والفنية اللازمة لتطويره وإدارته وسبل مشاركة القطاع الخاص في استثماره . وقد كان من أهم توصيات هذه الورشة البدء بأسرع وقت ممكن في إعداد دراسة المرحلة الأولى لمشروع النقل العام بمدينة الرياض . أهداف المشروع : تهدف المرحلة الأولى لمشروع النقل العام إلى : * جذب أكبر عدد من مستخدمي المركبات الخاصة لاستخدام وسائل النقل العام كبديل لاستخدام المركبات الخاصة مما يساعد على تقليل حجم الحركة المرورية بالمدينة حيث تبين الدراسات التشخيصية والتحليلية لخصائص التنقل في المدينة أن حوالي 92% من الرحلات اليومية تتم بواسطة المركبة الخاصة . * وضع خطة مناسبة لتيسير مشاركة القطاع الخاص وتقليل الاعتماد على القطاع العام في تمويل وتشغيل المشروع , وذلك من خلال تقويم عدد من البدائل التمويلية والاستثمارية والإدارية , حيث تشير التجارب العالمية المتميزة أن هناك فرصا مجدية لمشاركة القطاع الخاص إذا ما توفرت الظروف المناسبة . كما تعرض هذه التجارب سبلا إدارية مبتكرة تساهم في إنجاح ورفع كفاءة نظم النقل العام بالمدن الكبرى . * نقل وتوطين التقنية والخبرات العالمية المناسبة في هذا المجال من خلال تدريب وتأهيل الكادر المحلي . * إيجاد قاعدة تعليمية يمكن أن يستفاد منها في إعداد الدراسة الشاملة للنقل العام في مدينة الرياض وأيضا في تعميم نظام النقل العام بالمدينة . الحركة المرورية في مدينة الرياض حاضرا ومستقبلا : تتميز الرياض بارتفاع معدل ملكية واستخدام السيارة الخاصة , والاعتماد على النقل الخاص بالنسبة لمعظم أنشطة الأسر . ونتيجة لهذا يشاهد حاليا حدوث ازدحام في الحركة المرورية وتأخير في حركة السير على الطرق السريعة مثل طريق الملك فهد وطريق مكةالمكرمة وبعض الطرق الرئيسية أثناء فترات الذروة الصباحية والمسائية , وكذلك في وحول الكثير من الشوارع التي تخدم أنشطة تجارية مكثفة مثل شارع العليا وشارع البطحاء أثناء فترات متأخرة من المساء وخلال يومي نهاية الأسبوع بغرض التسوق . ومن المؤكد أن أوقات الازدحام سوف تزداد ومناطق الازدحام سوف تتسع مع اتساع المدينة وزيادة الطلب على التنقل , ليس فقط لأغراض التسوق ولكن لمختلف الأغراض الأخرى مثل العمل والدراسة وغيرها , حيث يتضح أنه بدون اتخاذ قرار حاسم سوف تزداد الاختناقات المرورية وستعاني مناطق أكبر في المدينة من تدني مستوى الخدمة لكثير من عناصر شبكة الطرق نتيجة ازدحامها بالسيارات لفترات طويلة من اليوم . ومن الواضح أن هذا سيقود إلى تدهور في جودة الحياة بالمدينة وتدني النمو الاقتصادي . كما سيؤدي استمرار الاعتماد الكبير على المركبة الخاصة إلى مزيد من الازدحام ومزيد من الإحباط ومزيد من الحوادث المرورية , وما يرافقها من خسائر في الأرواح والممتلكات , وغالبا ما يتأثر بكل هذا النشاط الاقتصادي للأشخاص الفاعلين وسط الأسر , كما سيرافق هذا الوضع مستويات متدنية لصحة البيئة نتيجة للاستخدام المكثف للمركبات الخاصة وما تفرزه من ملوثات بيئية عديدة . الحل : نظام نقل عام فاعل ومتطور : أوضحت الدروس والتجارب العالمية أن إنشاء النقل العام ليس كافيا بحد ذاته لجذب الركاب إليه , حيث يعتقد مستخدمو المركبة الخاصة أن النقل العام الحالي غير مواكب , ولا يعتمد عليه , وغير مريح وغير ملائم , ولكن إذا قام النقل العام على أسس منتظمة يمكن أن يكون حديث ويعتمد عليه , ومريحا وملائما ويتمكن من جذب مستخدمين جدد . وعموما هناك ضرورة لاتخاذ إجراءات تحفظية تساعد في زيادة فوائد وجاذبية النقل العام وفي نفس الوقت تحد من ملاءمة استخدام المركبة الخاصة , وهي إجراءات قد لا يجد بعضها القبول لدى مجتمع يعتمد على المركبة الخاصة . يتخذ الناس - عادة - خيارهم فيما يتعلق بوسائط النقل التي سيستخدمونها اعتمادا على إدراكهم وفهمهم بالنسبة لعناصر تكلفة الرحلة , وطولها , وإمكانية توفير وسيلة النقل للخدمة وقت الحاجة إليها , والانطباع العام الذي يتركه استخدام هذا الوسيط أو غيره , والراحة المتوفرة أثناء زمن الرحلة من الباب إلى الباب . وفي بعض الأحيان قد يكون الإحساس بكل من هذه العوامل خاطئا , فقد تكون تكلفة استخدام المركبة الخاصة أكبر , والوقت الذي تستغرقه الرحلة من الباب إلى الباب أطول , وإمكانية تواجد المركبة الخاصة بصورة مباشرة غير متوفرة . وعليه فمن المهم توضيح المفاهيم الخاطئة واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتوفير نظرة متوازنة تساعد على توضيح مزايا النقل العام . وبالرغم من وجود بعض مستخدمي المركبة الخاصة الذين يصعب إقناعهم بالتحول إلى النقل العام , مهما ترك من انطباع إيجابي , ومهما زادت حدة الاختناقات المرورية , لكن تشير بعض التجارب العالمية إلى إمكانية جذب بعض المجموعات إلى استخدام النقل العام مثل الرحلات إلى العمل أو الدراسة , حيث عادة ما يسهل إقناع هذه المجموعات باستخدام النقل العام . السوق المتوقع والجمهور المستهدف : تشهد مدينة الرياض حاليا حوالي 10 ملايين رحلة فرد يوميا تتم بواسطة المركبة الخاصة , وهذا يعني أن تحول 10% من هذه الرحلات في حال توفر نظام نقل عام حديث يؤدي إلى خلق سوق للنقل العام يقدر حجمه بمليون راكب في اليوم . وبناء على ذلك يمكن تقدير حجم سوق النقل العام بحلول عام 1442ه بحوالي 3.3 مليون راكب في اليوم كحد أدنى . وهذا يعتبر من أدنى المتطلبات التي يمكن أن يبدأ منها في معالجة مشكلة الاختناقات المرورية . ومن الممكن أن يؤدي نظام النقل العام الحديث الشامل إلى تحول جذري في اختيار وسائط التنقل . وقد اتضح توزيع الرحلات حسب الغرض في مدينة الرياض أن 32% من هذه الرحلات هي رحلات لأغراض العمل , و 27% لأغرض الدراسة , وتشكل باقي أغراض الرحلات مجتمعة نسبة 41% . وحتى يكون النقل ناجحا في مرحلته الأولى من الضروري الاهتمام باحتياجات مجموعتي رحلات العمل والدراسة. بدائل مسارات الخدمة : قامت الهيئة بعدة مقابلات ومسوحات ميدانية ومراجعة دراسات سابقة لمعرفة المسارات التي كانت تخدمها حافلات الشركة السعودية للنقل الجماعي ( سابتكو ) , والمسارات التي تخدمها حافلات النقل العام الأهلية ( الكوستر ) , وكذلك لمعرفة التجمعات والمناطق التي من الممكن أن تشكل سوقا محتملة للنقل العام , وبعد مناقشات مستفيضة مع مجموعات مختلفة من المستخدمين المتوقعين لنظام النقل العام , تم اختيار عدد من البدائل المكانية بلغ عددها 12 مسارا تخدم محاور أو مناطق محددة في المدينة . ولتقويم هذه البدائل واختيار المناسب منها تمت دراسة مناطق الجذب الرئيسية لكل من الطرق والمناطق المقترحة , وحجم الحركة المرورية على كل منها , وذلك من خلال تطوير نماذج شملت توزيع السكان , والاستخدامات التجارية والمكتبية والتعليمية , والتعدادات المرورية المتوفرة , كما تم تطوير عدد من المعايير تطبق على كل من البدائل المقترحة للمساعدة في اختيار البديل الأنسب ولترتيب أولويات تنفيذ إنشاء نظام النقل العام بالمدينة , وقد شملت هذه المعايير : * توفر إمكانية استخدام النقل العام من قبل المرتبطين بالمسار * إمكانية تطبيق إجراءات تساعد على استخدام النقل العام * توفر إمكانية المشاركة بين القطاعين العام والخاص في تمويل وتشغيل الخدمة * تحقيق التكامل بين استعمالات الأراضي ونظام النقل * المساهمة في دعم الدراسة الشاملة للنقل العام * دعم استراتيجية التطوير الحضري * إمكانية تجنب المخاطر غير الضرورية * مدة وقابلية التنفيذ * التخفيف من حدة الازدحام المروري * إمكانية تطبيق التجربة في أماكن أخرى * توفير إمكانية استخدام تقنيات متطورة * يتماشى مع التجارب العالمية * إمكانية البيع " التحويل " للقطاع الخاص وقد تم تقويم البدائل المكانية المقترحة وفق المعايير المذكورة أعلاه حيث تم تصنيف هذه البدائل وفق درجة ملاءمتها . وفي ضوء ذلك تم اختيار البدائل الثلاثة الأولى لمزيد من الدراسة والتحليل وهي : 1- محور العليا البطحاء 2- محور طريق الأمير عبدالله 3- محور طريق الملك عبدالعزيز بدائل وسائط النقل العام : تم تقويم معظم البدائل المستخدمة عالميا ضمن وسائط النقل العام , وهي قطارات السكة الحديد الثقيلة , وقطارات السكة الحديد الخفيفة , ومترو الأنفاق , والحافلات بمختلف أنواعها ومختلف طرق تشغيلها , وعربات النقل الصغيرة عالية التواتر , وذلك من خلال تطبيق عدد من المعايير الأساسية التي تشمل كلا من الطاقة الاستيعابية , والسرعة , إلى جانب بعض المعايير الأخرى مثل إمكانية استخدام تقنية معلومات متقدمة , وإمكانية التشغيل في مواقع أخرى , وقابلية التوسع في الطاقة الاستيعابية , والتغطية المكانية , ودعم استراتيجية التطوير الحضري , وملاءمة التقنية لمتطلبات المستخدمين , وطول مدة التنفيذ التحتية المطلوبة . وبناء على ذلك أظهرت نتائج التقويم إمكانية تقسيم الوسائط المذكورة إلى أقسام وهي : وسائط لا داعي للتوسع في دراساتها خاصة في الوقت الحالي والمستقبل المنظور , وأخرى يمكن إرجاء التفكير بها إلى وقت لاحق , ووسائط يمكن تشغيلها فورا . التقنيات التي يتعين عدم دراستها في الوقت الحالي : 1- النقل المنتظم بالسكة الحديد الثقيلة 2- أنظمة النقل السريع للأفراد بواسطة عربات صغيرة أتوماتيكية. التقنيات التي يتعين أخذها بعين الاعتبار ( لكن تتسم ببعض القيود ) : 1- أنظمة النقل بواسطة السكة الحديد الأحادية الأوتوماتيكية 2- أنظمة قطارات الأنفاق 3- النقل على مسارات الأولوية للعربات ذات الطاقة الاستيعابية العالية والحافلات الأنظمة التي يتعين دراستها فورا : 1- النقل بواسطة السكة الحديد الخفيفة : توفر أنظمة السكة الحديد الخفيفة مستوى من الخدمة يعد كافيا للاستيفاء بالمتطلبات اللازمة لمعظم المدن التي يتوقع أن يكون حجم الإركاب فيها متوسط الحجم . ومن مميزات تشغيلها أنها عادة تفصل عن حركة سير العربات بواسطة فاصل وسطي أو بواسطة تشغيلها على حرم طريق خاص بها , ولكن يتم تشغيل بعضها على الشارع نفسه خاصة عندما تكون الشوارع ضيقة . وتتكون القطارات الخفيفة من عدة وحدات لكن نادرا ما يتعدى طولها 80 مترا . قد تكون أرضية العربات منخفضة أو عالية اعتمادا على تصميم محطات الوقوف وحجم المساحة المتوفرة للمواقف . وفي هذه القطارات تستخدم الطاقة الكهربائية لتشغيلها حيث يتم تزويدها بها من خلال سلسلة علوية . عرض معظم عربات السكة الحديد الخفيفة حوالي 2.65 مترا , وتوفر خليطا من مساحات الجلوس والوقوف داخل عربة يبلغ طولها 35-20 مترا , وتحتوي على 5-2 باب للوحدة . تبلغ المسافة بين محطات الوقوف بين 400-500 متر , وسرعة التشغيل في حدود 25-20 مترا/الساعة , بما في ذلك زمن التوقف في المحطات والتوقف عند إشارات المرور الضوئية . تعتبر العربة ذات الأرضية العالية أكثر بساطة في التصميم مقارنة بالعربة ذات الأرضية المنخفضة ومن ثم أقل تكلفة . 2- النقل بواسطة الحافلات والأنظمة المرتبطة بها : تعتبر الأنظمة المبنية على الحافلات التقليدية من بين كافة أنظمة النقل العام الأكثر مرونة ويمكن أن توفر درجة عالية من إمكانية الوصول حيث أن معظم الطرق يمكن أن تستوعب العربات. عليه , يمكن إعطاء الأولوية للحافلات بعدة طرق . تتطلب الحافلات المسيرة ومسارات الحافلات الموجهة فصلا ماديا بين حركة المرور الأخرى , بينما يتطلب مسار الحافلات التقليدية فرض قانون الحركة المرورية لتنفيذه . هناك العديد من أنظمة تقنية المعلومات المتوفرة التي تمد الركاب بالمعلومات في محطات التوقف وتعطي الحافلات الأولوية عند تقاطعات الطرق . تعتبر سرعة الحافلات والمسافات بينها متماثلة تقريبا مع الترام , إلا أنه قد تكون في بعض الأحيان أكبر , إذا كانت الحافلات تعمل بدون توقف . تتفاوت الحافلات تفاوتا كبيرا في أحجامها ووحدات الطاقة لديها والتصميم الداخلي . وفي العادة تكون محطات توقف الحافلات على الرصيف , غير أنه من المهم أن تكون للحافلات المسيرة والحافلات الموجهة محطات توقف منفصلة بالقرب من مسار التوجيه . الإطار المؤسسي والقانوني للنقل العام بمدينة الرياض * الإطار المؤسسي : ترتبط في الوقت الحاضر عدة جهات حكومية بالنقل العام , فإلى جانب الشركة السعودية للنقل الجماعي ( سابتكو ) التي تقوم بتشغيل الحافلات المحلية ليس فقط بالنسبة لمدينة الرياض ولكن لكل مدن المملكة , هناك أيضا وزارة النقل ممثلة في وكالة الوزارة لشئون النقل , وهي المسئولة عن وضع السياسات العامة ومنح التراخيص لكل أشكال النقل العام التي تعمل داخل مدن المملكة , وأمانة مدينة الرياض , وإدارة مرور منطقة الرياض , وإضافة إلى الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض . وحيث ثبت من التجربة أن الوضع الحالي لا يفي بمتطلبات تشغيل وإدارة نظام نقل عام ناجح , ونظرا لما تتمتع به مدينة الرياض من وجود الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض التي تضم ممثلين على مستوى عال لأهم الجهات التنفيذية والخدمية بالمدينة مثل وزارة النقل , ووزارة الشئون البلدية والقروية , ووزارة المالية , وأمانة مدينة الرياض , وممثلين للقطاع الخاص , ترى الدراسة أنه من المناسب أن ترتبط هيئة النقل العام بمدينة الرياض بالهيئة العليا لتطوير الرياض , وذلك من خلال مجلس الإدارة الذي يتوقع أن يتم تكوينه من الجهات الحكومية ذات العلاقة وبمشاركة القطاع الخاص , على أن تتم مراقبة وتقويم أدائه من قبل الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض من خلال تقارير دورية يرفعها رئيس مجلس إدارة هيئة النقل العام إلى رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض أو من ينوب عنه . من المتوقع لهذه الهيئة أن تكون صغيرة الحجم ولكن ذات صلاحيات تنفيذية واسعة تمكنها من إدارة سياسة النقل العام ومراقبة وتنفيذ المرحلة الأولى من مشروع النقل العام . كما يتوقع أن توفر مشاركة القطاع الخاص فرصة اختيار من سيكون مسئولا عن شراء المركبات والمعدات ويقوم بتشغيل النظام لضمان تقديم خدمة متميزة . ويوصى بالاستفادة من الخبرات العالمية المتوفرة في دعم المشروع حتى يصل إلى مرحلة التشغيل بصورة سلسة . * الإطار القانوني : من المتوقع أن يفرز إنشاء نظام نقل عام جديد تجارب وأساليب جديدة يصعب استيعابها في ظل القوانين الحالية , وقد تحتاج هذه القوانين إلى تشريعات جديدة لتقويتها , فتكوين هيئة النقل العام وتطوير أساليب لتمويله قد يتطلب الموافقة الإدارية وربما الموافقة التشريعية . عليه يتوقع تشكيل لجنة ذات مستوى عال لمتابعة المتطلبات المؤسسية والتشريعية والقانونية لتنفيذ هذا المشروع الحيوي والضروري لمدينة الرياض. التكلفة والتمويل : تعتبر مشاريع النقل العام الكبيرة والجديدة متشعبة من الناحية الفنية , وتتطلب عددا من المهارات المهنية المتخصصة لتصل بالمشروع إلى مرحلة التشغيل , كما تتطلب أعمالا مكلفة في مجال التشييد وتوفير متطلبات عناصر النظام التي يحتاجها في مراحل التشغيل المختلفة , وهذا ما يتم تمويله عادة بواسطة الدولة . وبعد شراء مركبات ومعدات عالية التقنية , وهنا توجد فرصة كبيرة لمشاركة القطاع الخاص سواء المحلي أو الأجنبي . التكلفة : تقدر تكلفة إنشاء نظام السكة الحديد الخفيفة المقترح على مسار محور العليا البطحاء والبالغ طوله 25 كم بحوالي 940 مليون ريال تفاصيلها كالآتي : 680 مليون ريال لإنشاء السكة الحديد والمحطات ومواقف الانتظار ومراكز الصيانة. 200 مليون ريال لشراء القطارات ( 22 ) وحدة . 25 مليون ريال تكلفة التشغيل السنوية . 21 مليون ريال لشراء الحافلات المساندة ( نقل الركاب من وإلى المحطات والمواقف ). 14 مليون ريال التكلفة السنوية لتشغيل هذه الحافلات . بينما تقدر تكاليف إنشاء النظام على محور طريق الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بحوالي 565 مليون ريال في حالة أن يمتد المسار شرقا ليبدأ من استاد الملك فهد , و450 مليون ريال إذا بدأ المسار من الطريق الدائري الشرقي , وتفاصيلها كالآتي : 270 مليون ريال لإنشاء السكة الحديد والمحطات ومواقف الانتظار ومراكز الصيانة, 140 مليون ريال لشراء القطارات (15 ) وحدة, 15 مليون ريال تكلفة التشغيل السنوية , 15مليون ريال لشراء الحافلات المساندة ( نقل الركاب من وإلى المحطات والمواقف ), 10 ملايين ريال التكلفة السنوية لتشغيل هذه الحافلات . تجارب عالمية حول تمويل مشاريع النقل العام : تشير التجارب العالمية الناجحة إلى أن القطاع العام هو الممول الرئيسي للبنية التحتية للنظام شأنها في ذلك شأن إنشاء الطرق ومرافق النقل الأخرى . أما الوحدات المتحركة ( عربات القطار ) فيمكن أن يشارك في تمويلها القطاع الخاص عبر مستثمرين من أصحاب صناعة وتشغيل نظم النقل العام . ومن التجارب التي تمت دراستها : * قامت بلدية شتوتغارد الألمانية باستثمار 2 مليار يورو ( حوالي 7.3 مليار ريال ) خلال 25 سنة في إنشاء السكة الحديدية الخاصة بالقطارات الخفيفة والتي يبلغ طولها 109 كلم , حيث تقدر تكلفة إنشاء الكيلومتر الواحد بنحو 8-7 ملايين يورو ( حوالي 25 مليون ريال ) في الأرض المسطحة , وحوالي 25 مليون يورو ( 90 مليون ريال ) للأنفاق . أما خدمات النقل بالحافلات فتغطي حوالي 416 كلم تعمل عليها 233 حافلة ولها أولوية عند إشارات المرور الضوئية وتعمل بنظام التحكم الأوتوماتيكي بالمركبة , ويزود الركاب بمعلومات متجددة في جميع المحطات البالغ عددها أكثر من 700 محطة . * يبلغ الدعم الحكومي للنقل العام بالمدينة ما يعادل 95 يورو ( حوالي 350 ريال ) سنويا عن كل فرد من سكانها البالغ عددهم حوالي 600 ألف نسمة ليبلغ أكثر من 200 مليون ريال سنويا . * أما في مدينة برلين وبالرغم من أن المدينة تعاني شحا في مواردها المالية إلا أن بلدية برلين تدعم النقل العام لشعورهم بأهميته , حيث بلغ دعم البلدية للنقل العام خلال عام 2001م 80 مليون يورو ( حوالي 290 مليون ريال ) في حين كان دعمها للطرق يقدر بربع هذا المبلغ . مقترحات لتمويل النقل العام بمدينة الرياض : على جانب ضرورة دعم الدولة لمشاريع النقل العام , تشير العديد من التجارب العالمية إلى إمكانية تطوير عناصر نظام النقل العام باستخدام وتوظيف عائدات من عناصر نظام النقل الأخرى ذات المردود المادي فعلى سبيل المثال : * يمكن توفير ما يقارب من 84 مليون ريال سنويا عند إضافة 2 هللة إلى ثمن كل لتر وقود يستخدم بمدينة الرياض في الوقت الحالي , ومع الزيادة المستمرة في استهلاك الوقود بالمدينة فإن مجموع التوفير من الوقود المستهلك يمكن أن يصل إلى 530 مليون ريال في السنوات الخمس القادمة . * كما يمكن رصد مبلغ 35 مليون ريال سنويا أو 200 مليون ريال خلال السنوات الخمس القادمة عند إضافة 100 ريال رسم استصدار أو تجديد استمارة المركبة الخاصة . * وكذلك فإن إضافة مبلغ 50 مليون ريال إلى رسوم تجديد أو استصدار رخصة القيادة سيوفر حوالي 70مليون ريال خلال خمس سنوات . * كما يمكن رصد مبالغ كبيرة عند تزويد مواقف المركبات الخاصة على الشوارع الرئيسية بعدادات مأجورة وكذلك عند تطبيق رسوم على رخص سيارات الأجرة وعند اقتطاع جزء من المخالفات المرورية وغير ذلك من الإجراءات . إن تطبيق مثل هذه الإجراءات لا يؤدي فقط إلى توفير الموارد المالية اللازمة لتطوير وتشغيل نظم نقل عام متطورة وفاعلة بل يؤدي أيضا إلى جذب عدد من مستخدمي المركبات الخاصة لاستخدام وسائل النقل العام كبديل لاستخدام المركبة الخاصة مما يساعد على تقليل حجم الحركة المرورية بالمدينة . فوائد المشروع : أوضحت التجارب العالمية أن الجدوى الاقتصادية بمشاريع النقل العام تعتمد على معادلات معقدة لاتهتم فقط بالتكلفة والعائد المباشر بقدر ما يكون تركيزها على الفوائد الأخرى التي تعود على المدينة وسكانها , حيث تشتمل الفوائد إلى جانب العائد المباشر من التذاكر والإعلانات على فوائد غير مباشرة , مثل الحد من الاختناقات المرورية ومن الحوادث وما ينتج عنها من وفيات وإصابات وتلفيات , ومن التلوث , وقد تم اعتماد قيم مادية محددة لحساب الفوائد غير المباشرة . ويتوقع لنظام النقل العام الجديد أن يأتي بأشياء جيدة كثيرة ويوفر فرصا جديدة لتحسين الحياة اليومية لسكان الرياض . حيث أنه سيزيد من استقلالية أولئك المعتمدين على المركبة الخاصة , ويوفر خدمة سريعة وعالية التواتر طوال اليوم بين شمال وجنوب المدينة وشرقها وغربها مرورا بوسط المدينة . ويمكن مستخدمي المركبة الخاصة من تركها في مواقف مخصصة ومواصلة رحلتهم بالنقل العام بصورة آمنة ومريحة وفي مركبات مكيفة . وسيكون بمقدور سكان مدينة الرياض أن يفخروا بأنهم أسسوا لبدايات واحد من أفضل وأحدث أنظمة النقل العام والتي يمكن الاستمرار في توسعته ليشمل شبكة واسعة من الخدمات لخدمة معظم أجزاء المدينة . وعموما هناك فوائد أخرى يمكن إبرازها ومنها : الحد من استخدام المركبة الخاصة من خلال الاستخدام الأكثر للنقل العام سيؤدي إلى تقليل الازدحام المروري , وبالتالي يقلل من عدد الحوادث والإصابات وفقدان الحياة ولتحسين بيئة المدينة بالحد من التلوث . ويمكن من خلال استخدام نماذج تخطيط النقل حساب التأثيرات الاقتصادية وذلك عند اكتمال شبكة النقل العام ليبلغ طولها حوالي 10% من رحلات المركبة الخاصة إلى النقل العام . تقدر الفوائد الاقتصادية بعد خصم التكاليف المباشرة لتشغيل النظام العام بأكثر من ألف مليون دولار في السنة , وينتج عن هذا معدل فائدة عالي يزيد عن 4 أضعاف تكلفة الاستثمار السنوية المقدرة بحوالي 110 ملايين ريال , والتي يتم حسابها بجمع تكلفة البنية التحتية ومتطلباتها وتكلفة الوحدات المتحركة والصيانة وقسمة المجموع على العمر التقديري للمشروع , ويضاف إلى ذلك التكلفة السنوية للتشغيل.