مع الجلسة الاولى التي حملت عنوان: (المكتبات وصناعة النشر) بدأت فعاليات الملتقى الاول للمثقفين السعوديين، وقد اشتملت هذه الجلسة التي ادارها الدكتور عباس طاشكندي ست ورقات عمل لكل من: د. احمد الضبيب، د. عبدالعزيز العبيكان، د. هشام عبدالله عباس، وعبدالله الماجد، وعبدالعزيز القاسم، في البداية تحدث د. الضبيب مركزا على مكتبات الطفل، مشيرا الى انه برغم الاهتمام الواضح بالطفل من حيث صحته وغذاؤه والخدمات التعليمية، وعلى الرغم من ان خطط التنمية تؤكد على العناية بالطفل في مجالات مختلفة، كما ان المنظمات الدولية والاقليمية تنص على ضرورة العناية بالطفل مما جعل المملكة تستجيب للدعوات بتشكيل لجنة وزارات التخطيط والرئاسة العامة لتعليم البنات، الا ان الاهتمام بثقافة الطفل وتنمية معارفه خارج الاطار المدرسي، وادخاله عصر المعلومات لا تزال قاصرة، ويتأكد ذلك في افتقار المملكة الى مكتبات خاصة بالاطفال على نطاق كبير، واذا استثنينا في مجال المكتبات العامة مكتبتي الملك عبدالعزيز العامة التي تخصص مكتبة جيدة للاطفال، ومكتبة مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث الاسلامية التي تضم مكتبة متميزة اخرى للاطفال فاننا لانكاد نجد مكتبات متفرغة للاطفال غيرهما. وخلال ورقته المطولة قدم د. الضبيب رصدا لواقع النشر وصناعة الكتاب الخاص بالطفل، مستشهدا بالعديد من الدراسات والاحصاءات العالمية في هذا الخصوص ليبين الفجوة الكبيرة بين ما هو معمول به في دول العالم المتقدم وما هو كائن في المملكة. ومن جانبه تحدث الدكتور هشام العباس عن المكتبات العامة في المملكة (الواقع والمأمول) مضمنا ورقته العديد من التوصيات المهمة التي من شأنها تفعيل دور تلك المكتبات بما يعود على ثقافة الطفل في المملكة، موصيا بضرورة توفر مناخ ديمقراطي او (شوري) واحترام القوانين وحقوق الملكية الفكرية والامن، وخفض مستوى الفساد الحكومي، وتشجيع استثمار القطاع الخاص في انشاء مرافق المعلومات (المكتبات العامة) وتخفيض او الغاء الجمارك على استيراد اوعية وتقنيات المعلومات والمساندة القوية لبرامج القراءة للجميع، والاستثمار في القوى البشرية، والارتقاء بالتعليم والتدريب والصحة وتوعية المجتمع. كما اشار العباس الى ضرورة وضع سياسات واجراءات تفصيلية عملية لتحقيق اهداف الاستراتيجية الثقافية تحت رعاية ودعم ملكي قوي، وتضييق الفجوة المعلوماتية التي تتطلب وجود شبكات معلوماتية واتصالات قوية تعتمد على تعليم متميز وبنية تحتية كافية، وضرورة العودة الى (الوقف) ليكن طريقا نحو بناء حركة مكتبية زاهرة في العالم العربي كما كان عليه الامر في الماضي، وهو ما يتطلب بث الوعي بين الاثرياء والعلماء باتخاذ هذا الاسلوب ليكون مصدرا من مصادر العمل الخيري البناء للمجتمع. الواقع والمشاكل وفي ورقته التي جاءت بعنوان (صناعة النشر الواقع والمشاكل.. رؤية نقدية) تحدث الناشر عبدالماجد عن ما هية الناشر عالميا وعربيا كاشفا الفوارق الشاسعة بين حركة النشر ودور الناشر في العالم وبين العالم العربي وفي المملكة على وجه الخصوص، واستشهد الماجد بالعديد من مؤسسات النشر الشهيرة التي وصفها ب(العملاقة) مشيرا الى ان ميزانيات بعضها تتجاوز عشرات المليارات من الدولارات ومنها (ELSERVEY) السفير في هولندا و(بيرسن ايديوكيشن) التي تضم دور نشر اوروبية وامريكية. وحول المشاكل والعوائق التي تواجه الناشر العربي قال الماجد: انها دائرة من دوائر متلاحمة تشكل ذلك الترهل والتخلف الاداري الذي يقف حاجزا امام أي منتج عربي تكبله وتتصيد الاخطاء دون ان تتبنى بوادر الانطلاق وقد رصد الماجد هذه العوائق في جملة محاور منها: عدم التخصص، وعدم توافر خطط النشر، والترهل الاداري، وعدم التعاون بين دور النشر العربية، ومشكلة توزيع الكتاب العربي، مطالبا بضرورة ازالة هذه العوائق حتى تكون هناك حركة نشر وصناعة مدروسة للكتاب. التكامل الثقافي اما الدكتور عبدالعزيز العبيكان فقد كانت ورقته بعنوان: (التكامل الثقافي وآلياته) وفيها رسم الكثير من الصور التي تشكل واقع النشر وصناعة الكتاب في المملكة مقدما بعض الاحصائيات المهمة حول النشر وصناعة الكتاب دوليا، وقد ضرب د. العبيكان مثالا بدولة مثل اليونان قائلا: ان عدد سكان اليونان حسب آخر احصائية احد عشر مليونا بينما عدد سكان العالم العربي حسب آخر احصائية قرابة ثلاثمائة مليون، وجاء في هذا التقرير ان الاجمالي التراكمي للكتب المترجمة الى اللغة العربية منذ عصر المأمون حتى الآن مائة الف كتاب، وهو ما يوازي تقريبا ما تترجمه اسبانيا في عام واحد، وعدد الكتب التي تترجم الى اللغة العربية يقدر بحوالي (330) كتابا وهو خمس ما تترجمه دولة مثل اليونان الى لغتها في عام واحد مع الفارق الشاسع بين عدد سكان اليونان، وعدد سكان الوطن العربي، وهو ما يزيدني ويزيدكم حسرة وكأبة وقد ركز د. العبيكان على القطيعة بين وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والكتاب، وقال ان هذه القطيعة هي سبب من اسباب التأخر الثقافي في العالم العربي، وانه السبب الاهم في ان الناشرين العرب لا يطبعون الا ثلاثة آلاف نسخة من الكتاب الجديد ويسعدون اذا باعوا هذا الكتاب في سنتين، ويعتبرونه كتابا ممتازا في حين ان غيرنا تصل الطبعة الواحدة للكتاب لديه الى مئات الالوف من النسخ. البنية التشريعية اما الورقة الاخيرة في هذه الجلسة فكانت للمحامي عبدالعزيز القاسم، وقد حملت عنوان (البنية التشريعية للتنمية الثقافية السعودية) وقد تحدث فيها عن الثقافة من منظور تنموي والتشريعات ذات العلاقة بالنشر وصناعة الكتاب، مشيرا الى النواقص التشريعية لقطاع الثقافة في المملكة، موصيا بضرورة استكمالها، حيث تقويم التشريعات لتحديثها بما يتوافق مع احتياجات قطاع الثقافة، وتدريب الجهاز القانوني داخليا وخارجيا لتمكينه من متابعة تطورات تشريعات التنمية الثقافية، مع تحديد تلك النواقص والتركيز على عملية استكمالها. واشار القاسم الى ضرورة وضع تشريعات لنظام تمويل قطاع الثقافة لتؤسس صندوقا لتنمية القطاع الثقافي يعتمد على نظام متطور لتمويل المشاريع من خلال مفهومي التمويل المباشر، وتمويل ضمانات الاستثمار في قطاع الثقافة. مداخلات بعد ذلك فتح الدكتور طاشكندي - رئيس الجلسة - المجال لمداخلات الحضور وبدأ بمقرر الجلسة الدكتور ناصر السويدان الذي تناول جملة من النقاط حول النشر وصناعة الكتاب، كما ركزت مداخلة الشاعرة د. ثريا العريض على عملية التربية، وزرع مفهوم القراءة لدى الصغار منذ البداية حيث قالت العريض هناك معلومة مررت بها في الاسبوع الماضي اصابتني بالاحباط وهي ان 70% من مجموع السكان لدينا اقل من سن عشرين سنة وبالتالي اذا كنا نتحدث عن الثقافة فيجب ان ننظر الى هذا القطاع من السكان، لان مكتباتنا - للاسف - تركز على الاكبر سنا، وعلى اعتبار انهم هم المثقفون، واعتقد ان ثقافة الطفل والشاب هو ما يجب التركيز عليه.وفي مداخلته اشار الدكتور عبدالمحسن القحطاني الى ان وزارة الثقافة والاعلام احسنت صنعا عندما وضعت اول جلسة من جلسات الملتقى حول (النشر وصناعة الكتاب) لان اول شخصية في الالف الثانية تم الاحتفاء بها على انها افضل شخصيات الالفية كانت شخصية مخترع الطباعة.وقالت الروائية قماشة العليان: انه ليس بالامكان لأي مؤلف عربي ان يعتاش من عائد كتبه، وهذه مشكلة يعاني منها كل الكتاب في العالم العربي، وقد اشارت العليان الى كيفية تعامل الناشرين مع المبدعين وهي من القضايا الكبيرة التي تحتاج الى دراسة مستفيضة وهي تتقاطع مع المحور الذي طرحته (اليوم) ضمن مشروع المواكبة لعمليات التحضير لهذا الملتقى قبل بدء فعالياته. وعلى ذكر (اليوم) فقد اثار الدكتور مبارك الخالدي قضية مهمة خلال مداخلته وهي غياب الكتب المهمة عن ارفف المكتبات العامة، وكذلك قضية موظفي الجمارك الذين يتللصون البحث والتفتيش عن الكتب، وقال الخالدي في مداخلته: في المرة الاولى والاخيرة التي دخلت فيها الى مكتبة عامة بحثا عن كتاب كنت اود قراءته ولم اجده، وتذكرت هنا المفتش الجمركي الذي يتلصص بحثا عن كتاب اتيت به معك اثناء عودتك من السفر، لانك توقن بأنه ليس موجودا، وقد رأيت ان المفتش الجمركي الذي يجعل من اهتماماته عندما تعبر الحدود البحث والتفتيش عن الكتاب والرقيب كذلك، رأيتهما شاخصين ويعربدان في تلك المكتبة بقوة وضراوة واقول هذا تعقيبا على ما ذكره الدكتور الضبيب من ان مكتباتنا تعاني فقرا عدديا في الكتب، ولكنها ايضا تعاني فقرا نوعيا على مستوى الميولات القرائية المختلفة. الوزير الدكتور الفارسي يشرف على الاستعدادات الشيخ حمد المبارك