من الوهلة الأولى لدخول الجامعة .. تحلم كل فتاة مجتهدة بالتخرج من أجل الحصول على وظيفة مناسبة تتوافق مع تخصصها ، وبعد الخروج من أبواب الجامعة تبحث كل فتاة مجتهدة محبة للعمل متفانية في خدمة وطنها لتحقيق الحلم بتقديم أوراقها بكل فخر إلى وزارة الخدمة المدنية لكي تحصل على ثمرة التفوق والاجتهاد ولتقول لكل الناس أنا عضو فعال لخدمة الوطن ، وما يحدث من مفاضلة بين الخريجات لاختيار أفضلهن للترشيح للوظائف هو حق مشروع وأمر مقبول يقينا منا بأن مجالات العمل قد لا تتسع لجميع خريجات العام. و لكن أن تكون الطالبة التي حصلت على تقدير ممتاز مع مرتبة الشرف لتعتلي زميلاتها الخريجات بتفوقها يسقط اسمها من المرشحين للوظائف فهذا هو العجب العجاب. ( اليوم ) التقت بالأولى على دفعة خريجات كلية التربية المطورة للبنات بحفر الباطن والتي حصلت على تقدير ممتاز مع مرتبة الشرف بنسبة 91.51 بالمائة لتتحدث عن معاناتها و صدمتها عندما لم تشاهد اسمها مع المرشحات للتوظيف هذا العام. تقول الطالبة لم تكن بداية دخولي للكلية كأي طالبة أخرى تطمح لإتمام دراستها بل كان طموحي الأول والأخير هو تحقيق أعلى المراتب العلمية. وانا أعلم أن طريق التفوق والنجاح ليس مفروشا بالورود بل أنه محاط بالأشواك والسير فيه مرهق ويحتاج للكفاح. ولكن هذا الاقتناع لم يزدني سوى إصرار على التفوق وإحراز النجاح. وبالفعل دخلت إلى الكلية وتفوقت فيها عاما بعد عام إلى أن من الله علي بأن تخرجت بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف لأكون بذلك الأولى على دفعتي. بعد كل هذا العناء تنهدت و التقطت أنفاسي وأنا فخورة بما حققته سعيدة بما أنجزته ولم يعكر صفو هذا السرور أي أمر آخر ولم أفكر لحظة في ترشيحي للوظيفة فقد بات هذا الأمر أمام مرأى عيني كحلم أنهيت مراحل تحقيقه وما تبقى ماهي إلا مسألة وقت ليس أكثر. فلم يكن من المعقول أو المنطقي أن تستبعد الأولى على الدفعة من التوظيف وتؤخذ من هي أقل منها في المستوى بل أنه من المؤكد أنها ستحظى باهتمام المسئولين كتكريم لها على تفوقها و إعطاء هذا التفوق والتميز حقه المفروض. ولكن ما حدث لم يكن في الحسبان حيث أني فوجئت أي مفاجأة عندما ظهرت أسماء المرشحات للوظائف ولم يكن اسمي من ضمنها. اعتقدت بداية أن هناك خطأ حدث لا محالة و لكن هذا هو الواقع وهذا ما جنيته من تفوقي واجتهادي الاستبعاد والحرمان. المحزن في الأمر أن والدي كبير في السن ومتقاعد عن العمل ويحتاج لرعايتي وعنايتي له التي ربما قلت بسبب انشغالي بتحصيلي العلمي حيث كنت على يقين بأن عملي ووظيفيتي ستساعدني في تحمل جزء من الأعباء التي على كاهل والدي من إعالة أسرة كبيرة. ولكن خابت آمالي وتبددت أحلامي وطار تفوقي في مهب الريح.... هل هناك من هو وراء تحطيم أبناء الوطن المجتهدين ... هل الواسطة يجب ان تكون هي كلمة السر والمفتاح لكل الوظائف ... من يجيبني؟!