منذ ان طرقت الباب سائلا عن احواله فإذا بالصراخ الذي يجعل السامع له يشعر كأنه في زنزانة تعذيب من عصر من عصور البائدة، وعندما فتح الباب اذا بالنوافذ والابواب ترتعد من هول تصرفات (عرفات) ذلك الشاب الذي لا يدرك ما يفعل بل لا يستطيع الوقوف ويستند على اي شيء. هكذا بدأت قصة نقل واقع مؤلم يكاد الانسان عند رؤيته يختنق عبرة وحسرة كيف بهذه الاوضاع بين اظهرنا ونحن نقول انه لاتوجد حالات بائسة وربما صدق الناس هذه المقولة لان الكثير من اصحابها مؤمنون بقضاء الله وقدره بحكم ثوابتهم التي تعلموها من دينهم الحنيف. (علي عبدالكريم البدري) مكلوم في ثلاثة ابناء هم كل حياته وانفاسه التي يستنشق من خلالها طعم الحياة ولكن كلما بدأت تباشير قدوم كل واحد منهم لم يفرح بوقوفه على قدميه واللعب بكامل حواسه كأى طفل يولد في اي بيت. قدر الله ان تصاب ابنته (نوال) اكبر عياله بسرطان الدم منذ صغرها وعلى ثوابته الايمانية رضي بما قسم الله له بعد طول انتظار مولوده البكر، ومع ذلك كافح لعلاجها مع ضعف ذات يده، وبعد سنتين من معاناته معها جاءه المولود الثاني (عرفات) الذي اصيب بحمى وهو في الشهور السبعة الاولى من عمره اذهبت عقله ودمرت جسده حتى اصبح عالة على اسرته بل اصبح مصدر ازعاج وايذاء لمن يأتي لهم واثناء سرحانه في ذاكرة الحوادث والمصائب، وذلك لتهون مصيبته تذكر امله الذي كان ينسيه كده وعمله الشاق في المقاولات المعمارية واثناء هذا التفكير المصحوب بمعاناة فلذتي كبده اصيب في نفسه هذه المرة وكانت اصابته بليغة اذ اصيب بجلطة افقدته عينه اليسرى وشلت اطرافه المثقلة بحمل فلذتي كبده. ومع ذلك كان ايمانه اقوى من اي ريح تأتيه وبدا يتمتم بكلمات لم افهمها كان شاردا معي تجاه هذا الموقف الذي تعيشه اسرة تتصارع مع ظروفها القاهرة. ايها الضمير الحي.. ايها القلب النابض بالانسانية والتراحم.. ايها المسلم القادم من بيئة التكافل والتراحم انك مسؤول عن مثل هذه الحالات. فعلي البدري لا يريد تحسين احواله بل يريد العلاج والكفاف لاولاده الثلاثة الذين ابتلاهم الله بسرطان في جسد احدهم على غفلة. ومع ذلك قاوم مجددا ورضي بقضاء الله وقدره وبدأ يعالج ابنته وابنه فابنته علاجها في الرياض كل ستة اشهر وابنه علاجه الطبيعي في الجمعية (جمعية المعاقين) وبين هذين الابتلاءين جاءت البلية الثالثة على كاهل علي البدري اذ جاءه مولود مشلول شللا نصفيا وكانت الصدمة العنيفة ومع ذلك زاده ذلك قناعة بان الله يريد وعلى العبد الرضاء بما يريد وما لايريد. مهند المولود الذي ولد مشلولا عندما تنظر اليه وهو قابع في كرسيه المتحرك يأتي ويسألك هل انت قريب لنا ويسألك هل عندك اولاد مثله ويسألك هل عندهم العاب؟ اسئلة: توحي لك بمعنى الحرمان وعمره لايتجاوز السنوات الثماني لدرجة انه استقبل القبلة عندما فهم من والده اننا قدمنا اليهم لعمل الخير. انه لا يرجو سوى مساعدته في دفع ايجار مسكنه الذي يؤويه هو واولاده. ولا يحتاج الا علاجا لابنائه. فهل من مجيب؟ عرفات مصاب بتخلف ومهند بالشلل يارب افرجها