عندما كنا في الابتدائية كان المعلمون يدرسوننا موضوع (الرفق بالحيوان) وبقي في أذهاننا مما تعلمناه أن الحيوان يحس ويتألم فيجب علينا ألا نرهقه أو نضربه دون غرض وإذا ضربناه لا يكون الضرب مبرحاً أو جارحا أو معوقاً ولا نضربه على وجهه.. كل ذلك وغيره لأن الحيوان يحس ويتألم لكنه أعجم.. لا يستطيع أن يفصح عن ألمه بلسان المقال كالانسان . كان ذلك في الماضي .. وجاء القرن العشرون بأبحاثه وعلومه وتقنياته المتطورة.. فاستعمل العلماء هذه التقنيات في النبات وعلى النبات فخرجت علينا هذه الأبحاث بعلوم مبهرة عرفنا من خلالها أن النبات كالإنسان يحس ويفرح ويحزن ويكتئب بل ويتواصل مع الإنسان من خلال التخاطر وقراءة الأفكار والتلباثي . ونقل لنا علماء لهم وزنهم في عالم النبات أن هذا المخلوق الذي نراه جامداً صامتاً لا يغير لونه إلا الفصول الأربعة.. ينشط في ساعات ويخمل في ساعات أخرى .. وأن له مشاعر وأحاسيس كالإنسان تماماً.. شيء غريب عجيب. هذا خلق الله ... فتبارك الله أحسن الخالقين. منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي وأنا اقرأ للكاتب الذي يعشق الغرائب والعجائب ويبحث عنها ويكتب عنها حتى كتب أكثر من عشرة كتب تحمل عنوانا عاما هو (أغرب من الخيال) . هذا الكاتب المجتهد في هذا المجال اسمه (راجي عنايت) تذكرت هذا الكاتب وكتاباته الغرائبية في الاسبوع الماضي حينما كتبت عن (التلوث) وعلاقته بالأحياء من إنسان وحيوان ونبات.. نعم .. هذا الكاتب الغريب ألف كتاباً غريباً في محتواه يحمل عنواناً هو: النبات يحب ويتألم ويقرأ أفكار البشر.. تصور .. وما كان يبلغ علمنا القليل ولا خيالنا المحدود أن النبات يشعر بشعور الحيوانات من احساس وألم وتفاعل.. فكنا نضرب شجرة السدر بالجريد بل نقذفها بالكرب ونرجمها بالحجر حتى يتساقط نبقها (النبق هو الكنار) فتتقطع بعض أغصانها وتسقط بما أثقلها من نبق.. ولا ندري أن السدرة تتألم من هذا التصرف الصبياني الخالي من العاطفة والحنان والإنسانية. وأعود للكاتب راجي عنايت ومؤلفه عن النبات لأقول: إنني عندما عثرت على هذا الكتاب وقرأته أصبت بدهشة أفزعتني .. إذا أثبت في ثنايا مؤلفه أن النبات يعي ما يحدث له.. وأن له مزاجاً يتفاعل مع الأحداث التي تدور حوله.. بل تعدى ذلك إلى احساسه بحاسته السادسة بالبراكين والهزات الأرضية قبل وقوعها.. وجربوا ذلك على شجرة العرقسوس الهندي. أما من حيث بنائه ساقه وأوراقه فعبقرية النبات في بناء هيكله تتجاوز قدرة أعظم المهندسين والإنسان لم يستطع بعد أن يحاكي قدرة النبات في نسج ساقه كأنبوبة مفرغة من الألياف، قادرة على تحمل ثقله الكبير، ومواجهة أعتى العواصف. وشجرة الكافور الأسترالية يمكنها أن تنمو فوق ساقها الرشيقة إلى ارتفاع 48 قدماً، أي ما يصل إلى ارتفاع هرم خوفو. ومن حيث الإحساس بالاتجاه يبدو النبات أكثر تفوقاً على الإنسان, بل أعجب من هذا في الطماطم والكرنب والبطاطس إذ تستجيب هذه النباتات إلى المدوالتقريظ وكلمات الحب والمودة والتشجيع فتضاعف نموها .. وكذلك تستجيب لعبارات الحزم والشدة في حالات أخرى وإليك عزيزي القارىء قصة هذه الأمريكية مع شجرتها كمثال تقول: كانت ساق النبات تكاد تكون مغطاة بالآفات الزراعية والحشرات تقول: (بدأت بقتل هذه الآفات باستخدام المواد الكيماوية ورغم أن الشجرة كانت قد فقدت كل أوراقها تقريبا، فقد بذلت جهداً جاداً في رعايتها كنت أثناء ذلك أناشدها أن تنمو من جديد، وتنبت أوراقا خضراء جميلة لكنها لم تكن تستجيب لكلماتي.. بدأت أحس بأن هذه الشجرة المشاكسة تحتاج إلى شيء آخر غير سيل الحب وفيض الحنان الذي أغرق به نباتاتي عادة، فبدأت لهجتي معها تصبح أقل رقة ! وأدركت أنها تحتاج إلى شيء من الحزم والشدة في معاملتها .. كنت أصيح فيها: هيا ..! ازدهري ! ابدئي النمو من جديد أخرجي أوراقك الخضراء. لقد بذلت معك كل جهدي .. ماذا يمكنني أن أفعل لك أكثر من هذا ؟! في الواقع كنت أستعمل معها كلمات أكثر قسوة من هذا.. ففوجئت أن هذا الاسلوب قد نجح معها.. بدأت الأوراق الخضراء تنمو على ساقها الجافة بانتظام واطراد). عزيزي القارىء .. هل مرت بك مثل هذه التجربة مع نخلة أو سدرة أو أي نوع من الشجر أو البشر ؟!