أطلقت الهيئة العربية للمسرح مشروعا استراتيجيا تنمويا موجها للمسارح المدرسية العربية لعامي 2014 و2015 بتوجيه مباشر من الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم امارة الشارقة والرئيس الأعلى للهيئة العربية للمسرح، حيث دعت الهيئة وزارات التربية والتعليم في الوطن العربي إلى إدخال مادة المسرح في المدارس والتركيز على البحث المسرحي في الكليات والجامعات والمعاهد، بعد أن أكدت العديد من الدراسات ضعف الثقافة المسرحية لدى الجمهور، وتراجع الذائقة الفنية والاحتفاء بالتعبيرات "الفنية" الهابطة على حساب الأعمال المسرحية الجادة، مما أدى إلى انصراف الجمهور عن المسرح خصوصاً الجاد منه والملتزم، خصوصا وان المشهد المسرحي العربي يشترك في عديد من السمات التي تشكل مكامن الوهن في الحركة المسرحية العربية المعاصرة. وقدم الملتقى اقتراحات لمعالجة هذه المعوقات والارتقاء بالمسرح العربي المعاصر ومنها الاهتمام بالنص المسرحي منذ سنوات الدراسة الثانوية، وأن تكون الكتابة المسرحية حاضرة إلى جانب الشعر والنص القصصي والخطابة والمقالة الأدبية، والعمل على تقريب المسرح من روح الجمهور وذلك بإعادة النظر في هندسة المسارح في الدول العربية، ومن خلال بناء مسارح جديدة تمثل فضاءات المدينة العربية، ودعوة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم لحث الدول على التنسيق فيما بينها، وتحديد المرجعية المسؤولة عن العمل المسرحي في كل دولة لتسهيل التواصل ما بين الجهات العربية المختلفة وبينها وبين الهيئات المسرحية العالمية، والعمل على إفساح مجالات الابتكار والإبداع والممارسة المهنية الحرفية لأجيال مسارح المدرسة والشباب والجامعات والهواة والمرأة والطفل، وتقديم الخبرات والتأهيل والتنشيط المستمر للعناصر العاملة في هذه المسارح النوعية لتوسيع فاعليتها في الحياة الاجتماعية العربية. والتأكيد على ضرورة إدراج المسرح ضمن المناهج التربوية من أجل إنشاء أجيال تحترم المسرح وتعشقه. وأكدت الهيئة أن أهمية التدريس المسرحي تأتي بإنشاء دليل يخص تدريس المسرح المدرسي في المدارس الحكومية والأهلية، والسعي لنشر الثقافة المسرحية لدى المواطن العربي، وتوسيع شريحة الجمهور، والمساهمة في بناء الشخصية المتوازنة لدى الناشئة تربويا وتمكينه من كل اشكال التعبير، ليصبح بذلك جيلا ايجابيا يتواصل مع الاخرين. مسرح الطفل شددت الهيئة العربية للمسرح على أن مسرح "الأطفال والناشئة" بجميع فئاته (أطفال، مدرسي، شباب، جامعي) يشكل البذرة الأولى لبناء جيل معني بالشأن المسرحي على مستوى الممارسة الإبداعية، والعلاقة المعرفية، بالإضافة إلى اكتسابه العديد من العوامل التي تساهم في بناء الشخصية في جميع مراحلها التكوينية على المستوى الفكري والأخلاقي والنفسي والتربوي. وأشارت الهيئة أنه على الرغم من أهمية مسرح الطفل إلا أنه يُواجَه بالتجاهل من قبل معظم المؤسسات القائمة على الشأن المسرحي في الوطن العربي بدءاً بالأكاديمية العلمية وانتهاء بالثقافية والفنية الرسمية مروراً بالفرق الأهلية والخاصة، إلى أن باتت العروض الموجهة لتلك الفئات دورية في العديد من الدول العربية، وحالة استثنائية في بعض منها. كما أن ذلك التجاهل أفرز –تلقائياً– العديد من الالتباسات لدى المتعاطين والمختصين بهذا المجال فيما يتعلق بتصنيفات مسرح "الأطفال والناشئة" من حيث مفاهيمه، ومعاييره، الأمر الذي يؤثر –بالضرورة- على آلية عمله ومخرجاته، في ظل غياب كامل لرؤية استراتيجية واضحة المعالم والأهداف لأحد المجالات الشائكة في الفعل المسرحي، التي تمتاز بخصوصية الشكل والمضمون، لذا يأتي مشروع "الاستراتيجية العربية للتنمية المسرحية" الخاص بمسرح الأطفال والناشئة، ليضع جميع الفاعلين في حقل (الطفولة والشباب من مختصين في المسرح، التربية، وعلم النفس) أمام مسؤولية كبيرة تتجلى في استشراف آفاق جديدة ضمن فترة زمنية محددة لا تتجاوز ثماني سنوات، لتحقيق منجز عربي يحقق للأطفال والناشئة عددا من الاهداف منها تحديد المفاهيم الخاصة بمسرح الأطفال والناشئة، والارتقاء بالذائقة المسرحية، وتنمية الحس الجمالي لدى الفئة المعنية بالمشروع، بجميع مراحلها العمرية، وخلق علاقة تفاعلية اعتيادية مع خشبة المسرح كمصدر للتعبير والتنفيس والتفكير والمتعة. فيما اهم الفوائد تكمن بتوظيف المسرح كأداة تعليمية وتربوية في المؤسسة التعليمية، وصقل الشخصية في مراحلها التكوينية المبكرة، بأبعادها الإدراكية، والسلوكية، لتعزيز الثقة بالنفس، والقدرة على الاختيار، وإبداء وجهة النظر، واتخاذ موقف حيال المعطيات المحيطة بجوانبها المتعددة، إضافة لخلق جيل من الشباب العربي المسرحي المتكئ على أسس فكرية ومعرفية وتربوية، فيما يعزز المسرح البحث الجامعي عبر تشجيع الطلبة في جميع التخصصات الأدبية للمشاركة في أبحاث خاصة بالمسرح، دون إغفال مراعاة خصوصية كل دولة عربية، بما يتناسب وإمكاناتها المادية والبشرية ومعطياتها الاجتماعية والسياسية والفكرية. روزنامة عمل أكد الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عن إيمانه بأن المسرح هو رافعة المشروع الحضاري وضمانته، وذلك في اجتماعه مع المسرحيين المشاركين في مهرجان المسرح العربي في دورته السادسة داعيا الهيئة لوضع خطة وروزنامة للعمل والتي اعلنت بأن عام 2014 سيشهد تواصلا مع وزارات التربية العربية كافة، إضافة للوقوف على التجارب العربية في المسرح المدرسي والتعرف على مكامن الإخفاق، والاحتياجات العاجلة، من أجل وضع خطط العمل الناجعة، مع التواصل مع المؤسسات الأجنبية التي قدمت جهوداً عملية وعلمية بهذا الصدد كاليونسكو والأليكسو، للتنسيق والاستفادة من جهودهم.