عزيزي رئيس التحرير يفترض أن تكون علاقة الأب بأبنائه علاقة حميمة ملؤها المحبة والعطف, وهذه العلاقة تجعله يحرص على تربية أبنائه التربية الصالحة , ولكن قد يخطئ الأب اختيار طريقة التربية الصحيحة في خضم انشغاله في حياته اليومية وساعات عمله المجهدة, فلا يجد متسعا من الوقت للتعامل معهم بروية وحكمة وكفهم من فيسارع بانتهاج الحلول السهلة والسريعة لحل المشكلات الحاصلة لابنائه كالضرب الجسدي ضربا مبرحا متناسيا ان لغة الحوار او التفاهم بدلا من الغضب الذي يليه عقاب . وعند تحليلنا أسلوب التعامل القائم على العقاب البدني المتشدد نجده مبنيا على عادات اكتسبها الأب وغرست في شخصيته منذ الصغر منطلقة من سوء تعامل أبويه له, متناسيا آثار الألم الذي خلفه العقاب وتلك المعاملة القاسية في حياته أو في حياة أطفاله اللاحقة, وعاكسا تلك المكنونات المنغرسة في اللاوعي عنده, ومتبعا تلك الأساليب القمعية المدفونة هناك في عقله الباطني فالطبع غلب التطبع. والتفاهم المطلوب لا ينحصر في العلاقة الأبوية أو الأسرية فقط, بل يمتد ليشمل شتى نواحي الحياة كالتفاهم مع رب العمل ومع المسؤولين او المرؤوسين ومع الزملاء .. فكيف يتم الحوار مع شخصية متصلبة الفكر متحجرة العاطفة ؟؟ فهل فكر مثل هذا الأب في التحاور مع أسرته حول رحلة يعتزم القيام بها؟ او في بيت ينوي شراءه او سيارة يرغب في ان يقتنيها، فسلوك الحوار القائم على التفاهم هو لاشك تعبير عن شخصية متكاملة كتحاوره في البيت وفي العمل أو في الشارع ومن تنقصه المقدرة على الحوار يطفو على شخصيته التسلط والتزمت وفرض الرأي. والتربية الأسرية المتسلطة تكتشفها سلبيات تنعكس على شخصية الأبناء، كاضمحلال الثقة بالذات وعدم المبادرة وعدم القدرة على اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب، والإحباط والمخاوف المرضية والفشل الدراسي والتخوف من المواجهة والصحبة السيئة وغيرها من سلبيات تعود لنمط سوء التربية الخاطئة التي ينتهجها الآباء. فالمحبة بين الآباء والأبناء والحوار القائم على احترام كل الأطراف تصقل شخصية الأبناء وتعزز ثقتهم بأنفسهم وتقوي الروابط الأسرية جمعاء، وكم يغفل الآباء الآثار النفسية والاجتماعية وانعكاساتها السلبية على هؤلاء الأبناء بسبب ذلك السلوك المتعسف المتمثل في العقاب البدني، فقد يشعر الابن أو الابنة بحزن شديد إذا لم ير الابتسامة على وجه أبيه، فكيف الحال. عندما يتلقى هذا الابن تلك اللكمات أو الضربات من أبيه؟ والتجربة الميدانية أثبتت لنا يقيناً بأن العنف الموجه نحو الأبناء هو تحطيم لكيانهم وهدم لشخصياتهم ، مما يجعلهم عرضة لسوء التكيف ويبدو ذلك في حنقه وأحزانه أو منامه فتظهر له في شكل كوابيس مزعجة تقلق مضجعه ومنامه. فرفقاً أيها الآباء بأبنائكم، فلا تكون التربية هكذا بالإهانة والتعنيف والتعسف، لأن عواقبها سلبية، وليس هذه هي الوسيلة العلاجية الناجعة مع الأبناء. عبد الله بن عبد الكريم الليك مدير مدرسة الحويلات