تابعت مثل غيري السجال حول الأمر الملكي المعدل لنظام المطبوعات والنشر، ومن الواضح أن السجال يفتقد أهم عنصر وهو المتلقي للمادة الإعلامية، فهو من وجهة نظر الغالبية مفعول به، تحركه مقالات الكتاب وآراء الصحفيين، وتشكل وعيه الصحف والأخبار، وهذه الرؤية لا تقترب من الحقيقة، فالقارئ طرف أصيل في الإعلام، وهو الناقد الأول للكتاب والمفكرين، بل وهو الحكم ومطبق العقوبة بشكل مباشر وفعال، وقد غيب القارئ من باقي الأطراف، ولو وثقنا فعلا به لكان الوضع مختلفا تماما، فالأمر رقم أ/93 بتاريخ 25/5/1432ه من حيث النصوص وصياغتها، يدفع الكثير من الصحف العالمية الملايين تعويضات لاشخاص تعرضوا لإساءة الصحف، كما أن هناك قواعد مهنية وأخلاقية للعمل بمؤسسات النشر، تفرض الدقة المهنية، واحترام الآخر يفترض أن جمهور القراء يجب حمايتهم مما يضرهم من كتابات نقدية تفتقد المصداقية، والمختلفون مع القرار، يخشون التضييق على حريتهم في النقد المباح وتعرضهم للعقاب أو المنع من الكتابة والنشر، المؤيدون يفسرون نصوص القرار على أساس أنها تؤكد حرية الرأي والتعبير بالمعنى الصحفي الدقيق، أي تناول الموضوعات والأخبار بموضوعية بعيدا عن الأشخاص، وطبقا لمصادر واضحة وموثقة، وهم على حق بذلك، أما المختلفون مع القرار فيخشون، عمومية النصوص وعدم وضوحها بالقدر الكافي، وهم أيضا على حق، فكلما كان النص عاما وغير محدد كان عرضة للتفسيرات المتعددة التي تضيق من الحق، أما حسب وجهة نظري فرغم اختلافي مع وضع حدود لحق التعبير، واعتقادي أن الحدود يضعها الكاتب ذاته دون تدخل، أؤمن أن أقصى عقاب للكاتب أن يفقد جمهوره وليس أن يغرم بنصف مليون ريال، وأن الجمهور الذي يهتم بشراء الصحف وقراءة المقالات أكثر وعياً من بعض الكتاب أصحاب الأعمدة الثابتة، ويدفع الكثير من الصحف العالمية الملايين تعويضات لاشخاص تعرضوا لإساءة الصحف، كما أن هناك قواعد مهنية وأخلاقية للعمل بمؤسسات النشر، تفرض الدقة المهنية، واحترام الاخر، وتوثيق المصادر والتأكد من المصداقية، أعتقد أن الوضع بالمملكة كان يقترب تدريجيا من الوضع العالمي، فقد زادت بالفعل حرية التعبير خاصة الإعلامي بدرجة ملحوظة خلال السنوات الماضية، وطال النقد الكثير من المسئولين بشكل مباشر، ونشأت معارك صحفية حادة بين الآراء المختلفة حول قضايا جوهرية مثل، وضع المرأة السعودية وحقوقها، التيارات الدينية المختلفة، الليبرالية وعلاقتها بالدين، وغيرها من قضايا كانت مستبعدة عمدا من الحوار بين التيارات الفكرية المختلفة، ولابد أن تستمر الصحافة في طريقها نحو حرية أوسع بلا حدود سوى الأصول المهنية والأخلاقية، والحكم بنهاية الأمر هو القارئ . [email protected]