قبل ان ينزل على السلم الخشبي القصير يشرح الباحث كزافيه غلوداس بلا مبالاة ما ينتظره في الحفرة - افاع سامة - حوالي (40) منها. ويقول غلوداس وهو يأخذ ملقط أفاع معدلا ليبدو كذراع بشرية، ان معظمها من نوع الافعى ذات الرأس النحاسي، وبعضها من فصيلة افاعي ابو جرس حقول القصب وافعى واحدة ذات نقوش ماسية على الظهر. الملقط هو أداة يستعملها غلوداس، وهو طالب من ليون - فرنسا - لدراسة النزعة العدوانية عند الافعى نحاسية الرأس - وهو بدأ يكتشف اشياء تشبه استنتاجات توصل اليها باحثون آخرون في دراساتهم: هذه الزواحف ليست عدوانية جدا وتفضل الابتعاد على مواجهة البشر. حفرة الافاعي في مختبر البيئة التابع لجامعة جورجيا على نهر سافاناه، مساحتها فدان من الاراضي محاطة بسور متين، وفيها بركة ماء صغيرة اغرق في وسطها زورق كانو. السلم ينزل حوالي المترين الى الحفرة من منصة مراقبة خشبية. وتغطي الاعشاب والشجيرات احد اطراف الحفرة، وفي الطرف الاخر هناك اشجار صنوبر باسقة تظلل الارض وجزءا من البركة. ويقول ويت غيبونز عالم البيئة والاستاذ في المختبر ان معظم لدغات الأفاعي تحدث عندما يلتقطها الناس وان هذه الافاعي ليست عدوانية. قبل عدة سنوات قام غيبونز بدراسة الافاعي المعروفة باسم ذات الفم القطني. وتوصل باحثون في جامعة ستيتسون في فلوريدا الذين درسوا افاعي ابو جرس من النوع القزم، الى استنتاجات مماثلة. ويقول غيبونز ان معظم الافاعي في دراسة ستيتسون لم تحاول ان ترد، وحتى حين لكزت ثلاث مرات على رؤوسها. ويضيف غلوداس: احد استنتاجاتي من الدراسة هو أنك ستندهش لصعوبة حمل افعى على مهاجمتك. واذا لدغتك افعى فالاحتمال كبير بأنك عملت كل شيء لتستفزها. ويتجول غلوداس في حفرة الافاعي ويرفع الواحا خشبية موزعة فيها لتوفير اماكن لتختبئ فيها الافاعي. وفي هذا اليوم الصيفي الدافئ لا يعثر على اي افعى تحت بعض الالواح الخشبية الموضوعة تحت اشعة الشمس مباشرة. ولكنه قلب لاحقا لوحا خشبيا في ظل شجرة فعثر على افعى ذات رأس نحاسي واخرى ابو جرس حقول القصب. ويلكز ذات الرأس النحاسي بالملقط عدة مرات فترد عليه. اما افعى ابو جرس فلا تحرك ساكنا. ان الافاعي تعتمد على الوان التخفي اولا للابتعاد عن البشر والضواري. واذا ما احست بالخطر، تحاول الاختفاء، ولكن اذا استفزت فانها تقوم بعرض تحذيري وكأنها تستعد للمهاجمة، وهي لا تضرب ضربتها الا كخيار أخير. وفي معظم الحالات يتعرض الناس للدغ اذا اقتربوا من الافاعي اذا كانت مسرعة وتحس بالخطر في مكان لا تعتبره آمنا لها. وقد تضرب الافعى في الليل حتى من مسافات بعيدة هذا في رأي غلوداس هو عرض انذاري وهي حتى وان كانت لا تنوي ان تلدغك تقول لك: انني استطيع ان اطالك. ولكن حتى اولئك الذين يمضون وقتا طويلا في الهواء الطلق احتمالهم قليل نسبيا للتعرض للدغ الافاعي. ويقول غلوداس: السؤال الحقيقي - الذي لن يتوافر لي جواب عنه - هو كم من الناس يمرون بالقرب من الافاعي ولا يرونها. لا نعرف عدد الافاعي التي لم تلدغ وعليه لماذا يكره كثير من الناس الافاعي؟