تلك الزهرة البريئة التي اغتالتها يد الإرهاب المجرمة فجأة.. رصاصة حقدٍ أطاحت باللعبة الصغيرة، وأصبح دفتر الواجبات المنزلية، واجهة تنعى إلينا ماذا يمكن أن يفعل الإجرام الأعمى بمستقبل أمة؟ ماذا يمكن أن يصبح بعد أن يسقط القلم الرصاص من اليد الخجولة، وتغيب الممحاة وطاولة المدرسة، وينهار الجدار الفاصل ما بين حق الحياة المشروع للجميع، وقرار قتلٍ تمتلكه فقط عقول خلت من أبسط الأشياء، ونفوس تعطشت للتدمير والفتك بأبجديات الطفولة والشباب والكهولة. @@@ من منا حتى الآن يمكنه أن ينسى منظر الطفل الفلسطيني محمد الدرة ورصاصات الغدر الصهيوني تغتاله علناً على الهواء في مشهد سجلته كاميرات لا تكذب أو تتجمل؟ بينما أبوه يستصرخ العالم ويلوح بيديه لجنود الاحتلال بإيقاف إطلاق النار.. لينتهي التسجيل بعبارة تلخص المأساة: "مات الولد.. مات الولد"! صاحب كل ضمير حيّ.. أحس يومها بأن هذا الطفل ابنه.. وأن المصاب مصابه.. وأن الحزن حزنه ليصبح أكثر نقمة على إسرائيل والعدو الصهيوني. @@@ واليوم تعود النقمة بشكل أعمق على فظاعات من نوع مشابه وإن كانت أكثر قسوة.. لماذا؟ تكرر المشهد.. وعادت صورة الطفل محمد الدرة مرة أخرى، وكانت الضحية زهرة بريئة تنضم إلى قائمة الضحايا الأبرياء، لكن بأيدي مجموعة ضالة يقولون إنهم منا! يدينون بديننا.. يتحدثون لغتنا.. يعيشون بيننا.. ولهم أسماء مثل أسمائنا!! لو تناسينا جرائمهم، ولو صدقهم بعض الغافلين.. فإن دماء "وجدان" تكذبهم، أقلامها، حقيبة مدرستها، كتبها، دموع رفيقاتها في الصف المدرسي، شخبطات الطفولة وتقول لهم: كاذبون أيها القتلة، وهذه وحدها تكفي!! (مراقب)