اثارت المبادرة التي اعلنها البنك الاهلي المصري, اكبر بنك عام يستحوذ على 27% من السوق المصرفية، بوقف جميع الاجراءات القانونية ضد العملاء المتعثرين وعدم تحريك اية اجراءات جديدة , ردود افعال متباينة بين الاوساط المصرفية بشأن علاج ازمة التعثر المصرفي التي يعاني منها الاقتصاد المصري منذ 6 سنوات. ففي الوقت الذي رحب فيه البعض بمثل هذه المبادرة داعياً باقي البنوك في مصر بالسير في ذات اتجاه البنك الاهلي لتسوية الديون المتعثرة التي قفزت في بعض البنوك الى اكثر من 40% من جملة محفظة قروضها. وقال آخرون : ان الاعلان عن وقف الاجراءات القانونية والقضائية ضد عملاء البنوك المتعثرين من شأنه ان يشجع الهاربين منهم بالخارج على العودة الى مصر وتسوية مديونياتهم لا سيما ان ذلك من شأنه ان يفتح آفاقاً جديدة للتفاوض بين البنوك والمتعثرين قد يعجل بالتسوية على خلاف اللجوء الى القضاء لاسترداد اموال البنوك طرف هؤلاء العملاء. اعتبر اخرون مبادرة البنك الاهلي بمثابة بالونة اعلامية اطلقها رئيس البنك - حسين عبد العزيز - الذي تم التمديد له قبل ايام في رئاسة مجلس الادارة لمدة عام قادم وان العبرة في التنفيذ مشيرين الى ان الابجديات المصرفية تؤكد ان الحل الجماعي للديون المتعثرة لا يحقق النتائج المرجوة من عمليات التسوية نظراً لاختلاف ظروف التعثر ومركز كل عميل عن الاخر. ورفض بعض المصرفيين تعميم مبادرة البنك الاهلي على كل البنوك لعلاج ازمة النقد لاختلاف ظروف وحالات التعثر من بنك الى اخر من ناحية وتباين اسباب التعثر بين عملاء كل بنك. وفقاً لاخر تقرير للبنك المركزي المصري.. بلغت حملة التسهيلات الائتمانية الممنوحة من البنوك بخلاف البنك المركزي بنهاية ديسمبر الماضي 291.7 مليار جنيه منها 13.5 مليار للحكومة والباقي 278.224 مليار جنيه لغير الحكومة يستأثر القطاع الخاص منها على ما نسبته 73.2% وتتوزع تلك التسهيلات بين 35.2% للصناعة و 27.2% للخدمات، و 22% للتجارة و 1.8% للزراعة و 13.8% لقطاعات اخرى غير موزعة. وكانت الحكومة قد اطلقت من خلال رئيسها د. عاطف عبيد منذ اكثر من عامين مبادرة لتسوية الديون المتعثرة بالبنوك تتضمن تقويم العملاء الجادين ومنحهم قروضاً جديدة لتدوير نشاطهم وجدولة المديونيات على آجال تتناسب مع ظروف كل عميل وحجم تدفقاته النقدية. وبدأت البنوك من جانبها جهود مضنية لعلاج ملف التعثر وانشأ معظمها ادارات خاصة اوكل اليها مهمة تسوية الديون المتعثرة وفيما يتم تسوية نسبة تتراوح بين 30 و 40% من حجم الديون المتعثرة بالبنوك كمتوسط الا ان هناك حالات ائتمانية متعثرة من الوزن الثقيل لم تجد بعد طريقها الى الحل فيما احيلت ملفات كثيرة الى الجهات القضائية. ولا تزال ملفات القروض المتعثرة للهاربين الى الخارج ورغم ان البنوك كونت المخصصات اللازمة لمواجهتها.. لا تزال تمثل عقبة امام غلق ملف المتعثر.. حيث احجم كثير من الهاربين عن ابداء رغبته في العودة الى مصر وتسوية ديونه خوفاً من ملاحقته قضائياً والقبض عليه وايداعه في السجن دون اعطائه الفرصة للدفاع عن نفسه. ووفق مبادرة البنك الاهلي فقد بدأ مخاطبة كافة العملاء المتعثرين ودعوتهم من جديد الى التفاوض ووقف الاجراءات القانونية.. حيث تم خفض مقدم السداد لديون العميل من 10% الى 8% من جملة ديونه الدفعة الاولى التي تؤكد جدية العميل في تسوية ديونه. وقد تكون مبادرة البنك الاهلي الذي تصل جملة تسهيلاته الائتمانية 62 مليار جنيه مشجعة لبعض المتعثرين على تسوية ديونهم للبنك وتسهم في اختصار كثير من الجهد والوقت الذي تستغرقه الاجراءات القانونية والقضائية لاسترداد حقوق البنك طرف عملائه. وتضيف ان وقف الاجراءات القانونية ضد العملاء المتعثرين لا يعني الغائها بل هي سارية لكن ارجئ تنفيذها لحين استنفاذ الطرق الودية والتفاوض مع العملاء مشيرة الى ان مباردة الاهلي قد تشجع بنوكاً اخرى على السير في ذات الاتجاه. مسؤول مصرفي - رفض ذكر اسمه - حذر البنوك من التسرع والانسياق ورا ء البنك الاهلي وعمل اتفاقات جماعية لتسوية الديون المتعثرة خوفاً من تحول شريحة من العملاء الجادين الى المماطلة والتسويف في الوفاء بحقوق البنك. ويشكك بعض المصرفيين في جدية تنفيذه هذه المبادرة خاصة انها وصفت بانها مبادرة اعلامية اكثر منها مبادرة عملية فنية لحل ازمة التعثر التي استفحلت بالجهاز المصرفي. وبعيداً عن رؤى المصرفيين فان تلك المبادرة لاقت ترحيباً واسعاً بين اوساط رجال الاعمال والمستثمرين والقطاع الخاص والتي تأثرت سلباً بتداعيات ازمة التعثر المصرفي وجعلت البنوك تحجم عن منح قروض جديدة لتمويل النشاط الاستثماري والاقتصادي. كما اكدوا ان التفاوض مع البنوك لتسوية الديون المتعثرة من شأنه ان يعيد مشروعات ومصانع الى النشاط مرة اخرى بعد ان اغلقت بسبب التعثر وهو ما يصب في تحريك عجلة الركود وإيجاد فرص عمل ودعم دور القطاع الخاص في التنمية. يذكر ان القطاع الخاص قد تراجع في تنفيذ خطط التنمية خلال العامين الاخيرين من 75% كما كان مخطط له الى 57%.