ان العناية بالمتفوق أمر ضروري لانه ما من ثروة تعادل ثروة المجتمع في مواهب أبنائه لذلك ينبغي ان تتاح للموهوب الفرص التي تطلق طاقاته الكامنة التي تسهم في التقدم الثقافي والحضاري. ومع ذلك قد لا يلاقي المتفوق الرعاية الضرورية بحجة انه لا يحتاج الى المساعدة كالضعيف عقليا فتضيع الكثير من المواهب والقدرات وتطمس في وسط لم يكن يلائمها او يعيقها.. فما أهم العوامل المساندة والضرورية للوصول بالقدرات الى أعلى مستوى ممكن؟ الأخصائي النفسي أحمد الحربي يجيب عن هذا السؤال قائلا: يتمتع الطفل المتفوق بمستوى عال من النضج في المجال الجسمي والحركي والعقلي واللغوي والاجتماعي والدراسات المتعلقة بشخصه تكشف عن انه أكثر اتزانا وأخصب خيالا ويتمتع بارادة مثابرة ورغبة في التفوق مع شعور بالثقة كبير. ان نجاح الطفل المتفوق كبير في تحصيله الدراسي, غير ان الأمر يختلف أحيانا بالنسبة الى موهوبين جدا. فقد كشفت بعض الدراسات ان الموهوبين جدا قد يعانون عدم النجاح المدرسي بالرغم من النضج المبكر. ويعود هذا الى الطرائق المتبعة في تعليمهم وهي طرائق تصلح لذوي الذكاء المتوسط, وان الحقائق التي يتناولها المنهاج أدنى من مستوى فضولهم وقدراتهم العقلية. وكثيرا ما تكون اهتماماتهم بعيدة عن معلومات المنهاج.. مما يجعلهم مكرهين على تلقي الدروس التي تبدو لهم كثيرة السخف وعديمة الجدوى.. إن هذا الواقع المدرسي والتعليمي غير المتوافق مع قدراتهم يجعلهم قلقين. منعزلين ولا يأخذون بتوجيهات المربي ويعرضهم هذا لضغوط من الوسط المدرسي تصل أحيانا الى درجة القسوة والاضطهاد. والأمثلة كثيرة من حياة بعض المشهورين. ان نيوتن وداروين وأنشتاين وباستور ويونغ كانوا جميعا أقل من المتوسط او ضعفاء في تحصيلهم المدرسي في مختلف المواد.. وان السب الرئيسي لاخفاقهم يعود الى منهاج يناسب العادي ولكنه يسبب الملل لأطفال يتقدمون 3 او 4 سنوات في عمرهم العقلي. وقد يعود أيضا الى معلم لا يفهم مغزى الغرابة في الاطفال المبدعين ولا يفهم خروجهم عن المألوف. وفيما يتعلق بالتلاؤم الاجتماعي فان الطفل المتفوق (حاصل الذكاء لديه 140) يتوصل عادة الى تجاوز صعوبات التلاؤم الاجتماعي الناشئة عن وجود تفاوت بينه وبين اترابه في العمر الزمني نفسه, فهو يفوقهم في الفهم والتحصيل وسائر العمليات العقلية والمعرفية, غير ان الكثيرين من أمثال هؤلاء المتفوقين المتوسطين يحققون التلاؤم الاجتماعي, فيكونون مرحين, مفعمين بالحيوية, ينجزون مهماتهم بسهولة وسرعة, ويستخدمون طاقاتهم في أنشطة اضافية تجعل منهم مهيئين للقيادة. اما الموهوبون جدا الذين يصل حاصل ذكائهم الى (180) فهم يعانون صعوبات التلاؤم الاجتماعي عادة في المدرسة وذلك للفرق الكبير في الأعمار العقلية بينهم وبين أترابهم المساويين لهم في العمر الزمني (الفرق أكثر من 4 سنوات). ان الدعوة الى رعاية المتفوقين كمصدر هائل للثروة الإنسانية تشهد اهتماما متزايدا والخلاف القائم هو حول الأسلوب الذي تتم فيه هذه الرعاية. فهناك من ينادي بالتسريع القائم على تشجيع المتفوقين على تحصيل المنهاج المدرسي في أقل زمن ممكن وتجاوز الصفوف بحيث يمكنهم ان يدرسوا منهاج صفين او 3 في عام واحد. لكن التسريع الكبير يواجه صعوبات على مستوى التنفيذ والاجراء والحقيقة ان التسريع البسيط (سنة او سنتين فقط) يمكن ان يعتبر اجراء مقبولا وممكن التنفيذ. * ما الحل الأمثل في رأيك؟ يمكن وضع منهاج مدرسي مرن وموسع يساير في حده الأدنى الأطفال المتوسطين ويسمح للمتفوق بالتعمق والتوسع ويشبع ميله الى الأطلاع ويناسب قدارته العقلية. وثمة حول مطروحة أخرى تثير الجدل.. منها تجميع المتفوقين في صفوف تخضع لمناهج خاصة.