قد تجد هذا العنوان غريباً. ولكن بالنسبة لكل من خاض تجربة إجراء اختبار للالتحاق بشركة مايكروسوفت فإن العنوان الغريب الذي اختاره (وليام باوندستون) لكتابه يعتبر مألوفاً للغاية. إنه في الواقع أحد الأسئلة الشهيرة التي تطرح على المتقدمين لاختبار الالتحاق بمايكروسوفت. وهذه ليست أسئلة تعجيزية، بل هناك أسئلة أكثر صعوبة وغرابة منها، مثل: * كيف يمكنك تحديد حجم الجليد في قاعات التزلج على الجليد؟ * إذا صرح لك أحد الكاذبين بأنه يكذب، فهل تصدقه؟ * هل تعتقد أن موتسارت كان يستخدم عددا أكبر من أصابع البيانو مما لدينا الآن؟ وأصعب هذه الألغاز تلك المعروفة باسم (الروليت الروسي)، وهي تأتي كما يلي : تخيل أن معنا مسدساً ذي ست طلقات، بداخله طلقتان متجاورتان فقط والباقي فارغ. ثم أدرنا ممرات الطلقات بعشوائية ووجهنا فوهة المسدس إلى رأسك، وضغطنا على الزناد للمرة الأولى. ولكن لم تنطلق طلقة من المسدس ونجوت من الموت. فقد كان هذا الممر فارغاً من الرصاص! فإذا كنا سنجرب الضغط على الزناد مرة أخرى فقط، وخيرناك فيما إذا كنت تفضل أن تجرب حظك وتدير ممرات الطلقات بعشوائية قبل الضغط على الزناد؛ أم أنك تفضل الضغط على الزناد دون إدارة ممرات الطلقات. فأيهما تختار؟ ولماذا؟. تعكس هذه الأسئلة تغيرا جذريا في أسلوب اختبار المتقدمين للعمل بالشركات التي تعتمد على التفكير الابتكاري أكثر مما تعتمد على المعلومات التقليدية المخزنة في الذاكرة الإنسانية للموظف. فالغرض منها هو قياس طريقة تفكير المتقدم ومدى جرأته على التفكير. وتمثل الاختبارات التي تطرح على المتقدمين لشغل الوظائف أهمية كبيرة بالنسبة للشركات الابتكارية. فهي تساعد الشركة على اتخاذ قرار بقبول أو رفض المتقدم للوظيفة. ومع كل قرار من هذا النوع فإن الشركة تخطو خطوة على طريق صياغة مستقبلها القادم ومكانتها بين المنافسين، الذين يمكن لأي منهم أن يقتنص مواهب المتقدمين في حالة عدم تعيينهم لديها. * يشرح (باوندستون) في كتابة كيف تحولت اختبارات المقابلة الشخصية (الإنترفيو) إلى مجموعة من الألغاز التي تقيس قدرة خيال الشخص أكثر مما تقيس قدرة ذاكرته. ويعتبر (باوندستون) واحدا من أقدر الكتاب في التعامل مع هذا الموضوع الصعب، فهو يحمل تاريخاً مشرفاً في تأليف كتب الكشف العلمي الشعبية، فهو يكتب من بداية الثمانينيات في مجال الألغاز وحل المعضلات، يقول (باوندستون) في كتاب (كيف يمكنك تحريك جبل فودجي؟): يخطئ من يعتقد أن هذه الاختبارات تهدف إلى تعجيز المتقدمين، بل إنها مفصلة بدقة بحيث تكشف القدرات الذهنية الابتكارية لدى الشخص. فهي تجعله يفارق العالم الذي اعتاد في حياته العملية والدراسية، ليحلق في عالم بديل يعتمد على الخيال والجراءة وحدهما، ويقفز ذهاباً وإياباً بين عالم الواقع وعالم الخيال ليرصد المشكلات في العالم الأول ويستخرج لها حلولا من العالم الثاني. والمطلوب هو قياس قدرة الشخص على القفز بمهارة بين العالمين دون أن يقع في هاوية العبث، من ناحية، ودون أن يبقى مسمراً إلى الذاكرة الأكاديمية التي تشده نحو الحلول التقليدية، من ناحية أخرى. فهذه الأسئلة تظهر قدرة المتقدم على التعامل مع المشكلات والهدف منها هو أن يرى المدير كيف يتعاطى المتقدم مع المشكلات التي تبدو غير معقولة، أي كيف يمكنه تحويل اللامعقول إلى معقول. ويحتل كتاب (باوندستون) (كيف يمكنك تحريك جبل فودجي؟) مركزاً متقدماً جداً في قائمة مبيعات الكتب العالمية، فهو رقم 102 في قائمة أمازون دوتت كوم أكبر المكتبات الإليكترونية في العالم. وينصح الخبراء من يحبون الألغاز ويفكرون في التقدم للفوز بإحدى الوظائف في مؤسسة (مايكروسوفت) باقتناء هذا الكتاب. فمن المؤكد أنهم سيجدونه مثيراً ومفيداً بدرجة غير عادية، أما بالنسبة لمن لا يحفلون بالخروج عن المألوف فمن المحتمل الا يجدوا ضالتهم في هذا الكتاب.