مما يروى عن الخليفة علي بن ابي طالب رضي الله عنه وارضاه قوله: (من سل سيف البغي قتل به) وهي حكمة بالغة، وقول مضمخ بشذى مدرسة النبوة التي علمت الصحابة البيان والخطابة، والحكمة وقول الحق، كيف لا والنبي صلى الله عليه وسلم قد اوتي جوامع الكلم؟ في هذا القول للخليفة الراشد، تختصر تجارب الامم والشعوب وتتجسد غايات واهداف الاصلاح وترتفع رايات الحق، فما من احد يسل سيف البغي الا وكان حتفه بهذا السيف، وما من احد يوقظ الفتنة الا ويكون من ضحاياها. لقد تحكمت قوى البغي في مصير هذا العالم، فانقلبت الموازين واصبح الظالم في نظر تلك القوى هو المظلوم، والمعتدي هو المعتدى عليه، والمغتصب هو صاحب الحق، والارهابي هو حامي السلام. فأي مصير اسود سيؤول اليه هذا العالم، وافق الخير يزداد بعدا، ويزداد سوءا ما دام سيف البغي مسلطا على رقاب الابرياء، وصوت الباطل يرتفع على ايدي الاعداء. ومن لطف الله بخلقه ان جولة الباطل ساعة، وجولة الحق الى قيام الساعة، لذا فان السهام الحاقدة تعود دائما الى نحور من يطلقها، والدسائس والمؤامرات، كالقطة التي تأكل ابناءها. والاحقاد والضغائن، كالنار تحاصر من اشعلها، ولله در الحقد ما اعدله، بدأ بصاحبه فقتله، هكذا قيل عن الحسد والحقد. اذا ركب الاعداء موجة الارهاب، وتفننوا في الكيد للامة ومارسوا التنكيل بالعباد والتدمير للبلاد، لا احد يملك الا ان يدين ويشجب هذه الاعمال، وتكون المقاومة مشروعة، ويكون الموت استشهادا في سبيل الحق المغتصب، والكرامة المهدرة. اما اذا تفجر الحقد الاسود في دماء الحاقدين، وارتكبوا حماقاتهم ضد ابناء جلدتهم، فان الجريمة اشنع، والمقاومة اوجب، فمن يوقظ الفتنة حل عليه غضب الله، ووجبت محاربته بكل السبل، وسدت الطرق امامه بجميع الوسائل، لمحاصرته والقضاء عليه. وصدق الله العظيم الذي قال في محكم التنزيل: (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين، ولكن المنافقين لا يعلمون).