المصارعة والسياسة: من الحلبة إلى المنابر    فرصة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    حلف الأطلسي: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا    لبنان يغرق في «الحفرة».. والدمار بمليارات الدولارات    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «آثارنا حضارة تدلّ علينا»    «السقوط المفاجئ»    الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    أرصدة مشبوهة !    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    «المرأة السعودية».. كفاءة في العمل ومناصب قيادية عليا    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    «إِلْهِي الكلب بعظمة»!    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    فعل لا رد فعل    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المرور»: الجوال يتصدّر مسببات الحوادث بالمدينة    «المسيار» والوجبات السريعة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    رسالة إنسانية    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دمج الابتدائية والمتوسطة ((يتعثر)) بفارق السن..!!
الأكاديميون... شروط وقيود علمية لكنها مؤيدة
نشر في اليوم يوم 19 - 09 - 2003

تبدأ السن المدرسية في العام السادس من عمر الإنسان، وتنتهي في الثامن عشر الذي تتلوه المرحلة الجامعية. ويقضي الطالب في بلادنا 12 عاماً في 3 مراحل مدرسية (الابتدائية فالمتوسطة فالثانوية،) تتولى كل مرحلة إعداده تربويا وتعليميا وفق منظومة دراسية شاملة تسعى به الى الهدف الأهم وهو إعداده ليكون مواطناً متعلماً منتجاً. وتعتبر المرحلة الابتدائية من الدراسة مرحلة تأسيس أولى في حين تعتبر المتوسطة مرحلة صقل معرفي، أما الثانوية فهي مرحلة توجيه تهيئ الطالب إلى الاتجاه نحو التخصص الذي يناسبه. من هنا ظهرت فكرة الدمج بين المرحلتين: الابتدائية والمتوسطة باعتبارهما مرحلتين أوليين أساسيتين لا غنى عن المرور بهما لتأسيس أهم أبجديات التعليم.
هذا الدمج ذو مغاز كثيرة، وكمشروع يمكن تطبيقه علمياً كما في كثير من الدول وليس من المحال أو حتى الصعب تطبيقه إذا ما أخذت بعين الاعتبار الظروف العملية والإدارية والفنية وحتى التربوية.
(اليوم) طرحت فكرة الدمج للنقاش المفتوح أمام شرائح مختلفة من التربويين: معلمين ومديري مدارس وباحثين وإداريين تنفيذيين، ورصدت وجهات نظر كثيرة في مناقشة القضية.. كثير من الآراء أيد فكرة الدمج وكثير لزم جانب الاعتراض، وكثير تحفظ، وكثير جامل أيضاً...! وبين التأييد والمعارضة فروق تتوقف عند الإيجابيات والسلبيات: تربويا وإداريا.. ومن هنا رأينا أن نحشد اختلافات وجهات النظر ونقسمها إلى حلقتين: حلقة اليوم تتناول آراء المعلمين ومديري المدارس، في حين تتناول حلقة الغد آراء المختصين: إداريين وتنفيذيين وباحثين.. ومثقفين..
نمو معرفي
الدكتور عبدالهادي سعد آل عبد الهادي - الأستاذ بكلية التربية بجامعة الملك فيصل بالأحساء - يقول: عندما نعرف التعليم الابتدائي فإننا نقصد به ذلك التعليم النظامي الذي يأتي في بداية السلم التعليمي حيث يتلقى الأطفال تعليمهم من سن السادسة وحتى سن الثانية عشرة وهذه المرحلة تضم في جوانبها ثلاث مراحل من النمو المعرفي أو التطور العقلي عند المتعلم كما يراها العالم النفسي التربوي (بيايه) وهي مرحلة ما قبل العمليات وتتميز بزيادة قدرة المتعلم على التفاهم مع بيئته، ومرحلة العمليات العينية التي تستدعي قدرة الطفل على تصنيف الأشياء طبقاً لخصائصها الرئيسية ومرحلة التفكير العقلي المجرد التي تتميز بالقدرة على التفكير العقلي المنظم والتعامل مع الأشياء المجردة باستخدام الرموز. وإذا عدنا إلى تعريف التعلم بجميع مراحله كما يراها كثير من العلماء التربويين السلوكيين أمثال (هربرت كلوزمير) وغيره على انه تغير في السلوك ينتج عن التجربة والتدريب والممارسة.. ومفهوم ان تغير السلوك واكتساب هذه الخبرات سواء كان ذلك في داخل الصف أو ساحة المدرسة أو غيرها من مواقف التعلم لهذا فان البيئة المدرسية ممثلة في المدرسة تمثل الوسط المناسب الذي تتم فيه العملية التعليمية حيث يلتقي الطلاب بمعلميهم وزملائهم والكتب والوسائل التعليمية والنشاط المدرسي، ولهذا فان التعلم من الأقران وهم الأنداد في مثل العمر ومستوى النمو العقلي لهما أهمية بالغة في تشكل السلوك المرغوب فيه من قبل الأهداف التربوية في المرحلة الابتدائية في الوقت الذي يعرف طالب المتوسط بأنه يعيش مرحلة عمرية محددة ذات متغيرات هارمونية وجسمية ونفسية تحتاج إلى متابعة دقيقة وتوجيه مناسب وهي بداية مرحلة المراهقة كما يسميها علماء النفس: وهي محاولة الانتقال من الطفولة إلى الرجولة أو مستوى النضج وهذه المرحلة التي بدأ في نموها من سن 12 إلى 14عند الذكور ومن سن 9 إلى 14 عند الأناث وتميز بنمو تدريجي في الجوانب الجسمية والجنسية والعقلية والنفسية تنعكس على سلوك الطلاب والطالبات فالطالب في هذه المرحلة يحاول ان يجاري عالم البالغين وعالم الطفولة الذي انسلخ منه. ويضيف: فاذا تصرف الطالب أو الطالبة كطفل سخر منه الكبار وان تصرف كرجل انتقدوه أيضاً فهو طريد الكبار والصغار فضلاً عن زيادة حالات الاضطراب النفسي عند الذكور والخجل والحياء والانطواء عند الإناث وهذه كلها تمثل تغيرات في هذه المرحلة فالنمو الجسمي ملاحظ في تغير الطول والوزن ونمو العضلات والتغيرات العقلية تظهر تغيرات في الميول والاهتمامات. والتغيرات الوجدانية تتسم بحدة الانفعال حيث يغضب ويثور المراهق لأسباب تافهة كما يمتاز بالانفعال والتقلب وسرعة التغير وهذه الانفعالات مرجعها شعوره بأنه اصبح رجلا، فضلا عن ذلك فان مرحلة النضج هذه تتسم بأنماط من المراهقة العدوانية التي يتسم فيها سلوك الفرد بالعدوانية على نفسه وعلى غيره من الناس. لهذا يرى كثير من علماء النفس التربويين ان قبول المراهق في عالم الكبار خير له من عالم الصغار.
وان كان هناك تحديد للسنوات الابتدائية التي تحدد المرحلة الابتدائية بأربع سنوات كما هو الحال في معظم الولايات الأمريكية. فأنا أرى دمج المرحلتين الابتدائية والمتوسطة له سلبياته إلى جانب إيجابياته ولكن ربما سلبياته تكون اكبر من إيجابياته على مستوى التعلم فالمنادون بضم المرحلتين في مرحلة واحدة هو لاعتقادهم ان الطلاب يتوقفون عن التعليم عند مرحلة الصف السادس الابتدائي مما يسبب هدرا كبيراً للمجتمع أو ان التعليم الابتدائي لا يعطي مستوى دراسياً وتعليمياً كافياً لممارسة الوظائف الحكومية في الوقت الذي يطلب سوق العمالة مستوى تعليميا متميزاً فأرى مثل هذه الأمور اختفت من المجتمع السعودي خاصة بعد تغير مستوى الوعي بين الأفراد وتحسن المستويات الاقتصادية للأسر السعودية أما قول المطالبين بدمج المرحلتين لا يعطي تعليما كافيا لممارسة المهن فيجب ان نذكر ان التعليم الابتدائي يوفر الحد الأدنى من المعلومات والمفاهيم والمهارات والاتجاهات اللازمة لتأسيس المواطنة التي يحتاج لها كل صغير يعيش في عالمه كما نادت بها نظريات التعليم الحديثة أما المرحلة المتوسطة فهي مرحلة بلورة المفاهيم العلمية وهي أكثر تطورا وتخصصا بحسب طبيعة النمو العقلي عند المتعلم لهذا تأخذ المقررات الدراسية طابع التميز والتقسيم، وفي كلتا الحالتين فهما يعدان إلى المراحل التي تليها. ولا يوجد في كلا المنهجين الابتدائي والمتوسط ما يؤدي إلى أعداد الطالب إلى مهنة معينة علاوة على ذلك فإن الدمج تم في مبنى واحد فإن تكدس الأعداد الكبيرة من الطلاب سوف يؤثر على الطبيعة العملية التربوية كما وكيفا كما ان الاتجاه الجديد إلى ضم المرحلتين قد يتطلب توافر كوادر من المعلمين ذوي الكفاءة العالية في فهم طبيعة كل مرحلة من المرحلتين الدراسيتين في الوقت الذي تسعى فيه جهود حكومتنا الرشيدة ممثلة في وزارة المعارف إلى إيجاد النوعية المثقفة والمتعلمة التي تستطيع مواكبة المتطلبات المستقبلية طبقا للنمو المطرد الذي تعيشه بلادنا في ضوء الإنفاق السخي والعطاء المتجدد من حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - أمد الله في عمره وأبقاه.
فاصل وهمي
الدكتور مهدي محمود سالم - أستاذ المناهج وطرق التدريس المشارك - يقول: قبل تناول إيجابيات وسلبيات الدمج وما يتعلق بذلك من الناحية الإدارية والتربوية. تجب الإشارة إلى ان الأساس عدم الفصل في مراحل التعليم الأساسي وما يوجد من فاصل الآن قد يكون شكليا لعدة اعتبارات أهمها ان النظام التعليمي الناجح دائما يتعامل مع الأفراد بصورة متكاملة جسدياً وعقلياً واجتماعياً وانفعالياً وطبقا لمراحل نموه. أما إذا نظر النظام التعليمي إلى أفراده بصورة مجزأة أثناء التعليم فانه قد يخفق في تحقيق أهدافه خاصة في المرحلة الابتدائية والمرحلة المتوسطة. والفاصل الموجود حاليا بين المرحلتين قد يكون له ما يبرره من وجهة نظر علماء النفس والتربية وفي ضوء حقيقة ان قدرة الإنسان على التعلم تتطلب مستوى معينا من النضج، فمثلا الطفل يتحرك في بداية حياته حركة كلية ثم تبدأ الاستجابة في التخصص لحركاته، وهذا يؤكد ان العمل التربوي يجب ان يتبع سير النمو ومراحله، فعلى سبيل المثال المرحلة الابتدائية من سن 6 إلى 12 سنة ومن ثم المرحلة المتوسطة من سن 12 إلى 15 بتوسيع دائرة التفاصيل وتثبيتها حتى يبدأ المتعلم بالتخصيص في المرحلة الثانوية (علمي أدبي)... وأثبتت الدراسات ان التعلم يحقق نتائج إيجابية إذا توافق مع مرحلة النمو أما اذا اختلف المستوى التعليمي فإن الأمر يتطلب اختلافاً في مضمون المنهج وليس تعارضاً حتى لا يشعر المتعلم بغربته في مجال العلوم. وقدم كل من هوايته وبروز وهيلجارد وغيرهم تصنيفات متعددة لمراحل نمو الإنسان واتفق الجميع على ان المحك الإجرائي في اتساق مناهج مرحلة تعليمية معينة مع نمو الطلاب هو توافر المتطلبات اللازمة لدراسة هذه المناهج في تلك المرحلة وكلما كان التركيب العضوي اكثر نضجاً قل التعلم اللازم لتحقيق أهداف معينة.
سياستنا التعليمية
يضيف النظام التعليمي في المملكة ينبثق من الإسلام وهو جزء من السياسة العامة للمملكة والمرحلة الابتدائية هي مرحلة عامة تهدف إلى التعهد بالعقيدة الصحيحة في نفس المتعلم وما يتطلب ذلك من نمو معرفي ومهاري ووجداني. أما المرحلة المتوسطة فهي مكملة للمرحلة الابتدائية وغايتها تمكين العقيدة في نفس المتعلم، إذن الغايات واحدة في كلتا المرحلتين ولكن منظومة المنهج تتباين طبقا لمطالب النمو وخصائص الطور الذي يمر به المتعلم.
الدمج شكلا وموضوعاً
وان تكلمنا عن الدمج شكلا وموضوعاً فان إيجابياته ممثلة في:
1/ تأكيد الدور التربوي والنفسي الفعال عند التعامل مع المتعلم بصورة كلية مهاريا وانفعاليا لمرحلة التعليم الأساسي (6 إلى 15 عاماً).
2/ تأكيد التسلسل المنهجي للتعلم والتعامل مع نتائج تعليمية محددة وليس مراحل تعليمية مختلفة.
3/ الدراسة الإلزامية لمدة 9 سنوات كتعليم أساسي لتأمين وتحقيق المواطنة والانتماء.
4/ يزيد من نسب الاستيعاب للمرحلة المتوسطة فمن المعروف ان نسبة التسرب في المرحلة الابتدائية 20% واقل منها المرحلة المتوسطة.
5/ بالطبع إذا قلت نسب النقد ستقل نسب الأمية والأبجدية والأمية الثقافية.
6/ توسيع نطاق أساسيات العقيدة الإسلامية عن طريق إتاحة الفرصة للفرد لفهم الإسلام وتزويده بالقيم والتعاليم والمثل العليا في فترة زمنية أطول وبصورة متكاملة مترابطة.
7/ المتابعة الوثيقة للمتعلم ومراحل نموه العقلي والمهاري والوجداني لفترة زمنية اكبر وهو ما يتيح فرص التغذية والإصلاح والتقويم.
8/ تعديل خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية نظراً لتعديل مدخلات التعليم بهذه المرحلة بما يخدم التنمية الوطنية ككل.
أما سلبيات الدمج فهي:
1/ إمكانات تهيئة مؤسسات تعليمية تستوعب أعدادا كبيرة من الطلاب والمعلمين.
2/ مشكلات إدارية وتنظيمية لعدد كبير من الطلاب والمعلمين.
3/ الملل الذي قد يصيب المتعلم في ظل إدارة غير واعية وتعليم دون المستوى مما يزيد الفقد التعليمي.
ورغم إيجابيات الدمج إلا انه في ظل الوضع الراهن قد يكون الجهد المطلوب للتغلب على مشكلات الدمج اكبر من الجهد المطلوب لمعالجة الوضع الحالي.. ومن الاقتراحات ما يلي:
أولاً: النظر التربوي إلى المرحلتين كمرحلة أساسية واحدة مضموناً وليس شكلاً فقط.
ثانياً: إعادة تحليل محتوى المناهج في المرحلتين لتحقيق التكامل.
ثالثاً: النظر إلى مرحلة الطفولة المتوسطة (6 إلى 9) نظرة تختلف عن مرحلة الطفولة المتأخرة (9 إلى 12) أو المراهقة المبكرة (12 إلى 15) باعتبار أن هذه المرحلة أهمها وأساسا لاستكمال المرحلتين الآخريين ويتطلب ذلك البحث عن معلم الفصل الواحد حتى يتعهد بالتلميذ ثلاث سنوات متكاملة، وتطبيق منهج النشاط القائم على معدل التلميذ ومواقف الحياة حتى لا تجور على حرية المتعلم وتفكيره الخيالي في هذا العمر.
رابعاً: إيجاد إطار مرجعي للأهداف بالدراسة والتحليل لتسهيل مهمة المعلم والتعلم للمرحلتين.
خامسا: الأخذ بمفهوم التربية المستمرة كصيغة أساسية للمرحلتين وكفيلة بأن تقدم مبدأ التوجيه والتجديد الشمولي للتربية ويحمل اعتراضا على انتهاء تعليم الفرد عن مستوى تعليمي معين. وأخيرا بقدر الاتساق بين مدخلات المنظومة التعليمية في المرحلتين (حتى ان ظلا متصلين شكلاً) بقدر ما يمكن الاقتراب من تحقيق المخرجات المطلوبة.
تطبيق تدريجي
ومع هذا فإننا لا نستطيع ان نفترض ان شؤون تعليم البنات قادرة على تلبية احتياجات النمو المتزايد والمطرد بان تفتح مدرسة جديدة كما احتاج أحد القطاعات لإضافة فصل جديد لمرحلة متوسطة لان أي رئاسة تخضع لمعايير مقررة تحكم قدرتها على الإنفاق ولان فتح فصل واحد في مدرسة متكاملة إلى أكثر من مدرسة ونصف ولذلك فان من المعقول ان يتم التدرج في هذا الأمر بان تبدأ المرحلة المتوسطة ملحقة بمدرسة ابتدائية وعندما تكتمل يستحسن فصلها في مبنى مستقل وإدارة منفصلة. ولمعالجة هذه القضية نرى ان تنظيم الأمور بحيث لا تفتح مدرسة متوسطة إلا عندما تتوافر حول مقرها ثلاث مدارس ابتدائية أو اكثر لضمان تغذيتها بعدد كاف من الطلاب من أول الأمر وتفتح عندئذ في مبنى مستقل وإدارة منفصلة. أما في المناطق النائية في البادية أو في الأودية البعيدة أو في قمم الجبال فلا بأس ان تبدأ المدرسة المتوسطة ملحقة بالابتدائية وعندما تكتمل يستحسن فصلها في مبنى آخر.
الأعباء المادية
ولتخفيف الأعباء على الميزانية يمكن ان يكمل المدرس الذي يقل نصابه عن الحصص المعتمدة نظاماً في مدرسة أخرى مجاورة وبذلك نجنب تلاميذ المرحلة الابتدائية مشكلات ضم مدرسة متوسطة بطلابها الكبار إليهم. سدد الله خطى رئاستنا رئاسة تعليم البنات وأعانها على حمل أعباء تربية جيل هذا الوطن وأبنائه والتي تسعد مليكنا الغالي خادم الحرمين الشريفين ان يتابع خطوات النجاح في كل منها فيثلج صدره وتقر عينه ويطمئن إلى ان الصرح الذي بدأ يرفع بنيانه قد أثمر وآتى أكله بحمد الله وعونه.
الإيجابيات
وتحدث أحد التربويين محمد عثمان الغنام بقوله: في الواقع إنني لا أرى أي إيجابيات للدمج لأن المرحلة المتوسطة تمثل بداية سن المراهقة (البلوغ) عند كثير من الطلاب ولما يصاحب هذه المرحلة من بعض مظاهر التسلط التي قد تتمثل في إيذاء الصغار وفرض الإرادة عليهم من منطلق النمو الجسمي المفاجئ للمراهق ويكفينا ما نعانيه من كبار السن المتواجدين في المدارس الابتدائية من تصرفات حتى نبتعد عن الاقدام على ضم المرحلتين الابتدائية والمتوسطة. وارى ان افضل تقسيم للمراحل الدراسية هو ما نحن عليه الآن حسب الجدول التالي:
وحول الظروف المانعة للدمج يؤكد الغنام عدم التوافق العمري والجسمي بين طلاب المرحلتين وكبر حجم الدراسة حيث سيصل تعداد الطلاب فيها إلى رقم كبير يصعب على الإدارة التعامل معه، والحاجة إلى مبان جديدة لاستيعاب ما لا يقل عن 50 فصلا دراسياً وتواجد أعداد كبيرة من الطلاب في مبنى واحد يؤثر على نوع الخدمة التعليمية المقدمة وكذلك على دقة المتابعة للطلاب.
ما الهدف؟
وأخيراً يلخص الدكتور محمد بن عبدالله الجغيمان - الوكيل التعليمي بكلية المعلمين في الأحساء - رأيه في قوله: تعتبر المدارس الابتدائية القاعدة الأساسية للتعليم في أي نظام تعليمي، حيث انها تمثل الروافد الطبيعية التي تمد المدارس المتوسطة باحتياجاتها من الطلاب كما أنها تمثل بالنسبة للمتعلم مرحلة الإمداد بالأساسيات التي يمكن ان ينطلق منها إلى تحصيل وتعليم أوسع واعمق ومن هنا فهي مرحلة الانطلاق المعرفي التي يتأثر بكفاءتها سائر النظام التعليمي. وتشهد الآونة الأخيرة مناقشة وبحث ودراسة دمج المرحلتين الابتدائية والمتوسطة في المدارس، ومناقشة هذه القضية يطرح عدة تساؤلات منها الهدف من الدمج هل يرتبط بقضية الأمية والقضاء على البقية الباقية منها من منطلق زيادة عدد سنوات الدراسة للطفل وتعريضه للمؤثرات التربوية وهل يحقق هذا الدمج ومواكبة التغيرات العلمية في التعليم والتي تدور حول تغير مفهوم التعليم من المرحلة الابتدائية من مجرد تعليم روافد لتعليم المرحلة الأولى إلى تعليم ممتد يتضمن مرحلتي التعليم الابتدائي والقسم الأول من المرحلة الثانوية أم ان الدمج يرتبط بالتطور الاقتصادي الذي يتطلب مستوى تعليميا يتعدى ما يمكن ان تقدمه المدرسة الابتدائية، على اعتبار ان نسبة ليست بالقليلة تترك الدراسة بعد المرحلة الابتدائية وربما هناك رغبة في زيادة تعبئة الدارسين للاستفادة من التعليم ذي وظيفة حضارية موجهة لزيادة الرقي المجتمعي. ولعل من الدمج معالجة ظاهرة التفاوت في المدارس الابتدائية والمتوسطة من حيث المباني والتجهيزات ومؤهلات العاملين بها.
أبجديات الثقافة
المعلم جمعان بن عايض الزهراني يقول: المتأمل في حصيلة الاكتساب الثقافي عامة والعلمي خاصة طوال حياة الإنسان يجدها سلسلة متصلة الحلقات، لا يفصل بينها حاجز له طول وعرض وارتفاع.. من تعلم أبجديات الثقافة في مقتبل العمر لن يدرك محل الأبجديات في وقته ذاك، بل تمضي عليه سنين عديدة وهو في طريق الأبجديات الأولى، بل قد يرحل من الدنيا وبعضها لم يعرفه.. من هذا المنطلق فإن ما اتفق عليه المربون والمعنيون بشئون التربية والتعليم من تقسيم لسنوات الدراسة فجعلوا مرحلة ابتدائية، ثم متوسطة ثم ثانوية ثم جامعية ثم مرحلة الدراسات العلمية العليا لا يعني انفصالا مستقلا لا يرتبط بما سبقه أو ما يلحقه. والتربية والتعليم مندمجة بعضها في بعض من الابتدائية إلى المراحل العليا ويمكنك ملاحظة نفسك حين تطبق مبادئ وقواعد اللغة العربية والتي تعلمتها في المرحلة الابتدائية في صياغة أطروحتك للماجستير أو الدكتوراة. ان هذا يثبت ان العملية التعليمية عملية اندماجية تكاملية يقوم بعضها على بعض وان ما سمي بشهادات إتمام المراحل الدراسية ليس إلا ترتيبا اصطلاحياً اتفق عليه المعنيون بشئون التربية والتعليم لإثبات اجتياز جزء من أجزاء الثقافة والعلوم ولا يعني بحال من الأحوال انفصال ما حازه المتعلم في أي مرحلة عن جسم الثقافة والعلوم الكلي. ولم يحدث في بنيته الثقافية أو العلمية انشطار أو اختزال. ومن هنا نستطيع القول ان دمج مرحلتي الابتدائية والمتوسطة أو بقائهما على ما هما عليه ليس قضية في حد ذاته.. واذكر ان بعض الدول الأخرى تعمل بنظام الدمج وبعضها يفصل بين المراحل الدراسية بألواح ورقية وفي كلنا الحالتين فإن العملية التعليمية في كل نواحي الدنيا سائرة بهدوء ونجاح إنما هناك بعض التميز للذين يأخذون بمبدأ ان العلم على طول الحياة. قد تكون عملية الدمج بالنسبة لنا جديدة وهذا الشيء هو الذي يعطي القضية بعدا تخوفيا أو ترقبيا أو تردديا.
أؤيد الدمج بشروط
وبناء على هذا التنظير يقول الزهراني: أميل إلى تأييد عملية الدمج شريطة تحسين المناهج الدراسية كما وكيفا مع التوجيه نحو التبسيط المتزن والابتعاد عن الحشو المكثف. فمادة الرياضيات يجب تبسيطها ولو أدى ذلك إلى زيادة حصصها وتأخير مفردات المنهج من سنة دراسية ما إلى السنة الدراسية التي تليها. وكذلك بالنسبة لمواد اللغة العربية لا بد من حذف التمارين ذات الطلب الواحد. ولابد من إيجاد المعلمين المختصين في جميع المواد التعليمية ولا تسند أي مادة دراسية إلا لمعلم حاز على الشهادة الجامعية التربوية على اقل تقدير. وكذلك لا بد من التركيز على استخدام الوسائل التعليمية الحية والابتعاد عن التعليم المجرد الصامت. ثم لابد من إيجاد المباني المدرسية الصالحة لعملية التربية والتعليم وقبل هذا وذاك لا بد من إيجاد مدير المدرسة الناجح علمياً وعملياً لأنه قائد العملية التربوية والتعليمية وبدونه لا يمكن ان يكتب النجاح لأي جهد أو مؤسسة تعليمية أو تربوية. ان الحكم الصحيح على أي تجربة لا يكون إلا بعد تطبيقها... ومعرفة سلبيات وإيجابيات عملية الدمج الآن توهمية توقعية وليست معيارية أو قاعدية.. مضيفاً: اعتقد ان بإمكاننا الآن تطبيق عملية الدمج ولا يوجد أي مانع تربوي أو تعليمي أو إداري في نظري يحول دون نجاح التجربة.
طلاب المدارس في القاعات الدراسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.