بعد مضي نحو عشر سنوات على تعرضه للدمار أثناء الصراع في البوسنة والهرسك 1992- 1995 دخل "الجسر العتيق" الشهير في مدينة موستار الجنوبية المرحلة الاخيرة من عملية إعادته للحياة مرة أخرى. فقد استكمل عمال البناء من كرواتيا وتركيا والبوسنة الجمعة تشييد القوس الرئيسي للجسر ومن ثم تنتهي أكثر المراحل دقة من أعمال إعادة تشييد الجسر التي بدأت قبل عام. واحتشد المئات على ضفتي نهر نيريتفا الذي يمثل حدودا طبيعية بين مسلمي وكروات البوسنة في المدينة التي لا تزال مقسمة على أساس عرقي، لحضور احتفال أقيم يوم الجمعة لوضع حجر الاساس للجسر. وفي معرض إعرابه عن تمنياته أن تمثل إعادة إعمار الجسر العتيق رمزا لتجدد العلاقات الودية بين مسلمي موستار والكروات فيها، وضع عمدة المدينة حامد جا آخر أحجار الجسر في مكانه في منتصف قوس الجسر الذي يبلغ طوله 27 مترا. والحجر الاخير هو الحجر رقم 456 من أحجار الجسر. وصرح تيمور روزيتش مدير المشروع بأن مشروع إعادة تشييد الجسر يستهدف الاحتفاظ بالشكل الاصلي للجسر العتيق. ويرجع تشييد الجسر القديم "ستاري موست" الذي سميت بلدة موستار على اسمه إلى عام 1566 حيث صممه المهندس المعماري التركي الحاج رودين عندما كانت المنطقة جزء من الامبراطورية العثمانية. واستطرد روزيتش أن الجسر كان يوصف وقتها بأنه معجزة من معجزات البناء والتشييد قصد بها أن تكون قوس قزح الذي يمس مسا رفيقا ضفتي نهر نيريتفا الذي تمتاز مياهه بلونها الاخضر الزمردي. ويعد الجسر العتيق رمزا لمدينة موستار بل والبوسنة والهرسك بأسرها، فكان أن وضع تحت حماية منظمة الاممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونسكو احتراما لقيمته التاريخية والثقافية والمعمارية التي لا تقدر بثمن. ورغم هذا فلم تتورع قوات كروات البوسنة عن تدمير هذا المعلم خلال قتالها ضد المسلمين إبان الصراع بين المسلمين وبين الكروات بين عامي 1992-1994 في إطار الحرب العرقية. انهار الجسر تماما في التاسع من نوفمبر 1993 عندما أقدمت القو ات الكرواتية بدباباتها على الجسر العتيق ثم قصفت إحدى دعائمه، في يوم لم يبرح المسلمون والكروات في موستار يذكرونه بكل المرارة. ويقول عليانتش أيانيش، وهو مسلم في الخامسة والخمسين من عمره من موستار: "لن أنسى ما حييت يوم دمر الجسر آخذا معه جزءا من عمري".. ويضيف: "واليوم وقد أعيد بناء قوس الجسر، فإنني أشعر وكأن الجسر العتيق عا د إلى الحياة من جديد". وأعرب ميو بيرتش، وهو من الكروات ويعيش على الضفة الغربية من نهر نيريتفا التي تخضع لسيطرة كروات البوسنة، عن سعادته أن أعيد بناء الجسر بأكمله. كما أعرب إبراهيم كوردا، وهو مسلم من شرقي موستار، عن أمله أن تسهم إعادة تشييد الجسر العتيق في استعادة علاقات حسن الجوار في موستار بل وفي البوسنة والهرسك. ومن المقرر أن تستمر أعمال إعادة التشييد لباقي الجسر حيث من المقرر أن تنتهي هذه الأعمال ويفتتح للجمهور العام المقبل.