نعم.. صخب وفوضى واعتراض وفعل وردة فعل ومكابرة وعناد وتدليس وخروج عن النص، مساحات يومية في خارطة كرتنا، تتزين بها الشوارع والأرصفة، وتتزود بها الشخصيات في محطات الوقود، حتى وإن لم ينقص وقودهم اللفظي أو القصصي أو الاتهامي أو حتى الدفاعي. كل ذلك صحيح، ولكن في المقابل هناك من يبعث برسائل بصيص الأمل، ويمتلك ثقافة الاعتذار، ويقر بأخطائه، ولأنه واثق من نفسه ويتسلح بالشجاعة فهو يعلن الاعتذار عبر الملأ. العميد فهد المشيقح النصراوي النقي، هو واحد من الشخصيات الرياضية التي تشربت عشق ناديها من الرمز الراحل عبدالرحمن بن سعود "يرحمه الله"، وهو واحد من الذين قدموا الكثير ولم يأخذوا إلا القليل من الحظوة الإعلامية، رغم أن النكرات في الوسط الرياضي، والذين لم يقدموا واحدا بالمائة من الذي قدمه المشيقح، يتصدرون المشهد الإعلامي في الفضاء وعبر الورق ولم يفوتوا حتى الإذاعات. أعود لحكاية (العميد) الذي عمل خلف الكواليس لناديه أكثر من ربع قرن، ورغم شهرة وجماهيرية وعراقة النصر، إلا أن الكثير من أجيال هذا النادي لم يتعرفوا على مثل هذه النماذج الحية والمخلصة في عملها لنصرها، لسبب وحيد فقط أنه ليس من هواة "الترزز"، وليس من أولئك الذين "يهايطون" لتلميع صورهم حتى وإن كانت على حساب مصلحة ناديهم. لا أعرف السر، وراء هرولتنا تجاه كل فعل أو تصريح أو حركة لكل ما هو خارج عن النص، حيث نفرد له المساحات ونبحث عنه في الفضاء العميد في أخلاقه وتصريحاته ومكانته وأدبه، تم إصدار عقوبة بحقه من قبل لجنة الانضباط، ليقدم على أثرها درسا في ثقافة الاعتذار، وقبول القرارات دون اللجوء إلى تبريرات واهية، ودون أن يقدم مسلسلا من الاتهامات للغير، ودون أن يشكك في هذا أو ذاك، بل تقبل القرار برحابة صدر، وقدم اعتذاره عبر وسائل الإعلام. هذه الثقافة الغائبة عن المسئولين والإداريين ومنسوبي الأندية، يجب أن يتم إحياؤها من جديد، وسط هذه الفوضى من ردة الفعل تجاه كل الاقرارات، نعم هناك لجان "تجيب العيد" في بعض قراراتها، ولكن هذا لا يمنع أن تكون ردة الفعل حضارية، سواء من قبل تصريحات مسئولي الأندية أو بيانات إداراتها. لا أعرف السر، وراء هرولتنا تجاه كل فعل أو تصريح أو حركة لكل ما هو خارج عن النص، حيث نفرد له المساحات ونبحث عنه في الفضاء، ونمارس عملية التكرار حتى يصل لحد التقيؤ، أما ما هو جدير بالاحترام من عمل وقول، فإن مصيره التجاهل للحد الذي نتصور فيه أن كل ما يخرج من الساحة الرياضية هو سلبي بدرجة امتياز لتجاهلنا الحالات الإيجابية. المشيقح نموذج رائع في ساحتنا الرياضية، وشخصية تذوب في المجموع وتحارب "الأنا"، ولأن مثل هذه النماذج لا تجد رواجا في ساحتنا الرياضية، ولا تجد أفعالها مساحات في إعلامنا، فإن المطبات في أرصفتنا الرياضية مستمرة، وعملية السفلتة ستكون معدومة.