في ساعة مبكرة من صباح أمس الأول توافد 18 سعوديا إلى احدى المقاهي المعروفة في مجمع سيتي ستارز في مدينة نصر بالقاهرة، حيث يشكل المتوافدون السعوديون أبرز المستثمرين في مصر، لصياغة جملة من المطالب التي تحفظ حقوقهم الاستثمارية في البلاد، حيث تم تقديمها أمس الخميس إلى عدلي منصور الرئيس المصري المؤقت. ويبدو ان المستثمرين المجتمعين اتفقوا على ضرورة احترام العقود السابقة التي أبرمت في فترات رئاسية سابقة، وكان هذا أحد أبرز المطالب الرئيسية. وترغب حكومات دول خليجية في ضخ مليارات الدولارات في مصر لدعم اقتصادها، لكن رجال الأعمال الخليجيين أكثر خشية من ذلك بعد أن «اكتووا» بالنار في الماضي. وقال عبدالله بن محفوظ رئيس مجلس الأعمال السعودي المصري إن العديد من المستثمرين السعوديين والإماراتيين يخشون أن تلغي الحكومة الحالية عقودا أبرمت قبل عام 2011. وأضاف ابن محفوظ، موجزا شعور رجال الأعمال الخليجيين، إنه إذا عدلت الحكومة المصرية القواعد التنظيمية، فإن المستثمرين الحاليين سيعززون استثماراتهم، لكن إذا لم تفعل فإنهم سيستثمرون برؤوس الأموال المدفوعة فقط. وتعهدت الدول الخليجية المنتجة للنفط بأكثر من 12 مليار دولار لدعم الاقتصاد المصري الذي عصفت به الاضطرابات السياسية منذ سقوط حسني مبارك في انتفاضة شعبية عام 2011. وخلال «المنتدى الاستثماري المصري الخليجي» الذي أقيم في القاهرة هذا الأسبوع، وعد المسؤولون المصريون بسداد جزء من ديون مصر لشركات النفط الأجنبية التي تبلغ نحو ستة مليارات دولار، وبتعديل تشريعات تضر المستثمرين وتخفيف الإجراءات البيروقراطية. ويقول مستثمرون خليجيون من القطاع الخاص إنهم لن يعودوا إلى مصر إلا بعد الحصول على ضمانات بأن أموالهم ستكون في أمان، وذلك بعد أن تعرضت مشروعاتهم في مصر لدعاوى قضائية بعد سقوط مبارك. وأصدرت المحاكم المصرية 11 حكما على الأقل منذ الانتفاضة التي أطاحت بمبارك وأمرت بإلغاء عقود أبرمتها الدولة في عهد مبارك. وأقيمت تلك الدعاوى من قبل نشطاء ومحامين قالوا إن شركات حكومية بيعت بأثمان بخسة. وأدت تلك الأحكام القضائية إلى مأزق قانوني لعدد من الشركات الأجنبية العاملة في مصر وهو ما قد يكون طاردا للاستثمار الأجنبي ومعكرا لمناخ الأعمال. وقال عمر الفطيم الرئيس التنفيذي ونائب رئيس مجلس الإدارة بشركة الفطيم العقارية الإماراتية، إن المستثمرين يحتاجون لتبديد ذلك الغموض لتنفيذ استثمارات مهمة في مصر معبرا عن تفاؤل حذر. وقال: إن جذب الاستثمارات الكبيرة يتطلب مناخا جذابا وكثيرا من الشفافية لا سيما فيما يتعلق بالقوانين واللوائح وتنفيذ الاتفاقات. ودعا وزير الدولة الإماراتي سلطان الجابر إلى إيجاد الإطار القانوني المناسب لطمأنة المستثمرين المهتمين بقطاعات عديدة من بينها الزراعة والطاقة. وتعمل الحكومة المصرية على إعداد قانون لتأكيد المراكز القانونية الناتجة عن العقود السابقة مع الدولة لكن المستثمرين يقولون إنهم لن يتخذوا خطوة قبل أن يروا تقدما جادا. وأعلن رئيس الحكومة المصرية المؤقتة أن مصر نجحت في تسوية مشكلات 19 مستثمرا، ووعد بدراسة القضايا الباقية. لكن هناك بواعث قلق عميقة. وإلى جانب العقبات القانونية أمام الاستثمار ما زال الوضع في مصر على الأرض غير مشجع، وهناك احتمال أن تكون خريطة الطريق السياسية التي تهدف إلى إجراء الانتخابات غير كافية لتحقيق الاستقرار. وقد وعدت دول الخليج، عدا قطر، بمساعدة الحكومة المؤقتة في مصر، لكن مصر ستشعر بضغوط في نهاية المطاف لإيجاد حلولها الخاصة. وهذا سيتطلب اجتذاب استثمارات من القطاع الخاص. وحين زار وفد مصري دولة الإمارات العربية المتحدة في أكتوبر تشرين الأول، قال الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الوزراء الإماراتي: إن مصر لا يمكن أن تعيش على المساعدات الخليجية فقط، ويجب أن تفكر في طرق مبتكرة وغير تقليدية لتنشيط اقتصادها. وقد أنشأ خمسة رجال أعمال سعوديين شركة أطلقوا عليها اسم «فرص» برأسمال مدفوع قدره عشرة ملايين ريال سعودي (2.7 مليون دولار) ينوون زيادته إلى 100 مليون ريال إذا لبت الحكومة المصرية مطالبهم.