كشفت مؤسسة الفكر العربي أنها بالتعاون مع عددٍ من الجامعات في السعودية والمغرب والأردن، تعتزم القيام باستفتاء للخريجين؛ لمعرفة وضعهم في سوق العمل، وإجراء -في الوقت ذاته- مقابلات مع الشركات الكبرى لتحديد الفجوة في هذا المجال. وأشارت المؤسسة إلى أن هذه المبادرة تهدف إلى تحفيز الجامعات؛ للتنافس وإجراء الإصلاحات الضرورية وتوجيه الطلاب الى الاختصاصات المطلوبة، وزيادة في وفرة الكفاءات في سوق العمل. وأطلقت مؤسّسة الفكر العربي في ختام فعاليّات الدورة الثانية عشرة لمؤتمر «فكر» مبادرتين جديدتين، لتضافا إلى مجموعة المبادرات التي أطلقتها المؤسّسة خلال مسيرتها الفكريّة والثقافيّة، وهما مبادرة وضع «وثيقة إطار استراتيجية عربية لاقتصاد محفّز لفرص العمل»، و»تصنيف جديد للجامعات». وقال حمد عبدالله العمّاري، الأمين العام المساعد لمؤسّسة الفكر العربي، والمدير التنفيذي لمؤتمرات «فكر»: «جرياً على عادتها، فإن مؤسّسة الفكر العربي تحرص على تقديم المبادرات التي تسهم في تقديم الحلول للقضايا والتحدّيات التي تطرحها عبر مؤتمراتها، والتي تثار حولها الكثير من النقاشات والحوارات، فإنّ المؤسّسة وحتى لا ينطفئ العمل على توفير الحلول لمواجهة تحدّي استحداث 80 فرصة عمل بحلول العام 2020 بانطفاء أضواء المؤتمر، فقد أطلقت المؤسّسة مبادرتين، الأولى: وهي «وثيقة إطار استراتيجيّة عربيّة لاقتصاد محفّز لفرص العمل»، وأما الثانيّة: فتتمحور حول «تصنيف جديد للجامعات». وبين أن الهدف من اجتماع عدد من الخبراء في جلسة امتدت يومين هو مناقشة العوائق والحلول؛ لتحقيق سوق عمل يمكن أن تستوعب النمو المتسارع في عدد الباحثين عن فرص عمل في الوطن العربي، وطُلب منهم النظر في قضية سوق العمل من وجهة نظر صانع قرار وبشكلٍ غير تقليدي، وقد نتجت هذه الجلسة عن مجموعة تحدّيات وهي دعم الاستقرار السياسي، والتنميّة الاقتصاديّة وشراكة القطاع الخاص والعام والفجوة بين التعليم والمهارات وغياب توجه واضح لعمل عربي مشترك، ودور الثقافة المجتمعيّة، والسياسات الحكوميّة المعوقة لديناميكيّات أسواق العمل. وقال: «تأتي هذه المبادرة لتحديد موجّهات العمل المستقبلي، من خلال إعادة النظر في الاتفاقيات الحالية للتكامل الاقتصادي، ووضع مبادئ موحدة كأرضيّة أساسيّة لأوضاع العمالة، والعمل على تحرير تجارة الخدمات بين الدول العربية، وتطوير الثقافة المجتمعيّة، وتطوير قطاع التعليم لسد فجوة المهارات المطلوبة لسوق العمل، وتطوير الشراكة بين الحكومات والقطاع الخاص لتطوير دور الاستثمار في القطاعات التنمويّة الحيويّة». العماري: أن الهدف من اجتماع عدد من الخبراء في جلسة امتدت يومين هو مناقشة العوائق والحلول؛ لتحقيق سوق عمل يمكن أن تستوعب النمو المتسارع في عدد الباحثين عن فرص عمل في الوطن العربيوفيما يتعلق بمبادرة إيجاد تصنيف جديد للجامعات، بين العمّاري أن نتائج الاستفتاء الذي أصدرته مؤسّسة الفكر العربي توضح أن 83% من المجتمع العربي يعتقد أن رفع المستوى التعليمي مهم جداً لعلاج مشكلة بطالة الشباب، فأتت هذه المبادرة لتعتمد في تصنيفها على مدى قدرة الخريجين الحصول على وظائف مناسبة. وفي جلسة «لماذا البطالة في ظل فرص عمل متاحة؟» أكدت مبادرات ومشاريع وتجارب رائدة تبعث على التفاؤل، إمكانية استحداث وإتاحة فرص عمل طموحة أمام الشباب في الوطن العربي على الرغم من مشكلة البطالة الحاليّة، وشارك في الجلسة كل من البراء العوهلي ممثل مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي، إثراء الشباب. ونجلاء النمير، ممثلة علاقات عامة، أرامكو السعودية. وفادي بزري، المدير الإداري لبرنامج بادر لريادة الأعمال، من لبنان، ومطشر عوض البدري، مدير التطوير نائب مدير مصنع الإمارات لإنتاج حليب الإبل ومشتقاته، دولة الإمارات العربية المتحدة. وأدارت الجلسة هالة سليمان، إعلامية ومدير الاتصالات التسويقية في مؤسّسة تمكين البحرين. وسلّط البراء ونجلاء من خلال عرض فيلم قصير الضوء على مبادرة «إثراء الشباب» التي تستهدف مليوني شاب وشابة على مستوى المملكة العربيّة السعوديّة بحلول العام 2020 وتشجيعهم على التعلم المستمر وتشجيعهم على حب التكنولوجيا والإبداع لتحويل المملكة إلى مجتمعٍ مبدعٍ يعتمد على المعرفة من خلال ورش عمل مبتكرة للرياضيّات والعلوم، صُممت لتحقيق التوازن بين المهارات الفكريّة ومهارات بناء الشخصيّة للأجيال المستقبليّة، وقد فاز البرنامج بجائزة مؤتمر القمة التعليمي للابتكار في التعليم (وايز)، وساهم البرنامج في توفير فرص وظيفيّة لدى المشاركين والإسراع بدخولهم إلى سوق العمل وتأسيس شركاتهم. وتحدث بزري عن إسهام برنامجه السابق «أكسيليريتور» في مساعدة رواد الأعمال على إيجاد فرص العمل وإنشاء شركاتهم ومشاريعهم الخاصة بهم من خلال دراسة هذه المشاريع، والتعرف على مدى جديتها وقابليتها للتطبيق وتعريفهم بالمستثمرين لإنجازها ليس في لبنان فقط بل والوطن العربي بأسره، مشيراً إلى أن دور البرنامج لا يقتصر على ذلك فقط، بل يمتد إلى تقديم النصح والمشورة لهم والعمل على تسويق منتجاتهم، ويعكف بزري حالياً على العمل على برنامج آخر في الإطار ذاته. فيما عرض مطشر البدري تجربته مع إنتاج حليب الإبل من خلال «مصنع الإمارات لإنتاج حليب الإبل ومشتقاته»، مشيراً إلى أنه اقتصاد واعد لاستحداث فرص عمل جديدة لا سيما في الوطن العربي، وأوضح أن عدد الإبل في الوطن العربي بلغ 13796000 مليون رأس في العام 2008، ويصل الآن إلى حوالي 15 مليون رأس، لافتاً إلى أن كل ألف رأس توفر 93 فرصة عمل أي أن مليون رأس توفر 93 ألف فرصة. وشهدت جلسة «نحو ثقافة اقتصاديّة مجتمعيّة جديدة» عدداً من المداخلات والنقاشات التي تناولت أزمة البطالة في الوطن العربي وأبعادها الاجتماعيّة والدينيّة والثقافيّة، إلى جانب آثارها الاقتصاديّة الواضحة، كما تطرّقت إلى أساليب تطوير ثقافة العمل، وأهميّة الانتقال من «وراثة العمل» إلى السعي نحو العمل» في الوطن العربي. وتحدث أحمد عبيد المنصوري، عضو المجلس الوطني الاتحادي، في دولة الإمارات العربية المتحدة، عن ثقافة العمل وكيفيّة اتخاذ القرارات في بيئة العمل وتهيئة الأفراد ليصبحوا عناصر فعّالة تستطيع التعامل مع جميع الثقافات، وضرورة تدخل القيادة الحكوميّة لترسيخ أسس الثقافة المؤسسيّة والمجتمعيّة، والتي تمثل خلاصة نمط الحياة والسلوكيات المتبعة، ومنهج اتخاذ القرار، والموروث الثقافي والتاريخي المميز لكل منطقة أو دولة على حدة. وأشار المنصوري إلى التحدّيات التي تواجه المجتمعات العربيّة الحديثة، والتي تتمثل في فصل العمليّة التربويّة عن التعليميّة، ومفهوم الاتكال على الحكومة لتأمين الوظائف، وثقافة عدم نقل المعرفة، وإلقاء اللوم على الآخر بخصوص التقصير الحاصل على هذه الصعد. ودعا إلى أن تأخذ القيادات السياسيّة زمام المبادرة في إرساء ثقافة تعليم ملتزمة بقضايا المجتمع، وتهيئة الأفراد للاندماج في ثقافة جديدة تمهد الطريق إلى مستقبل مزدهر في المنطقة، وتسهم في تقليل اعتماد الشعوب على الحكومات في تأمين الوظائف، وإرساء ثقافة احترام العمل والعاملين على اختلاف اختصاصاتهم، كما دعا إلى دور أكبر للإعلام التوجيهي وبرامج التوعية، وشدد على الدور الهام للتربية والتعليم في بناء الثقافة المجتمعيّة وأهمية اضطلاع القيادة السياسيّة بدور رئيسي في ذلك. ومن جهته، قال صالح الريّامي، عضو مجلس إدارة شركة النورس للاتصالات في سلطنة عمان: إن الطّفرة الاقتصاديّة غيّرت مفهوم الهجرة في طلب الرزق الذي كان سائداً في دول الخليج العربي في فترة ما قبل النفط. ودعا إلى تلافي السلبيات السائدة في ثقافة المجتمعات العربيّة، كتحجيم الإيجابيّات وتضخيم السلبيّات، وعدم وضوح دور المؤسسات الأهليّة والتعليمية، وانعدام التأهيل والتدريب، والتخمة في وظائف القطاع الحكومي دون وجود مردود وإنتاج فعلي، وشدّد بشكل خاص على أهميّة دور النقد والقييم الذاتي في مواجهة هذه التحدّيات. وتحدث غسان مراد، الأستاذ الجامعي، والخبير في الألسنية المعلوماتية، في كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة، في مركز علوم اللّغة والتواصل في الجمهورية اللبنانيّة عن كون «الحتميّة التقنيّة» الدافع الرئيسي في التحول نحو اقتصاد المعرفة، الذي يستدعي حصول تغييرات كبيرة في بنية المجتمع والفرد، والذي لا ينبغي أن يكون مرتكزاً على المجتمع الأهلي فقط، بل ينبغي دعمه من خلال تأسيس سياسات متكاملة على جميع الصعد. أما وليد البنوي الرئيس والمؤسس لمؤسسة «جسر» في المملكة العربية السعودية، فقد ركز في مداخلته على فن التواصل ومهارات العمل ووجوب أن يركز التعليم على إنتاج المعرفة وليس استهلاكها، وتوجيه الشباب نحو الوظائف والفرص المناسبة لهم، كما أكد أن مفهوم التعليم يجب أن يرتبط بالتنافسيّة في قطاع العمل، ودعا إلى إعادة بناء المنظومة التعليميّة على أساس الشراكة بين القطاعين العام والخاص والقطاع التعليمي؛ لضمان تزويد سوق العمل بالكفاءات المناسبة وتأسيس نظام تعليمي مرتكز على التكنولوجيا وملائم للقرن الواحد والعشرين. وأما جلسة التوجهات الاستراتيجية المستقبلية نحو تكامل ناجح، فقد اكدت على ضرورة تبني الاستراتيجية الخاصة بالتوظيف حسب الاحتياجات الخاصة لكل بلد، ومن منظور عربي عالمي، مع التأكيد على الدور الكبير للقطاع الخاص وقطاع التعليم في تحسين واقع التوظيف في السوق العربية، والذي لا يقتصر فقط على الجهات التعليمية، بل إنه يمتد ليصل إلى الأسرة التي تعد الأساس في أية عملية تربوية وتعليمية. وأكدت كذلك على أهمية تشجيع رؤوس الأموال على الاستثمار وأن تكون قائمة على شراكة تجمع بين القطاعين العام والخاص، وتسهم في توفير إمكانيات التطوير والبحث، مع التأكيد على أهمية إشراك الشباب عند وضع الخطط الخاصة بهم، مع الحرص على توفير عنصر الاستدامة في جميع الفرص الوظيفية التي يتم استحداثها، لما من شأنه أن يقود إلى توفير الفرص كذلك إلى الأجيال المقبلة.