رغم ان العد التنازلي لبدء العمليات العسكرية ضد العراق لم يعلن بشكل رسمي إلا ان مهلة الانذار التي بدأت منذ يوم أمس الأول من قبل الولاياتالمتحدة وحلفائها للمنظومة الدولية ومدتها لا تتجاوز عشرين يوما لوضع حدود قاطعة لعمليات التفتيش والوقوف على خرق النظام العراقي للقرار الأممي 1441 من عدمه, والتصريح دون تلميح بأن باب العمليات العسكرية سيكون مفتوحا على مصراعيه بعد المهلة المعلنة, وكذلك ما اطلقه باول من تصريحات في العاصمة اليابانية يوم أمس الأول ومنها ان (الوقت حان للتحرك).. كل ذلك يشير الى خطورة الأوضاع في المنطقة, وانها وصلت الى درجة ساخنة للغاية, وقد تصل الى درجة الغليان ان لم يحدث ما يشبه المعجزة فتنزع فتائل اندلاع الكارثة في اللحظات الأخيرة, ويبدو ان التقرير الذي سيقدمه بليكس الى مجلس الأمن حول الأزمة العراقية يوم الجمعة السابع من آذار المقبل سيكون بمثابة التقرير الأخير الذي لا تقرير بعده, وعند صدوره بلغة سلبية كما هو الحال مع التقرير السابق الذي ادى الى نشوء حالة اللا حرب واللا سلم التي مازالت سارية المفعول حتى الآن فان ذلك يعني نهاية المحاولات الدبلوماسية التي ما فتئت دول من الشرق والغرب تمارسها على نطاق واسع للحيلولة دون نشوب حرب ثالثة في العراق, وسواء دمرت صواريخ الصمود العراقية أو لم تدمر فان الولاياتالمتحدة وحلفاءها لا يبحثون عن الخلاص من أسلحة الدمار الشامل بحوزة العراق ان كانت في حوزته بالفعل بل يبحثون ايضا عن رأس القيادة العراقية, فالتدخل العسكري في العراق ان كان الغرض منه تغيير النظام بنظام آخر فتلك سابقة خطيرة تنذر بأفدح العواقب, غير ان تقرير بليكس القادم وموقف مجلس الأمن سيحددان سريان مشروع القرار الأمريكي المسمى ب(العواقب الوخيمة) وهو لا يعني في أهم بنوده إلا ان الحرب وشيكة لا محالة, وان التلويح بها قد يدخل الى مرحلة التنفيذ الفعلي, ويبدو ان الوقت يضيق شيئا فشيئا أمام القيادة العراقية, وانها الآن لا تملك أي هامش للتفاوض لا سيما ان الارتكاز على أساس التعاون المنشود بين العراق والمفتشين الدوليين أضحى هشا, واستمرارية هشاشته يعني ان مجموعة الدول الكبرى التي كانت تعارض الحرب وتحبذ انهاء الأزمة سلما عن طريق مجلس الأمن ستجد نفسها في موقف حرج بما تعطي فرصة سانحة أمام الإدارتين الأمريكية والبريطانية لتثبيت قناعتهما بان ذلك التعاون لم يعد قائما, وتمثل هذه القناعة بدورها مسوغا للبدء في العمليات العسكرية ضد العراق, وقد يؤيدها في هذه الحالة بعض الرافضين للحرب, وبعض الواقفين بين الرفض والقبول.