تبدو الأوضاع على ساحة الأحداث فيما يتعلق بالأزمة العراقية متصاعدة، وتزداد سخونة يوما بعد يوم على عكس ما ساد من اعتقاد في بعض الأوساط السياسية من ان لغة الحرب بدأت تخفت بعض الشيء في ضوء ما ذهبت إليه أكثر من دولة كبرى من ان الازمة يمكن حلها سلما باعطاء فرصة اضافية للمفتشين الدوليين لمواصلة مهمتهم، وتظهر سخونة الأوضاع بجلاء من خلال تحذيرات الرئيس الامريكي للقيادة العراقية من انها تقوم باهدار الفرص الأخيرة لنزع أسلحة الدمار الشامل بحوزتها سلما، وتلويحاته بورقة مشروع قرار (العواقب الوخيمة) المتضمن أن الوقت ينفد بسرعة وأن التفكير في منح مهلة نهائية لبغداد غير وارد، بما يوحي للوهلة الأولى أن الحرب أضحت حتمية بالفعل، وربما تندلع في مطلع مارس القادم، وأهم علاماتها مغادرة المفتشين الدوليين بغداد (دون رجعة أخرى) فرغم تلويح موسكو باستخدام حق النقض ضد قرار قد يتخذ بشن الحرب بمعزل عن ارادة اممية جماعية، إلا أن ذلك قد لايثني الولاياتالمتحدة وحلفاءها عن شن حربهم الوشيكة ضد العراق، كما أن بعض الخلافات التي ظهرت على سطح الأحداث حيال كيفية التعامل مع الأزمة قد لا يكون سببا رئيسيا يؤخر قرع طبول الحرب، وتبدو وتيرة الازمة العالقة متسارعة للغاية، ويخشى أنها وصلت الآن الى طريق مسدود في أعقاب تحذيرات واشنطن المتعاقبة للقيادة العراقية من تضييعها للفرص، وتحدياتها للقرار الأممي 1441 الخاص بنزع أسلحة الدمار الشامل في العراق، ويبدو جليا أن الأوضاع آخذة في الوصول إلى مرحلة الخطورة القصوى لاسيما بعد تعليق استجواب العلماء العراقيين واستعداد المفتشين لحزم حقائبهم ومغادرة العراق، واجتماعات القيادة العراقية لدرس الاستعدادات للمواجهة وسبل تعزيز قدرات العراقيين، ولا يكاد يظهر على الساحة حاليا غير نذر اقتراب الحرب إلا إذا حدثت معجزة قد تحققها جهود دبلوماسية وسياسية خارقة وضاغطة وذات تأثيرات غير عادية على الولاياتالمتحدة وحلفائها، وهذا أمر قد يكون مستحيلا، فزمن المعجزات لن يعود ثانية بالسهولة التي يتخيلها بعض المتخيلين.