قراءة فاحصة وعجلى لما تم الاتفاق عليه بالاجماع في قمة بروكسل الاوروبية الاخيرة تضع العالم بأسره امام مهمة تدشين مصداقية مجلس الامن الدولي, فالانقسام الذي حدث داخل المجلس بين بعض الدول الكبرى حول الحرب او عدم الحرب لن يكون امرا يسيغ العبث او التهاون بما يقرره المجلس حفاظا على الامن والسلم في العالم, وبالتالي فقد تكون القيادة العراقية مخطئة في تقدير حساباتها ان ركنت كل الركون الى ذاك الانقسام, فهو بالطبع انقسام وقتي, يستهدف ابعاد شبح الحرب عن المنطقة مادام بالامكان حل الازمة العراقية سلما عن طريق اعطاء مهلة جديدة للمفتشين الدوليين للاستمرار في انفاذ مهمتهم, غير ان تلك الدول اعلنت في الوقت نفسه انها لن تسمح باستمرارية التفتيش الى ما لا نهاية وهو اعلان يصرح دون تلميح بأن اللجوء الى الحرب قد يكون خيارا اخيرا ان ارادت القيادة العراقية اطالة امد التفتيش للاحتفاظ بأسلحة محظورة ان كانت تحتفظ بمثل تلك الاسلحة بالفعل. وهذا يعني ان العبث بمنغومة الانقسام للافلات من القرار الاممي 1441 غير مجد فالدول الكبرى قد ينفد صبرها في نهاية المطاف وتميل كل الميل الى خيار الحرب, وفي هذه الحالة تكون الولاياتالمتحدة في حل من مغبة العمل العسكري الانفرادي الذي كانت تلوح به لحسم الازمة العراقية ومهما كانت التباينات والانقسامات واضحة بين الدول الكبرى صاحبة التصويت والقرارات النافذة داخل ردهات مجلس الامن فلابد من التيقن ان اتفاقها الجماعي حيال حسم الازمة العراقية بالقوة العسكرية ليس مستحيلا اذا رأت انها مدفوعة (لا مضغوط عليها) لحسم تلك الازمة وازاء ذلك فانه من الضرورة بمكان ان تقدر القيادة العراقية حساباتها حتى لا تقع في دائرة حرب خطيرة قد تفوق خسائرها البشرية والمادية اضعاف ما خسرته في الحربين الماضيتين.