يمكن القول بشيء من الثقة ان سحب الحرب الوشيكة التي كانت ستشنها الولاياتالمتحدة في أعقاب صدور تقريري بليكس والبرادعي أمام مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة الفائت ضد العراق بدأت تنحسر وإن بشكل مؤقت لعدة أسباب جوهرية أهمها ان التقريرين مدار البحث زجا بالأزمة العراقية في دائرة اللا حرب واللا سلم حيث لا يمكن الوقوف بعد قراءة فحواهما ان كان العراق يمتلك أو لا يمتلك أسلحة دمار شامل، والسبب الجوهري الثاني يكمن في الانقسام الواضح داخل مجلس الأمن بين الدول الكبرى بطريقة حالت دون اعطاء الضوء الأخضر للولايات المتحدة لشن حربها ضد العراق، حيث رأت معظم الدول الكبرى صاحبة العضوية الدائمة بالمجلس ان الأزمة يمكن حلها دون حرب باعطاء بالمفتشين الدوليين مهلة اضافية لاكمال مهامهم, وسبب ثالث تمخض عن هذه التظاهرات الحاشدة التي هزت عواصم العالم هزا بما فيها واشنطن ولندن، فأولئك الملايين الذين احتشدوا في شوارع عواصم ومدن دول الشرق والغرب عبروا عن مشاعرهم العقلانية برفض الحرب نظير ما ستخلفه من دمار كبير للبشرية، وهو تعبير يتواءم شكلا ومضمونا مع الإرادة السياسية لسائر دول العالم التي مازالت تندد بالحروب وتحرص على عدم اشعال فتائلها ما دام بالامكان حلحلة النزاعات مهما استحكمت حلقاتها بطرق سلمية من خلال المنظومة الدولية الموكول اليها حفظ الأمن والسلم الدوليين والحيلولة دون العودة الى شريعة الغاب. كما كان عليه الحال قبل اندلاع الحرب الكونية الثانية, غير ان تلك الأسباب مجتمعة لا تخول العراق في حقيقة الأمر الرهان على الحالة (الباردة) الراهنة, فهي حالة خطيرة على كل حال بما يستدعي أهمية اقدام العراق على اثبات خلوه تماما من أسلحة الدمار الشامل، وسد كافة الثغرات في بياناته عن برامج تلك الأسلحة التي ما زال يصر على انها دمرت, فالحالة الباردة الحالية بين ا لحرب والسلم قد لا تطول، ويجب ألا تعطى ا لدول الكبرى التي لم توافق على الحرب ذريعة للميل الى تأييد الخيار العسكري ودعمه ان لم تشهد من النظام العراقي مرونة كاملة مع مهمة المفتشين الدوليين.