على الحجاج في هذا اليوم الفضيل الاكثار من الدعاء والاذكار الواردة. ان يوم عرفة من ايام المسلمين المشهورة والذي يجتمع فيه حجاج بيت الله الحرام الذين جاءوا من كل مكان على صعيد واحد لباسهم واحد، همهم والامهم وآمالهم متحدة، لا فرق فيهم بين الكبير والصغير ولا الغني والفقير، ولا القوي والضعيف. يلتقون على المحبة والائتلاف، والتعاون على البر والتقوى، ويرجون ما عند الله سبحانه من المغفرة والرضوان ولذلك فانه اذا طلعت الشمس من اليوم التاسع سار الحاج من منى الى عرفة فينزل بنمرة الى الزوال ان تيسر له، والا فلاحرج عليه لان النزول بنمرة سنة لا واجب، فاذا زالت الشمس صلى الظهر والعصر ركعتين ركعتين، يجمع بينهما جمع تقديم كما فعل رسول الله . خطبة النبي ففي صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال: "وامر يعني رسول الله بقبة من شعر تضرب له بنمرة فسار رسول الله حتى اتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها حتى اذا زاغت الشمس امربالقصواء فرحلت له، فاتى بطن الوادي فخطب الناس، ثم اذن ثم اقام فصلى الظهر ثم اقام العصر ولم يصل بينهما شيئا، ثم ركب حتى اتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء الى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة، فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس". اعمال الحاج في هذا اليوم والقصر والجمع في عرفة لاهل مكة وغيرهم وانما كان الجمع جمع تقديم ليتفرغ الناس للدعاء، ويجتمعوا على امامهم ثم يتفرقوا على منازلهم فالسنة للحاج ان يتفرغ في آخر يوم عرفة للدعاء والذكر والقراءة، فالدعاء يوم عرفة خير الدعاء قال النبي : خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت انا والنبيون من قبلي لا اله اله الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير". وينبغي ان يكون الداعي مستقبلا القبلة، وان كان الجبل خلفه او يمينه او شماله، لان السنة استقبال القبلة، ويرفع يديه فان كان في احداهما مانع رفع السليمة لحديث اسامة بن زيد رضي الله عنه قال: "كنت ردف النبي بعرفات فرفع يديه يدعو فمالت به ناقته فسقط خطامها فتناول الخطام باحدى يديه وهو رافع الاخرى" رواه النسائي. ولا يعتدي في دعائه بان يسأل مالا يجوز شرعا، او ما لايمكن قدرا فقد قال الله تعالى: "ادعو ربكم تضرعا وخفية انه لا يحب المعتدين" وليجتنب اكل الحرام فانه من اكبر موانع الاجابة ففي صحيح مسلم من حديث ابي هريرة ان النبي قال: "ان الله طيب لا يقبل الا طيبا" الحديث وفيه: "ثم ذكر الرجل يطيل السفر اشعث اغبر يمد يديه الى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فانى يستجاب لذلك". فقد استبعد النبي صلى الله عليه وسلم اجابة دعاء من يتغذى بالحرام، ويلبس الحرام، مع توافر اسباب القبول في حقه، وذلك لانه يتغذى الحرام. الحرص على الاذكار وعلى الحاج ان يحرص على الاذكار والادعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم فانها من اجمع الادعية وانفعها فيقول: اللهم لك الحمد كالذي نقول، وخيرا مما نقول، اللهم لك صلاتي ونسكي، ومحياي ومماتي واليك ربي مابي ولك ربي تراثي. اللهم اني اعوذ بك من عذاب القبر ووسوسة الصدر وشتات الامر اللهم اني اعوذ بك من شر ما تجىء به الريح. اللهم انك تسمع كلامي، وترى مكاني، وتعلم سري وعلانيتي لا يخفى عليك شىء من امري انا البائس الفقير المستغيث المستجير الوجل المشفق المقر المعترف بذنوبي، اسألك مسألة المساكين، وابتهل اليك ابتهال المذنب الذليل، وادعوك دعاء من خضعت لك رقبته، وفاضت لك عيناه، وذل لك جسده، ورغم لك انفه اللهم لا تجعلني بدعائك رب شقيا، وكن بي رؤوفا رحيما يا خير المسؤولين، ويا خير المعطين، اللهم اشرح لي صدري، ويسر لي امري، اللهم اني اعوذ بك من شر ما يلج في الليل، وشر ما يلج في النهار، وشر ما تهب به الرياح، وشر بوائق الدهر. اللهم اني اعوذ بك من جهد البلاء ومن درك الشقاء ومن سوء القضاء ومن شماتة الاعداء. اللهم اني اعوذ بك من المأتم والمغرم، ومن شر فتنة الغنى واعوذ بك من فتنة الفقر. واذا لم يحط بالادعية الواردة عن رسول الله دعا بما يعرف من الادعية المباحة فاذا حصل له ملل واراد ان يستجم بالتحدث مع رفقته بالاحاديث النافعة، او مدارسة القرآن او قراءة ما تيسر من الكتب المفيدة، خصوصا ما يتعلق بكرم الله وجزيل هباته ليقوي جانب الرجاء في هذا اليوم كان حسنا ثم يعود الى الدعاء والتضرع الى الله، ويحرص على اغتنام آخر النهار بالدعاء. يوم عظيم وليعلم الحاج وغيره ان يوم عرفة يوم عظيم يباهي الله سبحانه بعباده ملائكته ويقول: "اتوني شعثا غبرا" فيغفر لمن يشاء منهم، ولذلك لابد من الحرص على الدعاء والالحاح فيه وعدم استبطاء الاجابة، لان الدعاء الذي لا يستجاب في الدنيا فانه يدخر في الآخرة فتكون عاقبته افضل واكمل مما لو عجل في الدنيا، والذي يجب الاعتناء به والتنبه اليه قبل ذلك هو ان يكون العمل ايا كان خالصا صوابا، خالصا لله، صوابا على سنة رسول الله . نسأل الله ان يرزقنا الاخلاص في القول والعمل، وان يوفقنا لما يحبه ويرضاه و على نبينا محمد. *وكيل جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية