بالرغم من عملية المباني المسبقة الصنع الا ان هناك سؤالا يراود كل معماري عندما يرسل تصميمه الى الشركة المصنعة للخرسانة الجاهزة الا وهو: هل ستحافظ التقسيمات الإنشائية على الشكل والواجهة المعمارية المطلوبة؟ يسعى كل معماري في تصميمه الى التميز وتحقيق رغبة المالك وللواجهة المعماري اكثر كبير على انطباع الناس الوافدين إلى المبنى أو المارقين بجانبه وحتما سيؤثر ذلك على المحيط الذي يتواجد فيه المبنى فالمعماري يحاول جاهدا ان يبرز المبنى بين مجموعة من المباني المجاورة ويدفعه إلى هذه الغاية عدة عوامل منها: @ العامل الاقتصادي @ الشكل الجمالي @ نوع نشاط المبنى ولذلك يكون التصميم المعماري لواجهة المبنى عنصرا مهما إذ يمثل الانطباع الأولي عن المبنى بشكل عام (بغض النظر عن التفاصيل الداخلية) والحقيقة , تزخر المملكة بالكثير من المباني التي دلت على التطور العمراني والتقدم الحضاري ووضعت المملكة الى جوار الدول الكبرى في النهضة العمرانية. وفي سياق النهضة العمرانية تشهد الحركة المعمارية في العقد الأخير حضورا متميزا للمباني الخرسانية المسبقة الصنع وذلك تماشيا مع حركة التطور التي تمر بالمملكة في جميع المجالات ,مما جعل مباني الخرسانة الجاهزة هي الحل لمواكبة هذه النهضة المعمارية السريعة , وكنتيجة حتمية في زيادة الطلب على مثل هذا النوع في البناء توافرت في المملكة عدة مصانع على مستوى عالمي لسد هذه الحاجة. ولم يكن هذا الإقبال على المباني المسبقة الصنع عبثا بل هناك مزايا جعلت من المباني المسبقة الصنع الخيار المثالي أهمها: @ سرعة الإنجاز @ دقة التصميم الإنشائي @ السهولة في الإنشاء. المباني الخرسانية السابقة الصنع بإيجاز , عبارة عن تقسيم المبنى إلى أجزاء (حوائط , أعمدة .. ) يصمم كل عنصر من هذه الأجزاء إنشائيا بعتبار الأجزاء الأخرى المرتبط معها ويصنع بواسطة قالب يحوي خصائص ذلك العنصر الإنشائي وبعد تصنيع الأجزاء تنقل الى موقع المبنى لتربط ببعضها بوسائل متعددة. التعارض بين الواجهة المعمارية التقسيم الإنشائي للمبنى بعيدا عن الخوض في التفاصيل المعمارية الداخلية للمبنى سأركز اهتمامي في هذه السطور على الواجهة المعمارية وكيف تكون مهددة بالتغيير ( والتشويه) من قبل خطوط التقسيمات الإنشائية . لوحظ في الآونة الأخيرة ظهور نماذج لمبان تعلو واجهاتها الخطوط الإنشائية بشكل تنفر منه العين الذواقة للفن المعماري , حيث يبدو المبنى للناظر أنها مجرد أجزاء جمعت دون اتخاذها شكلا موحدا أو تناسقا معينا. ولمعرفة سبب هذه الظاهرة , يجب أن نمر بمراحل انشاء المبنى ( الأساسية) الا وهي: التصميم المعماري , التصميم الإنشائي والتنفيذ وتكمن نقطة الحوار بين التصميم المعماري والإنشائي وذلك بإرسال المخططات المعمارية الى الشركة المصنعة للخرسانة الجاهزة ويقوم المفصل وهو بالعادة مهندس انشائي بتقسيم المبنى الى أجزاء آخذا بعين الاعتبار عدة أمور أهمها: إمكانية صنع الجزء بالحجم المطلوب (إنشائيا) امكانية تهيئة قالب للصنع عملية النقل الى الموقع وبوجود أي جزء يتعارض مع اعتبارات المصنع , يرسل الى الجهة المقدمة للمشروع (المكتب الاستشاري أو المقاول العام) خطاب يأمر بتغير ذلك الجزء أو بالتنازل عن شكله رضوخا الى رغبة أو إمكانية الجهة المصنعة , ويكون هذا الخطاب في الأغلب مكتوبا بلهجة حاسمة تدعو المعنيين الى قبول شروط التصنيع أو تصنيع ذلك الجزء على مسؤولية المصمم , ولو كان ذلك التعنت من قبل الجهة المصنعة على جزء بسيط من المبنى مما يضطر الجهة التي تمثل ( التصميم المعماري) الى القبول بالتغيير أو التقسيم والحقيقة أن بعض المصانع تبالغ في تخويف المصمم من مغبة انشاء المبنى على الشكل المعماري المطلوب , فيضطر الأخير الى الموافقة على الشكل المقترح من قبل المصنع , ولهذا يتم تقسيم المبنى أحيانا , دون مراعاة الشكل والملامح المعمارية المطلوبة على الواجهة وينتج من ذلك الواجهة غير المتناسقة ويخرج من هذه القضية المصنع منتصرا بتحقيقه أرباحه , والمصمم المعماري منكسر وغير مقتنع بالواجهة المعمارية المحرفة وللانصاف , يجب أن أذكر مهمة المصنع في تنفيذ مبنى سليم البنية الإنشائية , يمكن تنفيذه بيسر من غير أن يتكبد خسائر تؤدي بعمله الى الفشل. تحقيق التكامل بين الواجهة المعمارية والتقسيم الانشائي مع وجود مبان نأت عن التناسق في الواجهة المعمارية الا ان هناك مبان مسبقة الصنع تعد تحفة معمارية لجمال واجهاتها وتجانس ألوانها وتناسق خطوطها ولا يمكن الوصول الى تلك النتيجة الا باتخاذ اجراءات تفضي الى تحقيق التكامل بين الواجهة المعمارية والتقسيم الإنشائي ليتحول بذلك التكامل , التقسيم الإنشائي الى تقسيم معماري انشائي في نفس الوقت ملبيا بذلك حاجة المصمم المعماري والمصنع. وهناك بعض الاجراءات المقترحة لتحقيق التكامل وهي: 1 أن يكون لكل مصنع مكتب هندسي استشاري تابع له ( او مشترك معه) حيث يكون المصمم المعماري محيطا بمشاكل التصنيع , وصاحب إلمام شامل بالهيئة الانشائية للمباني وامكانية تصنيعها. 2 ان يتناقش المصمم المعماري مع مهندس انشائي من المصنع وذلك خلال مراحل التصميم لمعرفة امكانية التوفيق بين أجزاء المبنى على طريقة مرضية للطرفين. 3 يجب على المالك أن يحدد في مرحلة التصميم ما إذا كان يريد المبنى على نظام الخرسانة الجاهزة ,وذلك لكي يعتبرها المعماري في تصميمه. 4 على الطرف المصنع أن يبذل أقصى الجهد في التوفيق بين التقسيمات الإنشائية والواجهة المعمارية المطلوبة. أخيرا , يمكن تحقيق واجهة معمارية جميلة بوجود التقسيمات الإنشائية و ذلك بتكامل الخطوط المعمارية مع بعضها لتكون التقسيمات الإنشائية هي مصدر الجمال في الواجهة المعمارية.