بعد إعلانها على الملأ قبل ست سنوات، تستحق رؤية 2030 اليوم أن تكون من أفضل الرؤى التنموية في العالم، من خلال ما أنجزته على أرض الواقع من تقدم وتطور طالا كل مناحي الحياة في المملكة، ومن خلال ما تخطط إليه من برامج تستكمل به رحلة النهوض والبناء، وهذه ليست شهادتي، بقدر ما هي شهادة مؤسسات دولية رأت أن المملكة حققت في السنوات الست الماضية ما لم تحققه في عقود مضت، ليس لسبب سوى أن هناك رغبة جادة لدى ولاة الأمر في التغيير الشامل والجذري، وتلاقت هذه الرغبة مع رغبة مماثلة لدى المواطنين. رغبة التغيير في السعودية تسير بوتيرة متسارعة، لا تعترف بالمعوقات، ولا تقف عند أي تحديات، ويجسد هذا المشهد إعلان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان نقل 4 في المائة من أسهم شركة أرامكو السعودية إلى خزينة صندوق الاستثمارات العامة، في خطوة أرى أنها تحمل رسالة مهمة وعاجلة، بأن خطط توسيع الاستثمارات السعودية في الداخل والخارج، ودعم الاقتصاد الوطني لا تتوقف عند أي أزمة، ولو كانت بحجم جائحة كورونا. قرار نقل الأسهم يؤكد أن المملكة تعول على صندوق الاستثمارات العامة في تعزيز منظومة الاقتصاد السعودي، وتحقيق حزمة أهداف رؤية 2030 التي وعدت ببناء اقتصاد قوي مستدام، يرتكز على قطاعات استثمارية تضمن تنويع مصادر الدخل، بعيداً عن دخل النفط، واليوم تكشف الرؤية عن آليات تحقيق هذا الهدف، بدعم خزينة الصندوق بمليارات الدولارات. هنا يحق لكل مواطن ومواطنة أن يتخيل أبعد مما يصور له خياله من تقدم وتطور في مشهد استثمارات الصندوق، ولا أستبعد أن يدخل قريباً جداً في صفقات نوعية عالمية، تكون حديث الأوساط الدولية لفترات طويلة، تساعده على ذلك الملاءة المالية الضخمة، فضلاً عن خبراته في انتهاز الفرص المتاحة، وتنويع الصفقات بين التقنية والصناعة والزراعة والرياضة ألخ. ولم تخل عملية نقل الأسهم، من ذكاء حاد من قبل الدولة، وقدرتها الاستثنائية على قراءة المشهد بشكل شامل، مع استشراف المستقبل ودراسة كل خطوة تقدم عليها، ولا تترك أمراً للحظ أو العشوائية، ذلك عندما حرصت الحكومة على الاستحواذ على 94 في المائة من أسهم أرامكو، في رسالة بأنها ستبقى المتحكم الأول في أرامكو، وأنها وإن أدرجت جزءاً من أسهمها في سوق المال، وإن نقلت جزءاً آخر لصندوق الاستثمارات، فهي حريصة على أن تكون خيوط الشركة في يدها بالنسبة الكبرى. ولعلي هنا آمل وأتمنى، ومعي الكثيرون، من صندوق الاستثمارات العامة أن يطوع استثماراته فيما يفيد المواطن العادي، ويصل بخدماته إلى الجميع، وأعني بذلك التركيز على الاستثمارات التي توفر فرص العمل للمواطن، وتدر الدخل الكبير على خزينة البلاد، وأدرك أن مسؤولي الصندوق أحرص من غيرهم على تحقيق هذه الأمنيات. [email protected]