لم تأنف صدورهم من زفر كراهيتهم لنا وحقدهم علينا في كل محفل. ولم نجد في دواخلهم إلا الضغينة. معتقدين أنهم أشطر وأذكى منا ويرون في قرارة أنفسهم أن سهرة على الروشة مع صحن تبولة وحمص بيروتي ستكفي بالغرض في حال امتعاضنا منهم. لم يفهم اللبنانيون طوال السنوات التي مضت أننا نتعامل معهم بالتغاضي ومحو الإساءة حتى تمادى الكثير منهم، التلون والعبث وقلب الحقائق بدأ منذ السبعينيات من القرن المنصرم. كانت في رؤوسهم فكرة واحدة ملخصها "هيدول ياخيي شوية بدو عنهم ذهب وما عارفانين شو يعملوا فيهن"؛ فمارسوا الإستعلاء في برجوازية عالية وكأن احد لا يصل لعلمهم وفهمهم. صحيح أنهم خدعوا البعض منا، ووصلت سطوتهم داخل خليجنا أن يقرروا من يوظفون ومن يطردون. ونقر أن البعض من "سياسيونا أبله" على كرسي المسؤولية. كانت الناس تشكو والإعلام يصيح وحتى البسيط في الشارع يرى الفوارق بينه كمواطن خليجي وبين اللبناني الذي يحمل شهادة ملطوشه في أغلب الأحيان؛ ويرأسه ويمارس عليه التعالي بلبنانيته بسبب قرار خفي من بعض مسؤولي بلده، ووصل الأمر بهم أن يرون الخليجي "بكرش ومؤخرة فقط"، في وصف ينم على خلق فجوة قوية وبعيدة كي لا يصل أحد إلى طريقهم. هذا الأمر لا يزال قائما في بعض دول الخليج؛ حتى أن "سفرجيا أصبح مستشارا في قطاع حكومي"، فقط لأنه لبناني. علينا أن نقر بأننا من صنع تلك الفئات، ونحاسب كل مسؤول منحهم ولا يزال يمنحهم أحقية التواجد والتعالي علينا، فكالوا لنا كل شتيمة ظاهريا وباطنيا. قبيل بضعة أشهر خرج وزير خارجية لبنان المعتوه شربل وهبة يزبد ويرغد ويصفنا بالبدو، ولعمري هو وصف يدعونا للفخر والتباهي ورفع الرأس بين الأمم. نعم نحن بدو كنا في الصحاري فحولناها إلى جنان. ورعينا الإبل فصنعنا معجزات الارض. لم تكن في أرضنا انهار ولا جبال خضراء لكن في دواخلنا عزيمة الرجال فصعدنا الفضاء مرتين وأسسنا جامعات تضاهي كل جامعات الدنيا وما لبثنا أن تخرّج فينا علماء في كل التخصصات حتى باتت دولا تدعي التقدم تطلب ابتعاث أبناؤها لدينا. وقد لا يعرف الكثير أن كلياتنا الحربية والجوية تخرج طلبة من أوروبا وأمريكا وزرعنا الأرض بزيتونهم الذي نشف من أرضهم وعصرناه حتى استخرجنا زيته ثم اعدناه إليهم. هكذا هم البدو اليوم وحين يخرج صعلوكا مثل جورج قرداحي يتمادى في حديثه ويتهم بخبث وحقد دفين كان يخبئه في صدره طوال سنوات مضت حتى لاحت له فرصة الانتقام فأخرجت لنا قريحته زفرا كريها. قرداحي الماروني الذي بدأ حياته في ميليشيا بشير جميل على بندقية كلاشنكوف وتلطخت يديه بدماء الكثير من الأبرياء في بيروت وتغاضت عيناه عن مذبحة صبرا وشاتيلا، وهرب إلى فرنسا وهناك بدأ مشواره كمذيع مغمور لا يعرفه أحد حتى انتشلته "أيادي البدو" ونظفته وجعلت منه إعلاميا مرموقا. قرد".. آحي" الذي كادت أن تموت ابنته وهو يهرول بها في أروقة المستشفيات يستجدي علاجها وجدت "أياد البدو " تحملها لأرقى مستشفيات العالم لتعود اليه مرفوله بثوب العافية. "قرد.. آحي" الذي أصبح مع الجناح المؤيد لحزب البعث السوري تحزّب لحبيقة ثم انحاز لجعجع حتى وقع صدام انتهى بانتصار جعجع فكان يلعب على حبل الإعلام حتى أعلن ولاءه وطاعته العمياء لسيده الفارسي حسن نصر اللات وخرج قبيل تشكيل حكومة ميقاتي بتصريحات نارية تؤيد حزب اللات ويصف زعيمه بالزعيم العربي الأوحد في نظره. وجاءت تصريحاته كطنين الذباب في آذان حسن نصر اللات ليختاره ضمن تشكيلة الحكومة اللبنانية الجديدة. هكذا وصل "قرد.. آحي" بعد أن تنكر لكل من أوصله للشهرة وجعل منه يفهم بعد أن كان حاملا للسلاح في شوارع بيروت. اليوم نحن البدو نصر ونشد في إصرارنا على طردك ليس من الوزارة فحسب بل وحتى من الاعلام الذي تسيء له ومثلما طردنا من كان قبلك. سترى انك في الشارع تتسول الشهرة والعودة إلى ماض انت خرقت كل مواثيقه ولجأت الى من دمر بلدك ولا يزال يعمل على تحويل لبنان إلى محرقة ومزبلة يشم رائحتها في كل ارجاء الارض وقد جعلوك مطية لهم في كل أفعالهم. نحن البدو أحفاد البدو سنرغمك على الاعتذار.. ولن نقبله منك، وحين نقول نفعل، وكفى.