التحولات الاجتماعية التي تحدث حاليا على أرض الواقع تنبئ بتغيير كبير وجذري في منظومة القيم التي تحكم المجتمعات المحافظة مثل المجتمع السعودي وغيره من المجتمعات المحافظة . فلقد تكاتفت إيدي الشرالعالميه لتزعزع منظومة القيم هذه وتغتالها في وضح النهار و التي كانت بمثابة دعائم الاستقرار والثبات في بنية المجتمع المحافظ وأصبحت كمعول هدم يفتت كيان هذا المجتمع الراسخ ويفت في عضده , ومن فتره إلى أخرى تعصف بنا تيارات دخيله و جريئة تتقاذف منظومة القيم هذه وتطيح بأساساتها حتى أصبح هذا البنيان الأخلاقي المتماسك للمجتمع المحافظ بنيان هش وآيل للسقوط . بلورتها تيارات محدثه وطارئه مع أخرى قديمة كانت ساكنه ومضمحلة انتعشت في ظل هذه الأجواء من التعتيم الخلقي والضبابية الفكرية لتعصف بما تبقى لدينا من مبادئ وثوابت راسخة وماكنه في أساسات المجتمع. وتمادت هذه التيارات الدخيلة حتى وصلت إلى النقطة الحرجة التي من خلالها خرجت إلينا هذه السلوكيات الشاذة والمنحرفة والتي سرعان ما عششت في تربة هذا الجيل وهددت مستقبل الأجيال القادمة بالسقوط في وحل التفسخ و مستنقع الرذيلة. وأصبحت المجتمعات المحافظة تتمايل مع هذه التيارات وتتهاوى أمام هذه الدعاوى التي تنادي بحتمية التغيير وحرية التعبير والحداثة وبقيت تتنفس مثل هذه الأفكار الهدامة و تتغذى على حساب هذا الانفلات الأخلاقي والفكري القادم من أباطرة الغرب صانعي الموضة ورموز الحداثة مبدعي التقانة ومروجي الحرية والديموقراطية ! هذا المارد الغربي الذي أرتقى على أكتاف هذه المجتمعات بأضحوكة الحرية والديموقراطية الحديثة ليترجم لنا وبكل وقاحه الحرية المزعومة تحت مظلة العولمة وتحت سيطرت التكتلات القوية التي قادت المجتمعات إلى وجهة واحده ومصير واحد تحكمه المادة والمصالح على حساب القيم والأخلاق وعملت على مسخ الفكر و الوجدان الإنساني المنضبط إلى حد التشكيك في الأصول والعقائد يرادفها قنوات ( الهش بشك ) وليدة مثل هذا الانفلات وصنيعة هذه العولمة ساعدها على ذلك هيمنة أدوات التقانة الحديثة حتى تملكت من كل شيء في حياتنا وسيّرتنا مع هذا الركب وتحت تأثير هذه التيارات الدخيلة بعد ذلك تحركت عجلة العولمة لتلقي بأيدولوجيتنا في مهب الريح وتطيح بهويتنا المحافظة مع منظومة القيم في مزبلة التاريخ وأصبحت مبادئنا وقيمنا وأصولنا تتأرجح على كف عفريت في مجتمع كان محافظا بالأمس وأصبح اليوم يتداعى وينهار أمام هذا الوضع الجديد الذي باتت فيه منظومة القيم هذه تناوشها دعاوي التقدم والحداثة وتتقاذفها تيارات العولمة وأطروحات العلمنة ....! وسائل الإعلام أعطت صوره جليّه وواضحة عن حقيقة هذا الصراع الذي يحدث بين هذه التيارات وبين أطيافها المنشقة عنها وتتضح الصورة أكثر وأكثر مع كل موجه عارمه جديده هدفها إحداث التغيير في بنية وقيم هذا المجتمع. والذي ما يلبث أن يتجسد فيها الصراع على أرض الواقع وتشاهد حينها وأمامك ..المنظر ثلاثي الأبعاد , وكأنك موجود بالصورة وما أنت بموجود ! وحقيقة هذا الصراع قائمه بين تيارين سلفي أساسي يمثل التيار الأصيل في ثقافة هذا المجتمع المحافظ وتيار آخر ليبرالي بدأ يتعاظم مع قيام التكتلات العالمية تحت غطاء العولمة ودعاوي الحرية ( جوهر الليبرالية ) تحكمت في ذلك منهجية جديده تشنها قوى الصراع على هذه المجتمعات وهي ممسكه بيدها أجنده طويله عريضة لاحتساب نقاط المصالح من تخلف هذه المجتمعات ورجعتيها على حساب مبدأ الإصلاح والتنميه وهو مبدأ سامي ونبيل وذو وهج براق وأخاذ غرر بهذه المجتمعات وجعلها تغفل عن أجنده أخرى خفيه تعمل على قمع مظاهر الصحوة الدينية والتنموية الذاتية ممّا حدا بالجميع إلى الرضوخ تحت مقصلة السياسة والاقتصاد العالميين بسبب تأزم الوضع السياسي في المنطقة ساعد على ذلك تكشف خريطة العالم الجديد التي يقدمها العم سام تحت مظلة القضاء على الإرهاب وتجفيف المناجع وبحمايه من القانون الديمقراطي الحر (من ليس معي فهو ضدي )! وزاد من حرج الموقف غياب استراتيجية واضحة وقوية تحقق التنمية وتبدع التقنية على أرض الواقع ممّا زاد الطين بلّة وضغط بقوة على ما كينة الاقتصاد المحلية التي لم تستوعب كم الانفتاح الهائل على هذه التحولات الاقتصادية التي أطلقت عنانها اتفاقية الجات العالمية . هذه التحولات العالمية الجديدة وجهت هذه التيارات لفك الارتباط القوي بين المؤسسة الدينية ومؤسسات المجتمع المدني و أفراده. سهّل عليها الأمر تقاعس المؤسسة الدينية عن أداء دورها الحقيقي إزاء هذه التحديات الوليدة وإزاء الكثير من القضايا الداخلية والخارجية التي جعلت المجتمع يعيش حاله من البلبلة والضياع في ظل غياب التشريع الديني الواضح والمتفق عليه . إضافة إلى ضعف الخطاب الديني على أن يسمع في مناخ تسوده الفوضى والغوغائية وآذن للاستغلال والجشع أن يكون هو سيد الموقف . في كل ناحيه من نواحي النشاط الإنساني . وللأسف تمسكنت مزاعم الحرية هذه حتى تمكنت ووصلت إلى حد التحرر و أصبح الشق أكبر من الرقعة ,وصارت هذه المزاعم تدفع بقوه ذاك التيار الأصيل وتنحيه عن جادة الطريق لتستقطب التأثير على حياة هذه المجتمعات وتقنن سلوك الأفراد فيها وفق ضوابط جديده وبعيده عن ضوابط الشريعة الإسلامية الصالحة لكل زمان ومكان . العولمة مصطلح طفيلي نجح مع ثورة الاتصالات و خدم القوى الكبرى على حساب الدول النامية والمتخلفة وهي تخدمنا الآن لكنها تبشر بمستقبل أسود و مظلم لأنها تدعوا إلى طحن المجتمعات المتأخرة ( النامية )التي تفتقر التقنية وأسبابها على عكس القوى الكبرى التي تحتكر التقنية في العالم وتحرّم نقل هذه التقنية للدول المتخلفة والنامية , وتفرض علينا بهذه العولمة استغلال الثروات والأيدي العامة لصالحها بسبب (عولمة ) سياسات الاقتصاد !( ستبدئ لك الأيام ماكنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزود )! الدين الإسلامي منهج رباني متكامل لصلاح البشرية في كل زمان ومكان لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه... ولكن أين الإسلام من واقع المسلمين اليوم ومن حياتهم ! و ما رأيك بمن لم يقاطع البضائع الأجنبية دفاعا عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولكنه قاطعها لأنها زادت كم ريال مع غلاء الأسعار ! قد نملك حصانه بعض الشيء لأننا قد شربنا وتشربنا هذه القيم النبيلة في صغرنا وفي أجواء صحيه ونقيّه ولكن مع هذا التعتيم وهذه الضبابية أشك في قدرة الجيل القادم ! تحياتي