لا يخفى على أحد ما عاشه نادي برشلونة من أزمات خلال عام 2020 سواء على المستوى الرياضي أو الإداري، وكذلك في علاقته التي يبدو أنها على وشك الإنتهاء مع أسطورته الحية وهدافه التاريخي، ليونيل ميسي، الذي ضجر على الأرجح في البقاء داخل جدران نادي عمره بسبب تحميله دائما مسؤولية أي تعثرات. ثلاثة مدربين قادوا الفريق الكتالوني خلال هذا العام، بدءا من إرنستو فالفيردي الذي تمت الإطاحة به في 11 يناير بعد خسارة الفريق في كأس السوبر الإسباني على يد أتلتيكو مدريد، وقبلها توديع دوري الأبطال على يد ليفربول الإنجليزي بخسارة فادحة في الآنفيلد برباعية نظيفة، لتنتهي حقبة بدأت في مايو 2017 وشهدت التتويج بالليغا مرتين وكأس الملك مرة والسوبر المحلي مرة. وراهن برشلونة بعدما أطاح بمدرب الفريق، على غير العادة في منتصف الموسم، على كيكي سيتيين، عديم الخبرات مع الفرق الكبرى، من أجل استعادة فلسفته في اللعب، والذي اقر بأنه لم يكن يحلم قط بقيادة "البرسا" ولا حتى في أحلامه، وذلك بعقد يمتد حتى 2022 لكنه لم يدم سوى ثمانية أشهر، ليرحل بعد فضيحة الخسارة في ربع نهائي "التشامبيونز ليغ" أمام بايرن ميونخ 2-8 وفقدانه للقب "الليغا" ولكأس الملك. وخلال حقبته واجه سيتيين مشكلات في العلاقة مع "البرغوث"، الذي بدا وكأنه فاض به الكيل، بعدما توالى الإخفاق تلو الآخر، وتحميله المسؤولية، إضافة لرفضه العديد من قرارات الإدارة وكذلك المدير الرياضي السابق إريك أبيدال وانتقادهم للاعبين علنا، ليرد عليه ميسي بأنه "يجب أن تذكر أسماء لأنك بهذا تسيء لكل اللاعبين". وزاد من المصادمات كشف وسائل الإعلام عن تعاقد بارتوميو مع شركة لتحسين صورته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومهاجمة اللاعبين الكبار بالفريق والمعارضين للرئيس، مما زاد من حالة التباعد بينه وبين نجوم البرسا، وكذلك مشكلة خفض رواتب اللاعبين عقب جائحة كورونا. وأصبح ميسي (33 عاماً) وصاحب الكرات الذهبية الست، الذي داوم على الصمت طوال سنوات عمره مع برشلونة ومنذ بدء مشواره مع الفريق الأول في 2004، ينتقد وبصراحة أداء فريقه، خلال الخسارة مع سيتيين مباراة أوساسونا بالدوري بهدفين لواحد وبعدها إهداؤه الصدارة للغريم ريال مدريد بعد السقوط أمام فالنسيا في ميستايا، وذهب للتأكيد على أن مستوى برشلونة لا يسمح له بالمنافسة على لقب دوري أبطال أوروبا وأنه قد لا يمر من الدور ثمن النهائي. وعقب الموسم "الصفري" الذي لم يعشه برشلونة منذ أكثر من عقد، وخاصة في ظل وجود نجمه ميسي، طالب "البرغوث" رسمياً مغادرة برشلونة في 25 أغسطس، في مشهد أفزع عشاقه، بعد موسم طويل استمر للصيف بسبب جائحة كورونا، عبر إرساله فاكس لإدارة النادي، التي رفضت تفعيل بند كان يمنحه الحق في الرحيل مجانا قبل 10 يونيو. وتمسك النادي باللجوء للشرط الجزائي في عقد ميسي والبالغ 700 مليون يورو من أجل الاستغناء عنه، ورد على وكيل أعمال الهداف الأرجنتيني ووالده خورخي باللجوء للقضاء للفصل في الخلاف. وبعد فترة من الشد والجذب شهدت حالة قطيعة تامة بين ميسي وإدارة الرئيس السابق جوسيب بارتوميو، قرر "البرغوث" استكمال موسمه المتبقي في العقد مع "البرسا"، تجنبا للدخول في مواجهات قضائية مع نادي عمره، الذي توج معه بعشرة ألقاب لليغا وأربعة ل"التشامبيونز ليغ" وستة للكأس، من بين ألقاب أخرى عديدة. وأدى هذا الأمر إلى خروج الجماهير في مظاهرات بشوارع برشلونة ومطالبتها برحيل إدارة بارتوميو وبقاء ميسي، أكثر من صنع مجدا للنادي عبر تاريخه، والذي رفض دوماً المساومة بطلبه الرحيل من أجل إقصاء رئيس النادي السابق من منصبه. وعلى خلفية دعوة قوية لسحب الثقة من مجلس بارتوميو وحشد الأصوات اللازمة لذلك، اضطر الأخير للتقدم باستقالته من منصبه يوم 27 أكتوبر أول ليعلن نهاية حقبته على رأس برشلونة لنحو سبعة أعوام. وزاد من رغبة ميسي في الرحيل هو استغناء النادي عن صديقه الأوروجوائي لويس سواريز، أحد الهدافين التاريخيين للنادي ايضا، بناء على طلب المدير الفني الجديد، الهولندي رونالد كومان، الذي تولى منصبه رسمياً في 19 أغسطس الماضي، ليرحل "البيستوليرو" في النهاية لأتلتيكو مدريد. وبدا منذ البداية أن العلاقة بين كومان وميسي ليست هي المثالية، خاصة مع الظروف التي عاشها النجم الأرجنتيني وكذلك الطريقة الحادة التي تناول بها الهولندي مسألة خلافه مع النادي. الوضع لم يتغير حتى الآن، يشارك ميسي ويحافظ على بريقه وينافس كذلك على صدارة هدافي الليجا لكن أرقامه تضائلت مقارنة بالسابق، وكذلك مركز الفريق في الدوري ليس هو المعتاد، حيث يحل في المركز الخامس، كما أنه تلقى هزيمة موجعة على أرضه أمام يوفنتوس ليبلغ ثمن نهائي دوري الأبطال بعد حلوله وصيفا في مجموعته. وستكشف الأسابيع المقبلة أكثر عن مستقبل ميسي بشكل نهائي، لكن يبدو أن الطلاق هو الواضح في الأفق، خاصة وأنه سيحق له التفاوض بشكل علني مع أي ناد آخر في يناير المقبل، قد يكون على الأرجح مانشستر سيتي بقيادة مدربه الإسباني بيب غوارديولا، مدرب ميسي سابقاً في أفضل فتراته بالبرسا حينما توج بالسداسية التاريخية عام 2009، رغم تأكيدات الرئيس الأسبق للنادي والمرشح لرئاسته، جوان لابورتا، بأنه الوحيد القادر على إقناعه بالبقاء حال عودته لحكم البلاوجرانا مجدداً.