يبدو أن الراحل عبد الحسين عبدالرضا، رحمه الله، عندما تحدث عن أزمة الدجاج في مسرحية على هامان يا فرعون، كان يتنبأ عن أزمة للدجاج ستحدث بعد أربعين عاماً من عرض المسرحية. فما حدث لأبي الحصاني في قرية الحصينة بسبب أزمة الدجاج في الرواية التي رواها عبد الحسين في المسرحية، قد حدثت فعلاً مع مطاعم كنتاكي العالمية للوجبات السريعة في المملكة المتحدة. لكن لم يصل الأمر في ان يصل سعر الدجاجة ألف ناقة كما ذكر أبو عدنان. بعد أربعين عاماً من عرض المسرحية، في عام 2018م، توجه الكثير من الأشخاص في المملكة المتحدة إلى مطاعم كنتاكي، كعادة من يذهب لمطعم كنتاكي حتى يجد الدجاج فقط. لكن مرتادي المطعم في ذلك اليوم، تفاجئوا أنه لا يوجد لدى المطعم دجاج، ليس في فرعاً واحداً فقط، لكن في جميع فروع المملكة. ولك أن تتخيل أن مطعماً عالميا متخصصا في تقديم الدجاج فقط أو منتجه الأهم في البيع هو الدجاج، ينفذ منه ذلك العنصر المهم. دخلت الشركة في أزمة عدم توفر الدجاج، واضطرت لأن تقفل تقريباً 900 فرع في جميع أنحاء المملكة المتحدة. تلك الازمة لم تكن بسبب المطعم، لقد كانت بسبب شركة التوصيل DHL التي فشلت بدورها في توصيل الدجاج إلى المطاعم. على ضوء ذلك، أقفلت المطاعم لمدة أسبوع تقريباً. وكل شخص كان يذهب للمطعم، كان يأخذ علبة من الأرز مجاناً للأعتذار عن عدم توفر الدجاج في المطعم. ورغم ذلك الأرز الذي تم تقديمه مجاناً إلا ان ذلك لم يعالج غضب مرتادي المطاعم الذين عبروا عن غضبهم في مواقع التواصل الاجتماعي. لتدخل بعدها سلسلة مطاعم كنتاكي في ازمة أخرى، وهي فقدان العملاء الذين بدأوا يذهبون للمطاعم الأخرى المنافسة. أستطاع القادة في كنتاكي في علاج تلك الأزمات بحل واحد. طبقت سلسلة المطاعم استراتيجية ال COPYWRITING في التسويق وذلك لمعالجة الأزمة، وهي التلاعب بالأحرف لجذب الانتباه. كانت الطريقة التي طُبقت جداً بسيطة فبدلاً من وضع حروف KFC الاختصار الشهير لشعار المطعم، قاموا بكتابة FCK . كُتبت تلك الكلمة على دلو الدجاج للمطعم، الذي طبع في أغلب الصحف والمجلات اليومية. وتم إضافة: (نحن اسفون – مطعم دجاج بدون دجاج). لم تُجد تلك الحملة التسويقية في البداية نفعاً، لكنها كانت مثالية ومغايرة وفي نفس الوقت مضحكة، بالإضافة أنها كانت تمثل اعتذارً حقيقياً وتحمل للمسؤولية من الشركة. كانت تلك الحملة التسويقية أو الحركة قادرة على جذب الانتباه، ومعالجة المشكلة وإضفاء روح الدعابة واظهار الامتنان من الشركة والحفاظ على هوية العلامة. أسلوب الاعتذار الذي اتخذته سلسلة مطاعم كنتاكي في حل الأزمة، نال المديح من العملاء والمهنيين في التسويق. كما فازت مطاعم كنتاكي بالعديد من الجوائز في نهاية العام. واعتبرت الحملة افضل الحملات الإعلانية نهاية العام. في كل أزمة يعتقد القادة ورواد الاعمال انهم لم يمروا من قبل بمثل هذه الأزمات أوبهذا السوء من الازمات. فمثلاُ نحن نعيش في ظل أزمة، أزمة فايروس كورونا. لكن مايجب أن تدركه كقائد او كرائد اعمال، هذه ليست أول أزمة تمر على البشرية ولن تكون الأخيرة. لقد مرت البشرية بأزمات أسوأ من ذلك ولم تكن صحية فقط. مرت البشرية على مدى التاريخ بالكثير من الأزمات، ولعل من بعض تلك الأزمات أزمة الأنفلونزا الاسبانية التي قتلت مئة مليون واصابت نصف مليار من البشر في ستة أشهر، والطاعون الأسود الذي قتل ثلث سكان أوربا، مايعادل مئتان مليون من سكانها. كذلك مرت البشرية بأزمات مالية مثل الكساد العظيم وأزمة الرهون العقارية، وأزمات حربية كأزمة الحرب العالمية الأولى والثانية، وأزمات بيئية، كالانحباس الحراري وثقب الأوزون. سوف تنتهي هذه الازمة كغيرها من الأزمات التي مرت. وهنالك قادة على مستويات عديدة (قادة شركات أو دول أو غيرة) سيتخطون هذه الازمة وتلمع أسماؤهم ويأخذون التابعين من موظفين معهم لذلك النجاح. وهنالك أيضاً قادة أخرون، سيسقطون وسيسحبون معهم التابعين للقاع.