بينما تشارف حصيلة الوفيات بفيروس كورونا المستجد على تخطي ال200 ألف السبت، دعت الأممالمتحدة إلى التعبئة العامة لتسريع إنتاج لقاح يتوفر للجميع معتبرة أنها الوسيلة الوحيد لتطويق وباء يهز الاقتصاد العالمي. وطرح رئيس الولاياتالمتحدة، البلد الذي سجل أكبر عدد من الوفيات بلغ خمسين ألفا، فكرة معالجة المرضى بحقنهم بمواد “معقمة”، حسبما قال في تصريحات أثارت جدلا وأجبرت العلماء والمنتجين والسلطات على الرد. وفي نهاية المطاف، أكد دونالد ترامب، الذي شعر باستياء كبير من الجدل على ما يبدو، أنه كان يتحدث “بسخرية”. وفي مساء الجمعة، اكتفى بعقد مؤتمر صحافي مقتضب حول الوباء، وغادر المكان بدون الرد على أي سؤال. من جهته، صرح جو بايدن الخصم الديموقراطي لترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة “أجد من الصعب أن أضطر إلى قول ذلك، لكن أرجوكم لا تشربوا مياه جافيل”. أما شركة إنتاج مادة ليسول المطهرة التي يستخدمها عشرات ملايين الأميركيين، فوجدت نفسها مجبرة على إصدار تحذير خطي قالت فيه إن “منتجاتنا المعقمة يجب ألا تدخل إلى جسم الإنسان بأي شكل من الأشكال”. أكد الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش أن دحر الوباء الذي أودى بحياة أكثر من 193 ألف شخص في العالم يتطلب “أكبر جهد في الصحة العامة في التاريخ”. وقدمت الأممالمتحدة ومنظمة الصحة الدولية التابعة لها مبادرة “تاريخية” لإنتاج علاجات لوباء كوفيد-19 الناجم عن فيروس كورونا المستجد. وبدأ السباق بين المختبرات لإيجاد العقار المناسب، إذ تجري ست تجارب سريرية خصوصا في بريطانياوألمانيا. لكن غوتيريش قال إن الرهان يتعلق بالتوصل إلى لقاح وعلاج “بسعر معقول وآمنين وفعالين” ومتوفرين “للجميع وفي كل مكان”، محذرا من حل يستثني الفقراء. وتجري هذه المبادرة بمشاركة العديد من دول أوروبا، القارة الأكثر تضررا التي سجلت فيها 119 ألف وفاة. لكن لم تنضم أي من الصين التي رصدت فيها أول إصابة بالمرض في كانون الأول/ديسمبر، ولا الولاياتالمتحدة إلى عرض هذا المشروع. في الولاياتالمتحدة التي يعاني اقتصادها بشدة كغيرها من البلدان من القيود المفروضة لاحتواء الوباء، وقع ترامب خطة مساعدة جديدة تبلغ قيمتها نحو 500 مليار دولار للتخفيف من أعباء الشركات والمستشفيات. والوضع ملح لأن إجمالي الناتج الداخلي للبلاد سيتراجع بنسبة 12 بالمئة هذا الفصل، ومعدل البطالة سيرتع بنسبة 14 بالمئة. والوضع سيء في إيطاليا أيضا حيث يتوقع أن يرتفع الدين والعجز العام إلى مستويات مخيفة. ويتوقع أن يتراجع إجمالي الناتج الداخلي لثالث اقتصاد في منطقة اليورو بنسبة 8 بالمئة هذا العام. في أوروبا حيث لم تتوصل الدول حتى الآن إلى تفاهم لتمويل خطة إنعاش واسعة، تعمل الحكومات بسرعة. فوعدت فرنسا وهولندا بتقديم عشرات المليارات من اليورو لشركة الطيران “ايرفرانس-كا ال ام” التي توقفت رحلات طائراتها. في قطاع السياحة الذي يهدد الوباء فيه ما يصل إلى 75 مليون وظيفة، تعهدت دول مجموعة العشرين الجمعة “بدعم الإنعاش الاقتصادي” وضمان “التنسيق في رفع القيود المفروضة على السفر”. على الرغم من الركود العالمي المتوقع، يبقى العزل القاعدة في أغلب الأحيان لمنع انتشار الفيروس. وبعد أعياد الفصح المسيحية واليهودية، بدأ المسلمون الجمعة صيامهم بدون صلوات جماعية ولا إفطارات عائلية كبيرة. وأغلقت أبواب المساجد ومنعت التجمعات. وقالت ربة العائلة الإندونيسية فترية فاميلا “رمضان هذا العام مختلف جدا، بلا أجواء احتفالية”. وأضافت “أشعر بخيبة أمل لأنني لن أتمكن من الذهاب إلى الجامع لكن ماذا يمكننا أن نفعل؟ لقد تغير العالم”. وأعرب العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز مساء الخميس عن “ألمه” لحلول شهر الصوم في مثل هذا الوضع، مشددا على أن هذه الإجراءات هي “للمحافظة على أرواح الناس”. وحذرت منظمة الصحة العالمية من التراخي في الإجراءات لأن التهديد بموجة ثانية للوباء لا يزال قائماً. وتستعد ألمانيا لذلك عبر بناء الجيش مستشفى يضم ألف سرير. كما في الولاياتالمتحدة ودول أخرى في العالم، تخفف بعض البلدان الأوروبية قيودها بينما تستعد أخرى مثل فرنساوإيطاليا لذلك مع تباطؤ انتشار الوباء. وأعلنت بلجيكا عن إعادة فتح تدريجية للمحلات التجارية والمدارس اعتبارا من منتصف أيار/مايو، بينما تعيد الحكومة التشيكية فتح الحدود أمام رحلات الأعمال القادمة من الولاياتالمتحدة. وإلى جانب آثاره المدمرة للاقتصاد والأزمة الصحية وإجراءات “التباعد الاجتماعي” التي فرضها، يواصل الوباء قلب طريقة حياة كثيرين بأشكال عدة. فبدون عناق وتجمعات، بكت كندا الجمعة عبر تسجيلات فيديو نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات التلفزيون الضحايا ال22 لأسوأ مجزرة في تاريخها خلال “سهرة افتراضية”. وفي مواجهة الملل في العزل، يعرض موقع فيسبوك للمستخدمين المزودين بأدوات رقمية أن يلتقوا أصدقاءهم في “غرف” افتراضية عبر خدمته الجديدة “ميسينجر رومز”. وفي برلين تتحول جدران باحات مبان عند الغروب إلى شاشات سينمائية يشاهدها المقيمون وهم على شرفاتهم المضاءة بالشموع أو أمام نوافذهم.