- متابعات بين فترة وأخرى تتحرك عجلة التنمية في المملكة باطراد، وكانت السعودية الجديدة على موعد، أمس، مع مجد جديد، وقفزة علمية، وتقنية فارقة في تاريخها الصناعي والتنموي، جسدت رؤية جديدة بعيون شابة مصممة على صناعة المجد، لتحول الوطن من مستورد للسلع الصناعية الكبرى لصانع عالمي لها. ولي العهد بنظرة طامح وقفزة واثق فيعتبر تدشين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، ووضع حجر أساس، سبعة مشروعات إستراتيجية، في مجالات الطاقة المتجددة والذرية، وتحلية المياه، والطب الجيني، وصناعة الطائرات، حدث فارق في مسيرة ولي العهد، الذي يصر دائما على مفاجأة العالم باستطاعة المملكة أن تقود كبرى المشروعات والاستثمارات العالمية، وترجمة واقعية لحديثه عن جعل المملكة والمنطقة “أوروبا الجديدة”. استراتيجية واعية ومشروعات متكاملة وبالنظرة الممعنة لهذه المشروعات العملاقة نجد أن هناك رابطا وثيقا وقاسما مشتركا بينها، رأته القيادة بعين الناظر الممعن، وهو اهتمامها بالعنصر الوطني السعودي، تدريبًا وتطويرًا وتأهيلًا، وخلق جيل من السعوديين يقود بنفسه صناعة وإدارة كامل المشاريع التقنية، وهذا ما تصر عليه القيادة ونجده دائما في خطوات ولي العهد وطموحاته، وتطلعاته التي يعبر عنها بخطاباته، وبخطواته على أرض الواقع. الطاقة النووية .. الإنجاز الأكبر المنتظر واشتملت المشروعات التي تفضل سمو ولي العهد بوضع حجر أساسها، ثلاثة مشروعات كبرى، كان أهمها أول مفاعل للأبحاث النووية، ويهدف بشكل أساسي إلى تطوير الصناعة النووية وبحوثها المتخصصة، ونقل تقنياتها بما يدعم المشروع الوطني للطاقة الذرية في السعودية بأعلى معايير الأمان الوطنية والدولية التي توصي بها وكالة الطاقة. ويظهر جليّا أن القيادة مصرة على وضع الوطن على قائمة الدول العالمية الكبرى المنتجة للطاقة النظيفة و التي لا تعتمد على النفط فقط بل تريد توسعة مجالات الطاقة وخاصة النووية بأياد وطنية لا تحتاج ولا تعتمد على الغير مقررة مقدراتها بنفسها. ويهدف هذا المشروع إلى إنشاء أول مفاعل نووي بحثي في المملكة، وسيساهم هذا المفاعل متعدد الأغراض في تأهيل وتطوير القوى البشرية والكفاءات البحثية المرتبطة بالعلوم والهندسة النووية وإجراء البحوث العلمية المتخصصة وتطوير الصناعة النووية ونقل تقنياتها مما يدعم المشروع الوطني للطاقة الذرية في المملكة، وقد تم وضع مواصفات المفاعل وتصميمه من قبل مختصي مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بمشاركة بيوت الخبرة العالمية بأعلى معايير الأمان الوطنية والدولية الخاصة بالمشاريع الهندسية النووية التي توصي بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ويشمل ذلك تصميم قلب المفاعل والوقود النووي وأنظمة التحكم ومراقبة الجودة وتقرير تحليل الأمان النووي. وتم تصميم المفاعل بحيث يحتوي على وقود من أكسيد اليورانيوم بنسبة تخصيب 2.1%، وبطاقة تصل الى 100 كيلو واط. خلال المرحلة الحالية تم البدء بالأعمال الانشائية للمشروع وتم تركيب حوض المفاعل النووي في مكانه والانتهاء من تصنيع الوقود النووي، ومن المتوقع الانتهاء من المشروع في نهاية العام 2019. الجينوم البشري ..انطلاقة ناحية الريادة الطبية ويعد المختبر الوطني ل«الجينيوم البشري السعودي» الذي دشنه سمو ولي العهد، أحد مشاريع التحول الوطني في مجال الصحة، حيث يراهن عليه في خفض نسبة الوفيات والأمراض الوراثية في المواليد، وإزاحة عبء مالي يقدر بمليارات الريالات عن الخزينة العامة للدولة ووضح النظام الصحي السعودي في مصاف الأنظمة العالمية ويترجم هذا المشروع حرص ولي العهد على المواطن السعودي، وسلامته والحفاظ عليه من الأخطار والأمراض ومحاولة مواجهتها على أكمل وجه ووضع المملكة على خريطة البحث الجيني و التطور في علوم الوراثة و البيولوجيا و التخصصات الطبية النادرة، حيث يعد المختبر الوطني للجينوم البشري السعودي احد مشاريع التحول الوطني في مجال الصحة، ويحتوي على احدث التقنيات في مجال دراسة الشفرة الوراثية ، وسيتم فحص 100.000 عينة لتكوين قاعدة معلومات تمكن من التحول الى عصر الطب الشخصي المبني على معلومات الجينوم، وقد تم تكوين فريق متخصص من أكثر من 150 طبيب وعالم وفنى وتدريبهم في مجال دراسات الجينوم واستخداماته في الطب، وتم حتى الآن فحص أكثر من 35.000 عينة من مختلف أنحاء المملكة وفك شفرتها الوراثية، وتم الكشف عن ما يقارب 15.000 متغير وراثي مسبب للإمراض الوراثية منها 500 متغير وراثي موجود حصريا في المجتمع السعودي، والتي تعتبر سببا رئيسيا في ارتفاع نسبة الوفيات والأمراض الوراثية في المواليد. وقد تم تطوير عدد من الاختبارات التشخيصية الدقيقة المبنية على المعلومات الناتجة من الدراسة، وتم تطوير أكثر من 13 شريحة بيولوجية تستخدم لتشخيص الأمراض الوراثية والسرطان وأمراض المناعة وأمراض الأعصاب وتحاليل زراعة الأعضاء. كما تم تطوير شريحة بيولوجية تستطيع تحليل 384 عينة تُجرى عليها 50 ألف فحص وبذلك يتم الحصول على 19.200.000 فحص في نفس الوقت، ويعتبر هذا سبق علمي على مستوى العالم. ويتم تجهيز المختبر لعمل تشخيص عدد كبير من الأمراض الوراثية لفحص المواليد وفحص ما قبل الزواج والحد من هذه الأمراض، والتي تزيد تكلفة علاجها من 4 مليار ريال سنويا. المملكة تكسر احتكار صناعة الطائرات وتزاحم العمالقة وإذا كانت هناك دول كبرى تسيطر على الصناعات الثقيلة مثل صناعة الطائرات والسيارات والروبوت وغيرها، فإن المملكة بعين قيادتها وولي عهدها الأمين قادرة على المنافسة واقتحام هذه المجالات وأكثرها تعقيدا وصعوبة، فبتدشين مشروع مركز تطوير هياكل الطائرات، تتحول السعودية إلى أكبر مصنع لهياكل الطائرات في منطقة الشرق الأوسط، حيث يتميز المصنع الذي يدار بالكامل بأيدي وطنية، بمرونة تمكنه من استقبال كافة طلبات تصنيع هياكل الطائرات بمختلف أحجامها. ويعد مركز هياكل الطائرات من المواد المركبة من أكبر مراكز هياكل الطائرات في الشرق الأوسط بمساحة 27,000 متر مربع للمرحلة الأولى و92,000 متر مربع للمرحلة الثانية. ويقع المركز في المنطقة الصناعية بمطار الملك خالد الدولي، ويمتلك القدرة لتصنيع معظم هياكل الطائرات سواء كانت مدنية أو حربية. ويحتوي على 16 آلة من أحدث الآلات والمعدات في صناعة هياكل الطائرات في العالم حيث باستطاعتها صناعة أجزاء طائرات تتراوح مقاساتها من 1 متر إلى 9 أمتار للمرحلة الأولى، وفي المرحلة الثانية صناعة أجزاء تتراوح مقاساتها من 9 أمتار إلى 38 مترا. ويتميز المركز بإدارة سعودية بالكامل في جميع التخصصات المتعلقة بهذا المجال، ومنها هندسة الطيران والهندسة الميكانيكية والهندسة الكهربائية. وسيعمل المركز في المرحلة الاولى على توفير 73 وظيفة مباشرة وغير مباشرة بنهاية عام 2019 م. وفي المرحلة الثانية سوف توفر 200 وظيفة مباشرة وغير مباشرة بنهاية عام 2025. ويحتوي المركز على غرفة نظيفة بمساحة 2400 متر مربع وذلك لتهيئة أجزاء الطائرات من المواد المركبة للتأكد من عدم وجود اي شوائب عند التصنيع. وكذلك افران لصقل أجزاء الطائرات من المواد المركبة بسعة تصنيع لأطوال تتراوح بين 10 أمتار إلى 20 مترا، وقطر 7 أمتار. الأمن المائي أولوية القيادة لحماية المواطن ولم تكن مشاريع الري والأمن المائي بعيدة عن فكر القيادة والحكومة السعودية، فقد حرصت تلك المشاريع على إدراج أهم مشاريع تطمئن المواطن على أمنه المائي وحمايته من أي خطر مستقبلي على مخزون الماء، ومن هذا المنطلق نفذت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية مشروع تحلية المياه بخاصية التناضح العكسي بالطاقة الشمسية في مدينة الخفجي والذي يتميز بالتالي: مصدر الطاقة هو الحقل الشمسي خلال ساعات النهار. توفير محطة تجريبية مطابقة تماما للمحطة الرئيسية تتيح تطبيق أبحاث المدينة. تعزيز الأمن المائي لمحافظة الخفجي بضمان تواجده بنسبة قياسية تتجاوز 96%. خفض استهلاك الطاقة الكهربائية إلى 3.6 كيلو وات للمتر المكعب مقارنة بحجم المحطة ودرجة ملوحة مياه البحر لمياه الخليج العربي وبالمقارنة أيضا بجودة مياه الشرب المنتجة. بدأ الإنتاج من المشروع في منتصف شهر نوفمبر 2017 م وتجاوز ما تم ضخه لمدينة الخفجي مليوني متر مكعب من المياه المحلاة. وساهم تنفيذ هذا المشروع في خفض التكلفة التشغيلية لإنتاج المياه والتي وصلت إلى 1.165 ريال للمتر المكعب. تجدر الإشارة إلى أنه يمكن خفض هذه التكلفة بنسبة كبيرة اعتمادا على المعايير التالية: الطاقة الإنتاجية للمشروع: كلما ازداد حجم المشروع كلما قلت التكلفة الإنتاجية. موقع المشروع: جودة مياه البحر تؤثر بشكل كبير على التكلفة الإنتاجية. جودة مياه الشرب: رفع نسبة المواد الصلبة الذائبة إلى أكثر من 130 وأقل من 500 جزء في المليون سيساهم في تقليل التكلفة التشغيلية. تستهدف المدينة ومن خلال المحطة البحثية التجريبية ومختبر تحليل جودة المياه في الخفجي إلى رفع الكفاءة التشغيلية وتطبيق أحدث التقنيات التي تستهدف: تقليل استهلاك المواد الكيميائية إلى أقل من 0.15 ريال للمتر المكعب. استغلال مياه البحر الراجعة. تطبيق مخرجات المدينة البحثية لرفع كفاءة أغشية التناضح العكسي. المملكة تطرق أبواب الطاقة المتجددة إلى جانب النفط وفي سبيلها لعدم الاعتماد على النفط فقط كمصدر للطاقة، ركزت المملكة، بفطنة الواعي، نظرها على مصادر متجددة أخرى لإنتاج الطاقة، والتي هي ركيزة وعامود الصناعات الأول. وتولي السعودية أهمية بالغة لمشاريع الطاقة الشمسية، متخطية إلى ما هو أبعد بتدشينها خط إنتاج الألواح والخلايا الشمسية وإنشاء معمل خاص لاختبار موثوقيتها، بما يؤكد عزم المملكة في كامل ثقلها في هذا النوع من الاستثمارات. بدأت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية أبحاثها في مجال الطاقة الشمسية الكهروضوئية في عام 1979م عبر بناء أول محطة طاقة شمسية تعمل بتقنية الخلايا الشمسية المركزة، لتكون ذلك أول محطة في العالم تعمل بهذه التقنية و تنتج الطاقة الكهربائية تغذي ثلاث هجر وقرى في شمال مدينة الرياض. وفي عام 2010م قامت المدينة بإنشاء أول مصنع آلي لإنتاج ألواح الطاقة الشمسية، والذي تمت توسعته في عام 2015م لتصبح قدرته الإنتاجية 100 ميجا واط سنويا، حيث يقوم بتلبية احتياجات مشاريع الطاقة الشمسية التي تعمل عليها المدينة كمشروع تحلية المياه المالحة بالطاقة الشمسية في الخفجي، ومشروع إنتاج الطاقة الكهربائية باستخدام الخلايا الكهروضوئية في واحة التقنية بالطائف. وتعمل المدينة على توطين صناعة الألواح الشمسية بالمملكة حيث قامت بإنشاء خط إنتاج آخر بسعة إنتاجية 100 ميجاوات لإنتاج الخلايا الشمسية، وبذلك يكون المرحلة الأولى في جهود توطين صناعة الألواح الشمسية. بالإضافة إلى تقديم المساعدة الفنية للصناعة المحلية لتوطين المكونات الأخرى الداخلة في صناعة الألواح الشمسية. ويقوم فريق فني سعودي بتشغيل المصنع وإدارته والمحافظة على أعلى معايير الجودة والسلامة في منتجاته وعمليات الإنتاج، وقد حصل المصنع على اعتماد الآيزو 9001 وشهادات IEC في مطابقة المنتج للمعايير العالمية. وفي إطار تعزيز موثوقية وجودة الألواح الشمسية والتأكد من صمودها في البيئة الصحراوية أنشأت المدينة “مختبر موثوقية الألواح الشمسية” الذي يعد الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ويتم تشغيله وفقاً لمتطلبات المواصفات العالمية للاختبارات (أيزو ISO-IEC17025) ، بسواعد سعودية. وقد حصل المختبر على اعتماد من هيئة المواصفات الخليجية وهيئة المواصفات والمقاييس والجودة السعودية لتقديم خدمات فحص واختبار الألواح الشمسية والتأكد من جودتها.