الخيارات الكويتية للوساطة في حل أزمة الرباعية العربية مع قطر يبدو أنها تنحسر ولاتحقق تقدم فعلي على أرض الواقع ، وظهر أمير الكويت الشيخ صباح عاجزاً عن إيجاد نقطة إلتقاء بين الطرفين وهذا الأمر من أساس الأزمة لم يكن موجوداً . من الواضح أن الرباعية العربية لم تعد تقبل بالطرق التقليدية لحل أزمات الخليج أو مشاكله العابرة ، ودور أمير الكويت الكبير في التوسط حلها صار يتطلب تغيّراً يتماها مع التحولات الجديدة في السياسة الدولية وخصوصاً مايمس المنطقة منها ومنطقة الخليج ليست استثناء بطبيعة الحال، والحفاظ على كيان مجلس التعاون الخليجي كما تتمنى الكويت وأميرها أصبح تحت التهديد وفي كل الأحوال فبقاءه في ظل الأوضاع القائمة قد يكون خياراً أكثر سلبية من إلغائه بالنسبة للكويت تحديداً وباقي الدول الخليجية المقاطِعة لقطر ، لأن الكويت تنظُر للأمر برؤية استراتيجية شاملة ترى أن جغرافيا الكويت الصغيرة لاتحتمل البقاء طويلاً بجانب ايران والعراق بدون تحالفات أو تكتلات إقليمية تساعدها في حماية أمنها الوطني وبقاء حدودها بدون تهديد. وهذا ماتتمسك لأجله بكيان مجلس التعاون الخليجي الذي غير أنه يحتوي تجمع درع الجزيرة العسكري إلا أنه ايضاً يقوم على أساسات تقليدية لاتسمح أبداً بتهديد أمن أحد أعضاءه. وهذا يبرر سعي أمير الكويت الشيخ صباح إلى إقامة القمة الدورية القادمة لمجلس التعاون في ديسمبر المقبل بنفس موعدها ومكانها وبحضور الجميع ، وعلى أساس الحالة القائمة يبدو أن عقد القمة كما هو مرتب لها لن يحرز للكويت اي تقدم ولن يساهم أيضاً في بقاء كيان مجلس التعاون بل قد يهدده في ظل وجود أطراف متخاصمة. من الأساس لن تقبل للسعودية والامارات والبحرين مجدداً بقمة لمجلس التعاون تضم النظام القطري القائم باعتباره نظام يقوّض أمنها ومصالحها ووحدتها بغض النظر عما وصلت إليه الوساطة الكويتية ، وأضحى ذلك في غاية الوضوح اليوم سواءً تم التعبير عنه أم لا . كلنا لانأمل بانهيار مجلس التعاون بشكل الحالي لكننا أصبحنا في وارد حقيقة تتطلب تطوير نظامه الأساسي وهيكلته وهذا قد يكون أحد نتائج الأزمة القائمة سواءً باستبعاد قطر أو إقامة تكتل إتحادي جديد يضم السعودية والامارات والبحرين ومعهم الكويت إن رغبت سواءً بوجود التكتل القديم أو إلغائه. وهذا الخيار سيكون أكثر المستفيدين منه الكويت خصوصاً وأن التهديدات الإقليمية لأمنها أصبحت اليوم اكثر منها في السابق وسيشكل هذا الإتحاد ضمانه أمنية واقتصادية إستراتيجية للكويت. وأعتقد في وارد هذا أن البداية يجب أن تكون من الإتفاق على نقل القمة القادمة إلى الرياض بحيث تكون الكويت خرجت تماماً من حرج عدم دعوة النظام القطري الحالي ولاتسقط جهود وساطتها القائمة ، وبالتالي تكون دول الخليج قد انتقلت فعلياً لمرحلة جديدة يمكن حتى على أساسها أن تكون الوساطة الكويتية أكثر فعالية منها قبل القمة .