برز شعاران في حملة دونالد ترامب الانتخابية التي قادته إلى البيت الأبيض في 2016 هما "لنبن جداراً"، والثانية "اسجونها"، ومع صعوبة الشروع في إقامة الجدار على حدود المكسيك، عاد الرئيس الأمريكي إلى هجومه على منافسته الديمقراطية السابقة هيلاري كلينتون. إلا أن سلوكه أثار القلق في واشنطن، وانتقادات بأن ترامب يسعى من خلال مهاجمة كلينتون إلى صرف الانتباه عن التحقيق حول روابط محتملة بين فريق حملته وروسيا. وشبهت صحيفة واشنطن بوست في مقال هجوم الرئيس بسلوك يمكن توقعه في "جمهورية موز"، بينما اعتبرت وول ستريت جورنال أن ترامب "يتجاوز خطوطاً سياسية وقانونية خطيرة". وتابعت وول ستريت جورنال إنه "من الواضح أن ترامب محبط لأن التحقيق حول التواطؤ مع روسيا امتد إلى أسرته، لكن هذا الإحباط أخذ الآن منحى خطيراً". وأضافت أن "تلميح ترامب إلى أن يقوم وزير العدل بملاحقة منافسته السابقة هو انتقام سياسي فظ يمكن أن نتوقعه مثلاً في تركيا برئاسة رجب طيب أردوغان أو الفيليبين برئاسة رودريغو دوتيرتي". وشن ترامب في نهاية الأسبوع الماضي هجوماً عبر سلسلة من التغريدات على وزير العدل جيف سيشنز، لعدم ملاحقته كلينتون. وقال ترامب الثلاثاء إن "سيشنز اتخذ موقفاً ضعيفاً جداً إزاء جرائم هيلاري كلينتون"، ملمحاً إلى ضرورة إعادة فتح تحقيق حول استخدامها ملقماً خاصاً لرسائلها الإلكترونية عندما كانت وزيرة للخارجية. إضافة إلى ذلك، عبر الرئيس عن خيبة أمله إزاء قرار سيشنز التنحي من التحقيق حول تواطؤ محتمل بين موسكو وفريق حملة ترامب. وتساءل ترامب: "لماذا لا تنظر اللجان والمحققون وبالطبع وزير العدل المحاصر في جرائم هيلاري الفاسدة وعلاقاتها مع روسيا؟". جريمة تؤدي للإقالة وسارع العديد من أعضاء الحزب الجمهوري إلى الدفاع عن سيشنز، والتنديد بمساعي الرئيس لحمل وزير الدفاع إلى فتح تحقيق جنائي حول كلينتون. وصرح السناتور ليندساي غراهام من كارولاينا الجنوبية أن "قرارات الملاحقة يجب أن تستند على مطابقة الوقائع مع القانون من دون أدنى إشارة إلى وجود دوافع سياسية"، مضيفاً أن "القيام بخلاف ذلك سيشكل ابتعاداً عن التقليد الأمريكي العريق القائم على الفصل بين القانون والسياسة بغض النظر عن الانتماء الحزبي". ومضى ريتشارد بينتر الذي عمل محامياً مكلفاً الإشراف على الاخلاقيات في البيت الأبيض في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش، حتى القول إن دعوة ترامب لفتح تحقيق حول كلينتون "جريمة يمكن أن تؤدي إلى الإقالة". وكتب بينتر في تغريدة أن "ممارسة الضغوط على وزير العدل لملاحقة شخص خسر في الانتخابات، جريمة يمكن أن تؤدي إلى الاقالة إذا كنا نقدر الانتخابات الحرة". وكان المدير السابق لمكتب التحقيقات الفدرالي جيمس كومي خلص العام الماضي قبل 4 أشهر على الانتخابات الرئاسية التي جرت في نوفمبر أن كلينتون أبدت إهمالاً في استخدامها لملقم خاص، لكنها لم ترتكب أي جريمة. ويشكل دفع ترامب مجدداً إلى التحقيق حول كلينتون، تغيراً في موقف اتخذه في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" بعد أسبوعين على فوزه في الانتخابات. وقال ترامب في المقابلة "لا أريد الأذى للزوجين كلينتون، فعلاً لا أريد ذلك"، مضيفاً "عانت الكثير وتعذبت بشكر كبير على مستويات عدة، ولست أسعى لإيذائهما إطلاقاً". وإذا تمكن ترامب بشكل ما من حمل وزارة العدل على فتح تحقيق حول كلينتون، فمن المستبعد أن يشارك فيه سيشنز في حال ظل في منصبه، إذ قال سيشز السناتور السابق من ألاباما أنه سيتنحى من أي تحقيق حول المرشحة الديمقراطية السابقة. كما كان سيشنز أعلن خلال جلسة تثبيته في منصبه أمام مجلس الشيوخ في يناير (كانون الثاني) أن الولاياتالمتحدة "بلد لا يعاقب خصومه السياسيين". إلا أن مسعى ترامب لاقى تأييداً من رئيس مجموعة "جوديشال ووتش" المحافظة توم فيتون التي تراقب القضايا القانونية، وقال فيتون في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز أن "لا أحد يترصد عائلة كلينتون، لكن الشعب الأمريكي يريد التأكد من فتح تحقيق من قبل وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفدرالي". ومضى فيتون يقول "نريد نظرة جديدة في الملف والرئيس محق في الدعوة إلى التحقيق".