اتفق المشاركون في ندوة "دور المعلم الوطني في مكافحة الإرهاب" على أهمية تفعيل دور المعلم وتعزيز مشاركته في مكافحة الإرهاب وتسليحه بالأدوات والإمكانيات والقدرات التي تتسق مع المتغيرات التي يشهدها العالم وذلك لترسيخ الولاء والانتماء والاعتزاز والافتخار بالوطن وكذلك تأصيل الاعتدال والوسطية والوطنية ونبذ العنف والتطرف والغلو. وشهدت ندوة "دور المعلم الوطني في مكافحة الإرهاب" والتي نظمها مركز اليونسكو الإقليمي للجودة والتميز في التعليم وبرعاية معالي وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى يوم الأربعاء الماضي ثلاث جلسات نقاش حول دور المعلم في تأصيل القيم والتصدي للأفكار المتطرفة، وكذلك المسؤولية الوطنية للمعلم وأثره في ترسيخ المواطنة بين طلابه، بالإضافة إلى مهنية المعلم وحسه الأمني والوطني. حضر الندوة نخبة من المسؤولين والمختصين والمعلمين ورجال الإعلام. حيث بدأت الجلسة الأولى والتي أدارتها الأستاذة نورة الشعبان بمناقشة "دور المعلم في تأصيل القيم والتصدي للأفكار المتطرفة. وقال معالي نائب وزير التعليم سابقاً الدكتور حمد آل الشيخ إن للمعلم دورا محوريا وكبيرا في تعزيز الوسطية والوطنية ومعالجة الغلو والتطرف وهذا الدور له سمات منها قدرة المعلم على تعزيز الحوار بينه وبين طلابه وفيما بينهم داخل القاعة وخارجها، والتوازن الانفعالي وحسن التصرف وتنمية روح التسامح والعمل الجماعي. أيضاً قدرة المعلم والأستاذ الجامعي على ربط المحاضرات أو الحصص والمواقف التعليمية بالمجتمع واستثمار الأحداث التنمية وترسيخ الوازع الديني والوسطية والوطنية. ويرى معالي مدير الجامعة الإسلامية سابقاً الدكتور محمد العقلا أن المدرسة ليست بيئة جاذبة للطلاب ونحن شاهدنا كيف كان شعور الطلاب بعد عودتهم للمدرسة من الإجازة الصيفية وكأنهم يساقون إلى الموت، فالمعلم لا يمكن أن يعمل ويؤثر دون دعم الوزارة ومنح الصلاحيات ورفع مستوى التنسيق والتعاون بين الوزارة والمدرسة، وتحديد دور المدرسة التعليمي والتربوي، وأيضا دعم الميزة التنافسية للمعلين خاصة الجانب المعنوي، وكذلك دعم الأسرة للمعلم، وبالتالي عندما تتوفر كل هذه المعطيات وتكون المدرسة بيئة جاذبة يكون للمعلم دور فاعل ومؤثر في الاضطلاع بدوره التربوي والتعليمي والوطني. بينما أوضح كبير المستشارين في الإدارة العامة في الأمن الفكري بوزارة الداخلية الدكتور عثمان الصديقي أن القيم التي تدعو إلى تعزز الأمن الفكري كالسماحة والتعايش والوسطية والاعتدال والانتماء وحب الوطن والوازع الديني وتعظيم قدر العلماء، وهنا دور كبير للمعلم لتأصيل هذه القيم وغرسها لدى الطلاب، وقبل هذا يجب أن ينمي المعلم قدراته ومهاراته في تعزيز الأمن الفكري حتى يكون قدوة أمام طلابه ويربط الأقوال بالأفعال. وركزت الجلسة الثانية التي أدارها الإعلامي عبدالعزيز العيد على "المسؤولية الوطنية للمعلم والمعلمة وأثرهم في ترسيخ المواطنة بين طلابهم." حيث قسم معالي مدير جامعة الطائف ومدير مركز اليونسكو الإقليمي للجودة والتميز في التعليم المسؤولية الوطنية إلى ثلاثة اقسام: أولا التربية على المواطنة وللأسرة والمدرسة والمعلم دور مشترك في غرسها وتعزيزها وتنميتها. ثانياً : المشاركة، وهي احترام آراء الطلاب وإعطائهم الفرصة للمشاركة في النقاش الموضوعي. ثالثاً: إعادة تقييم العملية التعليمية وضرورة الاهتمام بكليات التربية وإصلاحها وإعادة تعريف دور المعلم وتأطير رسالته ضمن إطار مهنة التعليم. وأردف بأهمية أخذ التجارب الإقليمية والدولية وتأطيرها محلياً والأستفادة منها وتدريب المعلم عليها، بالإضافة إلى تشجيع المشاركة في الفعاليات الوطنية من خلال الاهتمام بالمناسبات الوطنية، وتنمية التعاطف الوطني الإيجابي كزيارة أسر شهداء الواجب. من جهتها ترى عضوة هيئة التدريس بجامعة الملك سعود الدكتورة عزيزة المانع أن مفهوم المواطنة مهما بذل من جهد في ترسيخه، لن ينجح مالم نلتفت التفاتة جادة إلى ما تقوم به المدارس الأجنبية من طمس للهوية القومية ، وإضعاف للانتماء الوطني ، عبر التدريس باللغة الإنجليزية ، والاعتماد في التعليم على كتب أجنبية، فانتشار هذه المدارس هو من أقوى العوامل التي تفصل الطفل عن هويته ولغته وثقافته القومية ، ومن ثم إضعاف المواطنة عنده. بينما يرى المستشار الإعلامي والكاتب الصحفي إدريس الدريس أننا كسعوديين لدينا شعور بالنقص تجاه ذواتنا وبلادنا وطالما جلدنا ذواتنا ومدحنا غيرنا والسبب لأننا لانكاد نعرف بلادنا جيداً ونجهل وزنها سياسياً واقتصادياً. وأردف بأنه ينبغي أن نعمل ريجيم على المناهج الدراسية ونكثف الساعات الحرة وتنظيم رحلات إلزامية ميدانية للطلاب إلى المتاحف والأماكن التاريخية والسياحية في بلادنا التي طرقها المستشرقون وألفوا عنها ، وأن نزرع الشعور بالفخر والاعتزاز بوطننا. وركزت الجلسة الثالثة والتي أدارها الإعلامي مبارك العصيمي على "المعلم المهني"، وأشار معالي وزير التعليم اليمني السابق الدكتور عبدالسلام الجوفي إلى أهمية تحويل المدارس إلى مؤسسات ذات صلاحيات مالية وإدارية مستقلة لأن الواقع الحالي في العالم العربي يعكس بأن المدارس لا تقوم بدورها بصورة مرضية وبالتالي يجب معرفة هذه الأسباب. فمهنية المعلم لها ارتباط بقيم المدرسة وزيادة الدعم المؤسسي للمدرسة وكذلك المشاركة المجتمعية للمدرسة من خلال مجالس الآباء. وأردف بأن المعلم يحتاج إلى التقدير المعنوي والمادي ليقوم بدوره المهني والوطني المنشود. وصنفت عضوة هيئة التدريس بجامعة الملك سعود الدكتور فوزية البكر المعلمين إلى المعلم المجتهد والمعلم المقتصد والمعلم المقرر والمعلم المقصر وبالتالي في ظل هذا العالم المتغير بمعطياته التقنية والاجتماعية نحتاج إلى إعادة تعريف المعلم. وتعزيز أدوات تطوير المعلم بحيث يكون قادراً على تعريف الطلاب على كيفية التعليم بحب وشغف للمعرفة وتنمية الوعي والقدرة على الفرز بين الحقائق والإشاعات وتشجيع ثقافة النقد الموضوعي البناء ونبذ التطرف وإدراك آثاره السلبية على المجتمع والوطن بين الطلاب باسلوب يحاكي هذا العالم المتغير. من جهته قال عميد كلية التربية بجامعة طيبة الدكتور نياف الجابري إن السمات الأساسية المهنية للمعلمين تتمحور حول الملكات المهنية كالتطوير المهني الذاتي والقدرة على التواصل مع الاخرين. ثانياً المعرفة المهنية والفهم كالتقويم والمتابعة ، والمادة العلمية والمنهج والصحة البدنية والنفسية. ثالثاً المهارات المهنية كالتخطيط والتدريس، ومراجعة التعليم والتعلم ، وبيئة العمل ، وفرق التعلم والعمل التعاوني. وفي ختام الندوة تم تكريم المتحدثين بدروع تذكارية وشكر معالي مدير مركز اليونسكو الإقليمي للجودة والتميز في التعليم الدكتور حسام زمان الجميع من متحدثين ومشاركين وحضور على تلبية الدعوة وأضاف بأن ورقات عمل هذه الندوة ستلخص وتقدم توصياتها لصناع القرار وواضعين السياسات التعليمة في العالم العربي.