يحتفل الوطن بكل أطيافه اليوم بذكرى التوحيد ال 86 لبلادنا الغالية.. ويتجلى السعوديون فخرا وشموخا بوطنهم المعطاء وتاريخهم الناصع.. معبرين عن ولائهم لقيادتهم.. متمسكين بنهجهم الإسلامي القويم تحت راية التوحيد في أمان واستقرار.. بعيدا عن كل ما يكدر صفو العيش.. في وطن الرخاء والحزم.. عازمين على مواصلة التصدي.. بكل قوة للمتربصين والمفسدين في الأرض.. وأياديهم ممدودة لكل من رام العيش بسلام. لذا فمن الطبيعي جداً أن تستمر السياسة على مدى عقود طوال متمسكة بمبادئ وثوابت ومعطيات جغرافية وتاريخية ودينية واقتصادية وأمنية، يأتي على رأسها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ورفض صارم لأي محاولات للتدخل في شؤونها الداخلية، وتعزير العلاقات مع الدول الشقيقة ودعم العلاقات مع الدول الصديقة بما يخدم المصالح المشتركة، وانتهاج سياسة عدم الانحياز.. والقيام بدور فاعل في إطار المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية.. وفق نهج متوازٍ ومتزن وواضح المعالم. فالمملكة العربية السعودية دولة رائدة في مجال مكافحة الإرهاب، إذ أسهمت بفاعلية في اللقاءات الإقليمية والدولية التي بحثت وناقشت قضية الإرهاب وتجريم الأعمال الإرهابية وفق أحكام الشريعة الإسلامية وأثبتت للعالم أجمع جدية مطلقة في التصدي لهذه الآفة. إن ما يميِّز أيامنا الوطنية، التي تهلُّ علينا بالفخر والاعتزاز في مثل هذا التوقيت من كل عام، أننا بلدٌ يربط الماضي بالحاضر ويجعلهما أساساً للبناء في المستقبل. هكذا سارت المملكة على الدوام، تحافظ على مجدها وثوابتها الوطنية والدينية؛ وتواصل العمل من أجل الأجيال المقبلة من أبنائها. في كل يومٍ وطني؛ نستذكر الدور الريادي للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، رحمه الله، ونعيش حاضراً من الإنجازات على مختلف الأصعدة، ونستشرف المستقبل بثقة في الله وفي قيادتنا وقدراتنا. فالمملكة ولله الحمد في أمنٍ واستقرار وازدهار بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي العهد، وسمو ولي ولي العهد. أمنٌ قلَّ نظيره، وتلاحمٌ اجتماعي رائع ومثير للإعجاب، واستقرار اقتصادي مشهودٌ له، وتأثير إيجابي في القرار العالمي، ومحبةٌ تحيطنا بها شعوب الدول العربية والإسلامية والصديقة. وقد أقرَّ الملك سلمان بن عبدالعزيز رؤية المملكة 2030، إيذاناً ببدء مرحلة جديدة من استشراف المستقبل وتحقيق النمو المنشود، مع الحفاظ على ثوابتنا. والمجتمع متفائلٌ بالرؤية وببرنامج التحول الوطني، وواثقٌ في قيادته التي تحافظ على ما تحقَّق من مكتسباتٍ على مدى عقود وتعمل من أجل دوام الرفاه والازدهار . ستة وثمانون عاماً من مرحلة البناء الى مرحلة الانطلاق الى المستقبل خطا فيها وطننا الحبيب خطوات عملاقة اوصلته الى ماهو عليه من النمو والازدهار والتطور، ركزت على بناء الانسان كونه الاستثمار الانجع والأكثر ضمانا في استمرار الانطلاق باتجاه آفاق ارحب من تنمية متواصلة مستدامة تنتقل من جيل الى جيل، كما حصل في السابق ويحصل في الحاضر ويتم التخطيط له في المستقبل. فالبدايات كانت صعبة، مرحلة توحيد البلاد اعجاز بكل ما تحمله الكلمة من معنى، كنا مشتتين في الارض، كلاً يبحث عن الحفاظ على مناطق نفوذه دون ان يلقي بالا لما حوله، منشغلاً بالحفاظ على مكتسباته لا يرى ابعد من ارنبة انفه، كان لابد أن تكون هذه البلاد مترامية الاطراف وحدة واحدة حتى تصبح كيانا له مكانته على نسق واحد يبني مستقبلا لشعب واحد في ارض تضم بين جنباتها اطهر واقدس بقاع الارض مكةالمكرمة والمدينة المنورة. فجاء الملك المؤسس بكل آماله وطموحاته وعزيمة الرجال والرؤية الثاقبة لتوحيد البلاد تحت راية واحدة هي راية التوحيد، لم يكن طريقه معبدا ولا مفروشا بالورود، كان طريقا وعرا مليئا بالمصاعب والعقبات، كل ذلك لم يفت في عضد الملك المؤسس بالقدر الذي زاد من اصراره على توحيد الوطن. إن الملك عبدالعزيز شخصية قلما يجود التاريخ بمثلها، رجل ولا كل الرجال، استطاع بموارد شحيحة للغاية في البدايات تصاحبها عبقرية في الفكر ونقاء في السريرة وعزم في الوصول إلى الهدف متكلاً على المولى عز وجل أن يحقق معجزة تاريخية في توحيد بلاد مترامية الأطراف تتنازعها الاهواء، جعل منها وطنا نفخر أن نكون مواطنيه، أسس لمستقبل نعيشه حاضرا وسيعيشه ابناؤنا واحفادنا باذن الله مستقبلا. إن المملكة وهي تحتفل ونحتفل معها باليوم الوطني السادس والثمانين فانما نستذكر كل من ساهم في البناء وحرص على علوه وشموخه، فكل من وضع لبنة في هذا الصرح العظيم يستحق منا أن نشكره ايما شكر، ومن ما زال يضع اللبنة فوق الأخرى له كل الحب والتقدير والاحترام، فعملية بناء الوطن لاتقف عند حد معين بل هي مستمرة استمرار الزمن، فالمهمة لم تنتهِ وتحتاج منا كل جهد كما فعل الآباء والاجداد وسيفعل الابناء والحفدة. إننا نحمد المولى عز وجل على نعائمه الكثيرة في هذا الوطن، فنحن نعيش في أمن وأمان وعزة ورخاء محسودين عليها، و"كل ذي نعمة محسود"، وعلينا شكر نعم الله بأن قيض لبلادنا حكاما وضعوا مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وقادوه إلى مكانة هو أهل لها، ووضعوا بناء المواطن نصب أعينهم فاصبح عمودا يرتكز عليه في ازدهار الوطن واستمرار نمائه، جعلوا من بلادنا واحة أمن وأمان يضرب بها المثل، اخذوا من الأشياء أفضلها فتحقق لهم طموحهم غير المحدود دون أن يقف عند حد معين، فبلادنا مستمرة على طريق النمو مع التمسك بالمبادىء والقيم. فهذا ما غرسه الملك عبد العزيز -رحمه الله- وأسقاه بالجهد والعرق سواعد وفكر الأبناء البررة من بعده، في عمل عظيم غير مسبوق، وفي خطوات متسارعة تتحدث عنها المشاهد الجميلة على الأرض، وتنطق بها عقول الرجال والنساء من المواطنين والمواطنات. فالتطور ليس فقط في التنمية والتعمير، ولا في استكمال متطلبات المدن الحضارية في كل مدينة وقرية في بلادنا فقط، وإنما التطور الحقيقي في امتداده وملامسته عقول المواطنين، بدءًا من توطين البادية، مرورًا بفتح المدارس والجامعات لتعليم المواطنين من الجنسين، إلى حصول المواطنين والمواطنات على أعلى الشهادات في جميع التخصصات في عمل مخطط له ومدروس بعناية ضمن برامج الملك عبد العزيز في توحيد الدولة وأسلوب وآليات عملها.