تُمَثل مدينة وعد الشمال الصناعية، جنوب طريف، مرتكزاً تنموياً واعداً، ونقطة تحول في مفهوم إنشاء المدن الصناعية ذات المشاريع العملاقة والاستثمارات المتكاملة والمصانع الحديثة، ليس فقط في المملكة ولكن في المنطقة؛ خاصة وأنها تُعتبر نموذجاً فريداً لما يسمى بمنظومة التنمية الشاملة للمناطق الجغرافية اقتصادياً واجتماعياً وبيئياً وفقاً لأحدث المقاييس العالمية. مستفيدة من الامكانات الطبيعية للمنطقة مثل الثروة المعدنية والبترولية بهدف خلق مجتمع مزدهر على مساحة (440 كم2) يستفيد منه أهالي منطقة الحدود الشمالية والمناطق والمدن المجاورة، وخلق فرص عمل للشباب السعودي، بالإضافة إلى تنويع اقتصاد المملكة ومواردها من خلال مشاريع ومصانع المعادن المختلفة مثل الفوسفات والجير والأملاح والمواد الكيميائية والزجاج والبلاستيك والصناعات الخفيفة وغيرها. وبدأت الشركة السعودية للكهرباء كأحد الجهات المشاركة في عملية دعم وتنمية وتطوير مدينة وعد الشمال بإجراء دراسة متكاملة لاحتياجات المدينة من الطاقة الكهربائية سواء ما يخص المصانع والمشاريع الاستثمارية أو المدينة السكنية والتوسعات المستقبلية، مستخدمة أحدث التقنيات العالمية وفقاً لبرنامج التحول الاستراتيجي المتسارع الذي أطلقته الشركة لتعزيز مؤشرات الأداء العالمي بعد أن أصبحت الشركة الأكبر في مجال الطاقة الكهربائية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث نجحت هذا العام في تجاوز أقصى حمل ذروي في تاريخها، بعد أن بلغت الأحمال 62260 ميجاوات، في حين أن أقصى حمل ذروي سُجل عام 2014م بلغ 56547 ميجاوات، بزيادة 5713 ميجاوات، بنسبة نمو بلغت 10.2%، وهي من النِسَب الأعلى نمواً للطاقة الكهربائية في العالم. كما قفزت قدرات توليد الطاقة الكهربائية بالشركة منذ تأسيسها إلى مستويات عالية بنسبة نمو بلغت 161%، بينما بلغت نسبة النمو بشبكات النقل 130% فيما بلغت بشبكات التوزيع 141%، وذلك لإمداد نحو 8 مليون مشترك بالخدمة الكهربائية في أكثر من 12,841 مدينة وقرية وتجمعاً سكنياً بنسبة نمو وصلت 73%، وذلك بفضل الله والكوادر والكفاءات الوطنية، حيث بلغت نسبة توطين الوظائف بالشركة حتى الآن نحو 88.50 بالمائة. ولمواكبة المشاريع الحيوية في ظل النهضة الاقتصادية الشاملة بجميع مناطق المملكة، تم أمس الأربعاء 30/12/2015م توقيع اتفاقية مشروع محطة توليد الطاقة الكهربائية المركبة المتكاملة بوعد الشمال، جنوب طريف، بقدرة إجمالية تصل إلى (1390) ميجاوات وقت الذروة، وبتكلفة قدرها (3677) مليون ريال؛ بالإضافة إلى مشاريع ربط المحطة بالشبكة الكهربائية والتي تتكلف 989 مليون ريال؛ لتصبح التكلفة الإجمالية لمشروع إنشاء محطة توليد الطاقة الكهربائية المركبة المتكاملة بوعد الشمال ومشاريع التحويل والربط الكهربائي بالشبكة (4666) مليون ريال. وأوضح الدكتور صالح بن حسين العواجي وكيل وزارة المياه والكهرباء لشؤون الكهرباء رئيس مجلس إدارة الشركة السعودية للكهرباء: "أن قيمة وأهمية مشروع محطة وعد الشمال في أنه يأتي متناغماً ومتسقاً مع توجهات الدولة نحو تقليل اعتماد الاقتصاد الوطني بوجه عام على النفط والبحث عن مصادر وموارد بديلة، كما أنه يُلبي طموحات المملكة كخطوة هامة نحو التحول إلى مركز للصناعات الكهربائية بالمنطقة من خلال توطين تلك الصناعة في جميع مناطق المملكة". وقال الدكتور العواجي: "الأهم بالنسبة لنا هو أن محطة توليد وعد الشمال التي سينتهي العمل بها عام 2018م تجمع بين الوقود المكافئ باستخدام نظام الدورة المركبة المتكاملة (ISCCP) وتقنيات وحدات غازية حديثة للمساهمة في تقليل انبعاثات الكربون وأكاسيد النيتروجين للحد من تلوث البيئة، وبين تقنيات انتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية التي ستساهم في انتاج 50 ميجاوات من اجمالي قدرات التوليد بالمحطة، وهو ما سيوفر أربعة ملايين برميل من الوقود المكافئ خلال مدة عمل المشروع. ويأتي توطين صناعة الكهرباء ونقل المعرفة والخبرات وتقنيات إدارة محطات توليد الطاقة البديلة، كأحد أهم المكاسب التي سيساهم فيها المشروع أيضاً، حيث أكد المهندس العواجي أنه "سيتم بمشيئة الله توريد معظم المواد والصناعات والخدمات اللازمة لإنشاء المشروع من السوق المحلي، خاصة وأن المصانع المحلية وبتشجيع من الدولة أثبتت قدرتها على انتاج مواد ومعدات ذات جودة عالية تنافس المصانع العالمية المعروفة". ولفت رئيس مجلس إدارة "السعودية للكهرباء" أن الشركة فتحت الطريق أمام شركات المقاولات الوطنية صاحبة الخبرة الفنية في هذا المجال للعمل بمشروع محطة توليد وعد الشمال، وهو ما يُعد خطوة هامة نحو ترسيخ دور الشركات الوطنية في عملية انشاء مثل هذه المشروعات الكبيرة، لتحل بشكل تدريجي محل كافة الشركات الأجنبية في هذا المجال. كما أكد أن المشروع سيتيح فرص عمل واعدة للكفاءات الوطنية الشابة، وسيتم استقطاب وتدريب الكوادر والمواهب الشابة واعتماد عملية التوظيف الجديد للاستفادة من كفاءات وخبرات الشركة، واتاحة الفرصة لهم من خلال التدريب في معاهد الشركة داخل المملكة أو بالمؤسسات العالمية في هذا المجال بالخارج. وكانت الشركة السعودية للكهرباء قد وقعت في أبريل 2014م عقداً بتكلفة 479 مليون ريال، يتضمن توريد وتركيب واختبار وتشغيل أربعة محولات بإجمالي سعة تبلغ 1204 ميجافولت أمبير و61 قاطعاً ومكثفين ومفاعل. وسيتم تشغيل المحطة عن طريق خط الربط الهوائي ثنائي الدائرة جهد (380 كيلوفولت) مع محطة القريات بطول 332 كيلومتر دائري وبتكلفة إجمالية قدرها 283 مليون ريال. كما سيتم توفير تغذية أخري للمحطة عن طريق خط الربط الهوائي ثنائي الدائرة (جهد 380 كيلوفولت) مع محطة طبرجل بطول 266 كيلومتر دائري وبتكلفة إجمالية قدرها 227 مليون ريال. جدير بالذكر أن فريق من المهندسين والفنيين السعوديين بالشركة السعودية للكهرباء يُجري حالياً تدريبات فنية وتقنية حديثة في الولاياتالمتحدةالأمريكية استعداداً لتشغيل وإدارة محطات الطاقة الشمسية بالمملكة والتي ستكون أولها محطة ضباء الخضراء للطاقة الشمسية في منطقة تبوك، والتي يُتوقع أن يبدأ انتاجها في عام 2017م بقدرة إجمالية تصل إلى 600 ميجاوات، منها 50 ميجاوات طاقة متجددة. وتأتي مبادرة الشركة في الدخول بمشروعات الطاقة المتجددة انسجاما مع توجه الدولة للتوسع في هذا المجال، حيث اعتمد مجلس ادارة الشركة خطة لبناء محطات مختلفة القدرات تعمل بالطاقة الشمسية يبلغ إجمالي قدراتها 300 ميجاوات، وتُنَفذ خلال السنوات القادمة، وتهدف بدرجة أساسية إلى نقل الخبرة للمختصين من منسوبي الشركة، واكتسابهم مهارات تشغيل وصيانة هذه المنشآت وقياس أدائها، مما يساعد في اختيار أفضل التقنيات.