نشرت صحيفة الوئام الالكترونية يوم الخميس الموافق 11 رجب 1436ه خبرًا مفاده أن مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة خالد الفيصل قد أصدر قرارًا بمنع التجمعات القبلية التي يحضرها عدد كبير من الناس، خاصة في المحاورات الشعرية، وذلك بسبب ما يتخللها من سلبيات وتجاوزات تمس الناحية الأمنية. ومن دون أدنى شك، فقد جاء هذا القرار في وقت أصبحنا فيه بحاجة إلى قرار صارم ينظم تلك التجمعات غير المنضبطة والمبنية على التفاخر والاعتداد بالأحساب والأنساب، حيث من الملاحظ للجميع أن هذه الاحتفاليات قد بدأت في التزايد بشكل غير طبيعي وغير منطقي ومبالغ فيه إلى حد كبير، وكلنا يعلم ما في هذه التجمعات والاحتفاليات من تجاوزات أمنية وقبلية ودينية أحيانًا ومن إسراف في الولائم بغير وجه حق، كل ذلك من أجل المفاخرة والمباهاة أمام الآخرين، وما فيها أيضا من إحياء للجاهلية في نفوس أفراد المجتمع. والمتأمل في طبيعة هذه التجمعات وقضية التعصب يجد أنهما صنوان لا يفترقان، بل إنهما ينهلان من جذر واحد، ألا وهو جذر الإقصاء والتعالي والتفاخر؛ فالهياط القبلي الممقوت الذي يسعى أصحابه إلى تمجيد القبيلة ومدحها بما ليس فيها، ودق إسفين النعرات واحتقار القبائل الأخرى، نجد أنه ومع مرور الوقت يفضي إلى التعصب والنظر إلى الآخرين بكل كبرياء وتعالٍ، وتصنيف الناس إما على حسب أعراقهم أو أجناسهم أو ألوانهم، وكأن ذلك المتعصب وُلِد من جنس آخر غير جنس البشرية وخُلِق من طينة أخرى غير طينة البشر. وحيث إن هذا القرار فيما لو تم تطبيقه بالشكل الصحيح سيحد كثيرًا من إقامة هذه الاحتفاليات وما يصاحبها من بهرجة وتجمهر وتجاوزات أمنية، وعلى هذا المنوال، فإن الكل يتطلع إلى صدور قرار آخر موازٍ لهذا القرار يتعلق بقضية التعصب تلك القضية التي بدأت تنتشر بشكل كبير في أوساط مجتمعنا، مما قد يفضي في كثير من الأحيان إلى زرع بذرة الانقسام بين أفراد المجتمع وبث الفتنة والفرقة فيما بينهم، فالتعصب كما هو معروف عادة سيئة تؤدي في كثير من الأحيان إلى إغلاق التفكير وعدم تقبل الرأي الآخر، كما أنه ضد تقدم المجتمع لأنه ينحرف بالنشء إلى قضايا جانبية وتافهة، ويُخرج لنا جيلًا ممتلئًا بالحقد والكراهية وبغض واحتقار الآخر وإقصائه، مهما كان هذا الآخر. رابط الخبر بصحيفة الوئام: الهياط والتعصب وما بينهما