يدخل المؤتمر الشعبي العام عامه الثالث والثلاثين بتحديات استثنائية، وصراعات مصيرية تحاصر الحزب الأكبر في اليمن، والذي تأسس في 24 أغسطس 1982م. ومؤخرا تصاعدت حدة الصراع بهدف السيطرة على حزب المؤتمر بين الرئيس السابق علي عبدالله صالح والرئيس اليمني الحالي عبدربه منصور هادي، والذي آل إلى إبعاد هادي من منصبه كأمين عام لحزب المؤتمر الشعبي العام. في السابع من نوفمبر 2011م، اجتمعت اللجنة الدائمة للمؤتمر في دورتها الاستثنائية بغرض تسمية عبدربه هادي مرشحا لخلافة صالح في منصب رئيس الجمهورية، وتم الاتفاق حينها على تخلي هادي عن منصب أمين عام الحزب، مع احتفاظه بمنصب نائب رئيس الحزب بمبرر انشغالات رئيس الجمهورية التي ستعيقه عن مهمته كأمينا عاما للحزب. حينها طلب هادي الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الجمهورية باستمراره أمينا عاما للحزب إلى حين تسميته رئيسا للجمهورية وأدائه لليمين الدستورية على أن يتخلى بعدها عن منصب الأمين العام، وهو ما لم يتم؛ إذ تمسك هادي بمنصبه أمينا عاما للحزب الذي يمتلك أغلبية مريحة في البرلمان ويشغل خارطة اجتماعية واسعة وشبكة مصالح مؤثرة وفاعلة. اشتعل الصراع بين الرجلين صالح وهادي على المؤتمر، فانصرف هادي إلى الخارج بهدف ممارسة ضغوط على صالح لمغادرة البلد والمشهد السياسي، بينما انصرف صالح إلى الداخل متقربًا من أعضاء اللجنتين العامة والدائمة، ومن قواعد وتكوينات المؤتمر الشعبي العام. يتقن صالح فن استقطاب قيادات المؤتمر على عكس هادي، فصالح شخصية داهية يدرك الخارطة الاجتماعية في البلد ويعرف تداخلاتها الجغرافية والقبلية، كما أنه يتمتع بحركة نشيطه، ودائم التواصل مع الوجاهات والشخصيات بما فيهم خصومه أنفسهم. ترتبط قيادات المؤتمر بعلاقات شخصية وحميمية مع صالح، إذ دائما ما يجدونه قريبا منهم في ظروف خاصة وحساسة اجتماعيا وصحيا واقتصاديا وحتى تنظيميًّا، بينما يقف عبدربه هادي على النقيض من ذلك فهو شخص منزوي قليل الحركة والتواصل، فضلا عن كونه لا يتمتع بما يتمتع به صالح من سعة الصدر وقوة الكاريزما. يشترك الرجلان في محاولة الاستئثار بالمؤتمر، كما يستحوذان على الموارد المالية للحزب، فبينما يسيطر هادي على حسابات المؤتمر البنكية ويديرها، يسيطر صالح على ممتلكات الحزب وأصوله الأخرى من عقارات وأسهم تم تسجيلها قانونيا باسم شخصيات قريبة من صالح. ظلت اللجنة العامة للحزب (المكتب السياسي) لثلاث سنوات مرت تحاول جاهدة احتواء الصراع بين الرجلين، وبينما كان صالح بحنكته ودهائه يعمد إلى تحكيم اللجنة العامة في قضايا الخلاف مع هادي، كان هادي يتمسك بموقفه دون أن يبذل مجهودا في استمالة اللجنة العامة بالرغم من امتلاكه السلطة وإدارته للدولة. لقد مثل قرار مجلس الأمن الدولي الأخير بفرض عقوبات على صالح، فرصة مهمة أمام صالح لتجاوز هادي الذي يتهم بممارسة ضغوط في سبيل إصدار قرار دولي يعتبر صالح معرقلا للتسوية السياسية، وعليه تم دعوة اللجنة الدائمة اللجنة المركزية لحزب المؤتمر للانعقاد الاستثنائي والتي قررت بدورها تعيين عارف الزوكا أمينا عامًا للحزب بديلاً عن عبدربه منصور هادي رئيسًا للجمهورية. لقد جاء تغيير عبدربه هادي من منصبه كأمين عام لحزب المؤتمر -في اجتماع اللجنة الدائمة في الثامن من هذا الشهر- أشبه بمحاكمة تنظيمية لهادي الذي سبق وصادر في 2012م وديعة بنكية لحزب المؤتمر بمبلغ (409) ملايين دولار، مودعة في البنك المركزي اليمني، وتمثل أهم أصول المؤتمر السائلة. حاليا يقود هادي هجمة ارتدادية تتمثل في تحركات عدد من قيادات المؤتمر الجنوبية، الرافضة لإقالة هادي من منصبه كنائب أول لرئيس المؤتمر، وهو ما تعده تلك القيادات مخالفة لنص البند الرابع مع المادة (26) من النظام الداخلي للمؤتمر والتي نصت على أن انتخاب رئيس المؤتمر ونوابه يكون عن المؤتمر العام للحزب. وبينما تعترض تلك القيادات على تجاوز النظام الداخلي في هذه المسالة، لا تعترض على قرار اللجنة الدائمة في تكليف أمين عام جديد وهو ما لا يخالف النظام الداخلي في مادته (138)، كما أن حقيقة الخلاف تدور حول منصب الأمين العام بما يمتلكه من صلاحيات مالية وتنظيمية واسعة، وتقتصر صلاحيات نائب رئيس الحزب في حدود التفويض الذي يمنحه رئيس الحزب لنوابه. وتتحدث قيادات الحزب المقربة من صالح عن أن هادي لا يزال يشغل منصبه نائباً لرئيس الحزب، وفي هذه الحالة يكون لرئيس المؤتمر صالح خمسة نواب هم (هادي والإرياني وباجمال إضافة إلى بن دغر وأبو رأس المنتخبان مؤخراً) وهو ما لا يستقيم مع نصوص النظام الداخلي القاضية بأن يكون لرئيس المؤتمر نائبان اثنان يجري انتخابهما من المؤتمر العام للحزب. يظل الاختلاف قائمًا، لكن الجميع يتفق على أن المؤتمر الشعبي العام يواجه تحديات مصيرية في عامه الثالث والثلاثين، وهو ما يلقي بظلاله على المشهد اليمني ككل، إذ يخشى المتابعون من أن أي انقسام أو تصدع في جدار الحزب سيصب في مصلحة حركة الحوثي التي تتربص بهدوء ومن ورائها إيران! رابط الخبر بصحيفة الوئام: صالح وهادي والمؤتمر.. مَن ينتصر..؟