يتقاسم الطالب عبدالله عبدالفتاح مشاط وطلبة معهد المكفوفين في مكةالمكرمة ذكريات جميلة، فهذا الشاب الطموح حمل همّ تحسين الطريقة التي يقرأ بها المكفوفون، وبعد جهود مضنية نجح في اختراع جهاز يساعدهم على ذلك، وشهد له بذلك طلبة المعهد الذين جربوا الطريقة الجديدة، ما جعله يخوض غمار منافسات وطنية وعالمية، ويحقق إنجازاً لافتاً. مشاط من ثانوية عين جالوت في مكةالمكرمة، شارك في الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي (إبداع) الذي نظمته مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والابداع (موهبة) ووزارة التربية والتعليم خلال شهر آذار (مارس) 2012، وتأهل إلى معرض إنتل الدولي للعلوم والهندسة (ISEF) الذي أقيم في ولاية بنسلفانيا في الولاياتالمتحدةالأمريكية خلال الفترة 13-18 أيار (مايو) 2012، وحصد جائزتي المركز الثاني والمركز الثالث في مجال العلوم الاجتماعية والسلوكية، عن اختراعه “Eye Finger” الذي يتعلق بالقراءة الالكترونية بواسطة الإصبع. لكن كيف وصل طالب لا يزال في المرحلة الثانوية إلى هذه المرحلة المتقدمة من الإبداع؟ أجاب مشاط على هذا السؤال بقوله ل(الوئام): “لا شك أن دعم والديّ كان له الأثر الأكبر في هذا الإنجاز، إضافة إلى دعم موهبة”، موضحاً أنه اخترع قبل عام هاتفاً للمصابين بالشلل الرباعي يمكنه من إجراء خدمات من اتصال واستقبال وغيره من دون مساعدة الآخرين، وعقب ذلك حاول تطوير الجهاز أكثر فجاءته فكرة مشروع “Eye Finger”، وعمل على التأكد من أصالة الفكرة عن طريق البحث عنها في عدد من المصادر، ثم تواصل مع المهندس وسام منشي وعمل معه أكثر من 10 أشهر في الجانب التقني من المشروع. ولفت إلى أنه صنع أربعة نماذج من الجهاز. وتابع: “بعد أن أنجزت النموذج الأول زرت معهد المكفوفين في مكةالمكرمة وجربت الجهاز على طلبة لمعرفة مدى فعالية الجهاز، وسألتهم عن أي تعديلات يرغبون أن تكون في الجهاز، وبناء على ذلك صنعت الجهاز الثاني، وعدت به إلى المعهد، لإجراء اختبارات عن جودة الجهاز بطرق علمية، وتوالت التعديلات فصنعت الجهاز الثالث، ثم الجهاز الرابع، وكنت إذا تأهلت من مرحلة لأخرى أحاول أن أطور المشروع تطويراً جذرياً، وأعتقد أن هذا ساعدتني كثيراً في اكتساب نقاط أكثر عند المحكمين في المسابقة، لأنهم يهتمون كثيراً في مدى قدرة الطالب على تطوير مشروعه”. اتجاه مشاط إلى هذا الاختراع كان سببه أن المكفوفين يواجهون مشكلات عدة عند القراءة بطريقة “بريل”، منها أن حجم كتب “بريل” كبير جداً، ولا تتوفر بالكمية التي تتوفر بها الكتب العادية، إضافة إلى أن تكلفتها عالية، وكان الهدف ابتكار طريقة تمكن المكفوفين من قراءة الكتب العادية. وقال: ابتكرت جهازاً يشبه القفاز يضعه المكفوف على إصبعه، ويوجد في الجهاز ماسح ضوئي ومجموعة من الإبر غير الحادة المرتبة على شكل خلية “بريل”، ووظيفة هذا القفاز أنه إذا وضع على أي حرف مكتوب على ورقة فإنه سيحول هذا الحرف إلى لغة “بريل”، يحس بها إصبع المكفوف، وبذلك يستطيع التعرف على الحرف وقراءته”، ضارباً مثلاً على ذلك: “حرف (A) يمثل بنقطة واحدة في لغة بريل، فإذا وضع الجهاز على هذا الحرف فإنه سيظهر إبرة واحد يشعر بها المكفوف ويستطيع من خلالها معرفة أن المكتوب هو حرف (A)”. وأشار الطالب إلى أن تجربته في معرض “انتل ايسف”، كانت أحد أكبر التجارب التي أكسبته خبرة واسعة في ميدان الابتكار والاختراع، إذ قابل طلاباً وعلماء من مختلف بلدان العالم بينهم فائزون بجائزة نوبل، كما تعرف على تقاليد شعوب مختلفة.ويتمنى مشاط أن يكمل مشواره العلمي، ويصبح باحثاً في مجال الطب كي يخدم مجتمعه ووطنه.