لم يكن يدور بخلد العم محمد الحربي الساكن بأحد المراكز التابعة لمحافظة رابغ أنه بعد أن تتقدَّم به العمر ويصبح طاعناً في السن أن الفقر والحرمان سيتحدان ضدَّه ويحاصرانه من جميع النواحي ويذيقانه الويلات التي مابعدها ويلات وأنهما سيجبرانه على أن يقضي هو وأسرته رحلة الشتاء داخل خيمة مهلهلة يتخللها زمهرير البرد ثم ينتقل بعدها ليقضي رحلة الصيف تحت سقيفة بالية تعبرها رياح السموم. ”الوئام” زارت العم محمد الحربي وأسرته لتطلع عن قرب لظروفهم المعيشية بالغة الصعوبة فزارتهم حيث يسكنون ورصدت أحوالهم عن كثب.قال العم محمد الحربي: “الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروهٍ سواه ، لعلَّك يابُني ترى الحال التي تُغني عن المقال ولعلَّ الصور التي التقطَّها تُعَبِّر تعبيراً أبلغ من خُطْبةٍ عصماء، عندما كنت في ريعان الشباب ولم أتزوج لم أكن أحمل همَّ الغد اكتفي بقوت يومي ولا أنشدُ غيره إلى أن تزوجت وتتابعت السنوات ورزقني الله بهؤلاء الأبناء والأحفاد البررة بارك الله لي فيهم ووصلت لمرحلة خريف العمر حينها شعرت بالحزن العميق لكوني غير قادرٍ على العمل والكسب ومساعدة أبنائي وأحفادي، الذين لاوظائف لديهم تعينهم على أعباء الحياة”. وأكمل مؤكداً أن الضمان الاجتماعي بمحافظة رابغ مازال يرفض رفضاً تاماً تسجيلهم في الإعانات الشهرية وقال “مما زادني همَّاً على همِّي أن أحد أبنائي وفقه الله غامر فنوى الزواج فعلم بالنبأ السار أهل الخير فساعدوه ببعض الهبات فبدأ في بناء البيت حتى انتصف وتوقف عند هذه المرحلة لأن هبات أهل الخير توقفت وماعند الناس ينفذ وماعند الله باقٍ وهو على هذه الحال منذ سنتين اثنتين ينتظر الزواج والزواج متوقف على اكتمال البيت واكتمال البيت معتمدٌ بعد الله عزَّ وجلَّ على هبات أهل الخير وهبات أهل الخير إلى تاريخه لم تطرق أبوابنا والحمد لله على كلِّ حالٍ ولاحيلة لنا إلا الصبر والاحتساب وانتظار الفرج ففرج الله قريب وإن مع العسر يسرا”. “الوئام” ودَّعت العم محمد الحربي وعلامات الحزن والأسى مازالت ترتسم على مُحَياه وهو ينظر لأبنائه وأحفاده يلتفون حوله تحت السقيفة البالية وهو لايملك من حطام الدنيا سوى شويهاتٍ وإعانة ضمان اجتماعي ضئيلة مخصصة له وحده من مكتب الضمان الاجتماعي برابغ بالكاد تطعمه والأسرة التي يعولها.