وسط حضور مكثف للبعثات الدبلوماسية والجمهور العربي والفرنسي على حد سواء، شهدت العاصمة الفرنسية باريس على مدى ثلاثة أيام فعاليات الأيام السعودية في اليونسكو، حيث حضرت ملامح من الثقافة السعودية بقوة عبر صور تنوعت ما بين المعارض والكتاب والندوات والموسيقى والرقصات الشعبية إضافة إلى عرض أزياء للملابس التقليدية. من بين الحضور والمشاركين في إحدى الندوات تميزت الأستاذة الجامعية الدكتورة حياة سندي التي قالت ل"الوطن": هذا هو عملي وارتباطي وانتمائي ببلدي من أجل إيصال الصورة الحقيقية للمملكة وليست الصورة الجامدة التي في أذهان الغرب عنا. وأضافت: لا بد من التعريف الصحيح بهويتنا، فمنذ تركت المملكة أحمل معي بلدي وهويتي وقيمي وأشعر أن علي وعلى كل من يتعلم أو يعمل في الخارج واجبا مقدسا تجاه بلده من حيث التعريف بالوجه التراثي والحضاري. وأكدت سندي على أن حوار الحضارات والثقافات هو العامل الأهم والأكثر حسما في كيفية التعريف بنا، وكذلك معرفتنا نحن بالآخر، هذا هو السبيل الأمثل للالتقاء خصوصا فيما يخص المرأة السعودية، وهو موضوع هام جداً بالنسبة للعالم، ولا يزال يكتنفه الكثير من الغموض، حتى يومنا هذا لا يزال البعض يسائلني: هل يمكن للمرأة السعودية أن تعمل داخل بلادها؟ وذهبت سندي إلى أن الصورة الحقيقية لنا لم تصل بعد، وقالت "الكثيرون لا يعرفون أن المرأة في المملكة تتقلد أهم المناصب". وحول الأيام الثقافية للمملكة التي شهدتها منظمة اليونسكو أخيرا، وقدرتها على تغيير الصورة النمطية التي ترسخت في ذهن المواطن الغربي عن العرب وثقافتهم، قالت سندي: هذه الأيام لها ثمارها ولكن الاستمرارية هي الأساس، فلا بد أن نكون جميعنا على تواصل مستمر مع الآخرين. وأضافت: قد يفاجأ الجميع بأن صورتنا في عقول المتعلمين والجامعيين هي الأكثر تشوها، وهم أكثر الناس الذين في حاجة إلى التواصل معهم من قبلنا. وترى سندي أن للإعلام في الجهتين، دورا كبيرا في التعتيم أو نقل الصورة المشوهة، مشيرة إلى أهمية المكان واعتباراته، أو الجهة الراعية والمنظمة لهذه الفعاليات الهادفة إلى المقاربة بين الشعوب، وقالت: إن استضافة ومشاركة منظمة اليونسكو مثلا، يعطي مسحة ثقافية وتراثية ويرفع من مستوى أهمية الحدث نفسه. وقالت سندي: "أنا على المستوى الشخصي أتمنى أن يكون لدي مقر يمكنني من التواصل مع الأكاديميين والجامعيين والمفكرين الغربيين حتى جيراني أرغب في التواصل معهم بشكل دائم، إن الله خلقنا شعوبا وقبائل لنتعارف، نحن أمام أمر إلهي بضرورة التعارف وتعريف الآخرين ، لأن هذه المعرفة تجعل كل منا يتفهم أبعاد تصرفات وعادات وقيم الآخر لأنها تجعلنا أكثر معرفة به. وتفسر سندي الإقبال الهائل على متابعة الأيام الثقافية السعودية في اليونسكو، بقولها: "الرغبة في المعرفة هي السبب، وبشكل عام أيا كان سبب الإقبال سواء أكان من أجل تثبيت الفكرة الراسخة لديه أو تغييرها المهم هو حضوره، الآن هذا هو ما ستحققه المعرفة والمشاركة وتقاسيم الآراء والرؤى". إلى ذلك اختتمت مساء أول من أمس فعاليات الأيام الثقافية السعودية في اليونسكو بباريس، بحضور وزير الثقافة والإعلام عبدالعزيز خوجة والمدير العام لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونيسكو" إيرنا بوكوفا. وتم خلال حفل الاختتام الذي أقيم على مسرح اليونسكو تقديم فقرات فلكلورية تمثل جميع مناطق المملكة وبعض الفقرات الفنية إضافة إلى عروض للأزياء السعودية. في سياق ذاته قيمت يوم أمس ندوة المرأة السعودية (التعليم والإعلام والمشاركة الاجتماعية) في مقر اليونيسكو وشارك فيها كل من الأميرة لولوة الفيصل، ونائبة وزير التربية والتعليم لشؤون البنات نورة الفايز وحياة سندي، وأدار الندوة الإعلامي تركي الدخيل، وحضر الندوة عدد من المدعوين والمهتمين من جاليات أجنبية وعربية. وتهدف فعالية الأيام الثقافية السعودية إلى التعريف بالمخزون الثقافي والحضاري والتراثي للمملكة العربية السعودية وإطلاع الشعب الفرنسي على جانب من تلك المكونات العريقة التي تزخر بها المملكة العربية السعودية.