عاش سكان الرياض أمس أجواءً ربيعية، خلفتها الأمطار التي شهدها أمس وأول من أمس عدد من أحياء العاصمة والمناطق المحيطة بها، قبل أن تفسد فرحتهم عاصفة من الغبار والرمال، صبغت سماء العاصمة باللون البرتقالي، وأجبرت السكان على مغادرة مواقع التنزه والساحات على أطراف المدينة كالثمامة، والاختباء في منازلهم أو اللجوء للشقق المفروشة. وتواصلت الأمطار في معظم مناطق المملكة أمس، وشملت المنطقة الوسطى والمرتفعات الجبلية والسهول الشرقية للمنطقة الجنوبيةالغربية، وسالت على أثرها العديد من الأودية والشعاب الكبيرة، خصوصاً في المناطق التي تقع غرب وجنوب غرب المنطقة، وامتلأت بعض السدود، فيما أعقبتها موجة من الغبار في المساء غطت سماء المدينة وأدت إلى تدني الرؤية إلى أدني مستوى لها. وتوقعت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة من خلال موقعها الإلكتروني، أن تكون السماء غائمة جزئيا على مناطق شمال غرب المملكة اليوم وتمتد حتى منطقة المدينةالمنورة، في حين تتحول إلى غائمة على الأجزاء الجنوبية من شرق ووسط المملكة وكذلك المرتفعات الجنوبيةالغربية وتمتد حتى مرتفعات مكةالمكرمة مع فرصة لتكون السحب الرعدية الممطرة خاصة الأجزاء الجنوبية من شرق المملكة والمرتفعات الجنوبيةالغربية للمملكة تشمل مرتفعات "نجران، وجازان، وعسير، والباحة". من جهة أخرى، فوجئ المتنزهون وسط المخططات السكنية شرق الرياض والبرية على أطراف المدينة بموجة غبار حادة أجبرتهم على اللجوء إلى الشقق المفروشة بعد أن داهمتهم، خصوصاً الذين لديهم أطفال صغار والمعرضون لأمراض الربو والحساسية. وفي السياق نفسه، كشفت الأمطار التي شهدتها محافظة تثليث خلال الأيام الماضية عن سوء تصريف المياه وصغر بعض العبارات، التي أعدت لدرء أخطار السيول، وأن هناك بعض المخططات السكنية وسط مجاري السيول. وأوضح المحامي نايف آل مسعود، أن الأمطار التي شهدتها تثليث كشفت عن سوء تصريف المياه، مبينا أن هناك حفرة كبيرة من مخلفات مشاريع سابقة بجوار دوار الكرة الأرضية وسط المحافظة تتجمع فيها مياه الأمطار. من جانبه، أكد رئيس المجلس البلدي بتثليث الدكتور محمد القحطاني أن الأمطار كشفت سوء التصريف في 3 مخططات سكنية، أحدها تم توزيعه، فيما لا يزال الآخران قيد التوزيع. وأضاف أن المجلس وقف على الطبيعة، ورأى أن أحد المخططات في خطر كونه في مجرى واد، فتمت مخاطبة البلدية بوقف المخطط حتى يتم النظر فيه. وأشار إلى أن هناك عبارات صغيرة سينظر في وضعها، فيما أكد أن الأمطار كشفت عن بعض الأودية والشعاب التي تشكل خطرا على المواطنين، مبينا أن محافظة تثليث بحاجة إلى 10 كباري تربط أحياء تثليث بعضها ببعض. إلى ذلك، قال محافظ تثليث محمد الغثيم إن هناك لجنة فرعية ستعقد اجتماعها الأسبوع المقبل للنظر في مجاري السيول والأضرار التي لحقت بالمواطنين، وستكون نتائجها مرضية. أما رئيس بلدية تثليث محمد السهلي فأوضح أن الأمطار تسببت في بعض الأضرار بالعبارات. وحول المخططات السكنية، وقال السهلي إن جميع الأخطاء ستعالج قبل توزيعها، وستنفذ لها مشاريع لدرء أخطار السيول. وبين أن الحفرة التي شكا منها العديد من المواطنين قديمة وترجع إلى 35 سنة، أحدثتها بعض أعمال الطرق، وستردم ولكن ذلك يحتاج إلى وقت طويل. وعلى صعيد متصل، قرر المجلس البلدي بمنطقة نجران، عقد جلسة طارئة لمناقشة الآثار، التي خلفتها مياه الأمطار والسلبيات التي اتضحت على مشاريع درء أخطار السيول. وأكد رئيس المجلس زيد بن شويل ل"الوطن" أمس، أن الجلسة الطارئة تأتي بعد أن كشفت الجولة التي نفذتها اللجنة المشكلة من رئيس المجلس البلدي، وعدد من أعضاء المجلس، ومدير إدارة المشاريع، ومدير إدارة الدراسات بأمانة المنطقة، أخطاءً في بعض مشاريع المياه والطرق، مما أحدث تجمعات مائية عقب هطول الأمطار، وانهيارات على جوانب الطرق، أعاقت حركة السير، مبيناً أن الجولة التي نفذتها اللجنة شملت جميع أحياء المنطقة، وذلك للوقوف على أرض الواقع والمشاهدة العينية لمشاكل المشاريع المنفذة والتي تنفذ بغية الخروج بتوصيات وقرارات من شأنها تلافي الأخطاء الحاصلة في المشاريع المنفذة، ومناقشة الأسباب الحقيقية وراء التجمعات المائية، وعدم كفاءة مشاريع التصريف وعبارات السيول. وأضاف بن شويل أن الأمطار والسيول أتاحت فرصة للمجلس البلدي وأمانة منطقة نجران للوقوف على الطبيعة، ورصد مسار المشاريع التي تعالج أخطار السيول في مدينة نجران والقرى والأحياء التابعة لها، واستكمال ما تبقى من مشاريع من هذا النوع. وقال: لذلك شكلنا فريقا جديدا في الهيكلة الإدارية سواء بالمجلس البلدي أو في أمانة المنطقة، مشيرا إلى أن لدى هذا الفريق مشاريع جديدة وبعضها تحت التنفيذ. وأكد أن الجولة تستهدف تلافي الأخطاء التنفيذية والاستفادة من تجربة المطر لتعديل تلك الأخطاء. إلى ذلك، غطت موجة غبار ورياح محملة بالأتربة ظهر أمس سماء مدينة بريدة، وحجبت مستوى الرؤية إلى أقل من 200 متر، وأجبرت الأهالي والأسر على التزام منازلهم خوفاً من تعرضهم لضيق في التنفس، خصوصاً المصابين بمرض الربو. ودعت المديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة القصيم إلى أهمية الحذر من موجة الغبار والبقاء في الأماكن المغلقة واتخاذ الإجراءات الوقائية، مشيرة إلى أنها رفعت استعدادات أقسام الطوارئ بالمستشفيات. في المقابل، أكد الباحث الفلكي الدكتور خالد الزعاق أن أول أيام الصيف التي دخلت الخميس الماضي امتداداً للعنف المناخي، لا تعرف الرتابة في ترس منظومتها بل تجلب الفصول الأربعة في غضون يوم واحد "حر وغبار ومطر وصحو وبرودة"، يسمع فيها قصف الرعد ويشاهد وميض البرق الخُلّب الذي يرى من مكان بعيد، وهو موسم نزول حبات البرد إذا تهيأت الفرصة له. وتوقع الدكتور الزعاق أن تشهد أغلب مناطق المملكة الشمالية والوسطى والغربيةوالشرقية أمطارا متفاوتة القوة وخاصة بالجزء الجنوبي الغربي الذي سيكون أشد وطأة خلال الأيام القادمة. وفي ذات السياق، اجتاحت قبيل مغرب أمس عاصفة رملية محملة بالأتربة والغبار سماء محافظة الأحساء، وأدت إلى تدني الرؤية الأفقية إلى كيلومتر واحد، وأثرت على الحركة المرورية، فيما هطلت أمطار متفرقة على المنطقة الشرقية. وأكد الناطق الإعلامي للرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة حسين القحطاني في تصريح إلى "الوطن" هطول أمطار رعدية مصحوبة برياح نشطة، تؤدي إلى تدني في مدى الرؤية الأفقية، قد يصل في بعض المناطق إلى ما دون الكيلومتر بسبب التيارات الهابطة المصاحبة للسحب الرعدية. وأشار إلى أن إدارته أعلنت عن تنبيه متقدم عن هذه الظاهرة الجوية من خلال نظام الإنذار المبكر بالرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، وجرى تمرير التنبيه للجهات المعنية لأخذ الحيطة والحذر، داعياً سائقي المركبات إلى ضرورة أخذ الحيطة والحذر على الطرقات بسبب انخفاض مدى الرؤية الأفقية بفعل الغبار والأتربة المثارة في المناطق المكشوفة. من جهته، أشار مصدر أمني بإدارة الدفاع المدني بالأحساء في تصريح إلى "الوطن" أمس إلى أن فرق الإنقاذ ودوريات السلامة التابعة لإدارته تقوم بتمشيط المواقع حالياً مع استمرار العاصفة لرصد الأضرار ومباشرة الحوادث في الحال. إلى ذلك، تلقت "الوطن" عند الساعة الخامسة والنصف مغرب أمس، اتصالات من مجموعة من المواطنين في بعض الهجر الواقعة على طريق الأحساء – الرياض، يؤكدون صعوبة الحركة المرورية في الطريق السريع بهجرة جودة "120 كيلومترا من الهفوف" بسبب غزارة الأمطار. وتحركت إلى الموقع دوريات الأمن وأمن الطرق وفرق الدفاع المدني، كما تسببت العاصفة الرملية في سقوط عدد من اللافتات الإعلانية لبعض المواقع التجارية، وبعض أعمدة الإنارة، وانحراف شاحنة عن مسارها على طريق الهفوف- سلوى. وتسببت العاصفة الرملية والأمطار الغزيزة التي شهدتها الأحساء مساء أمس في انهيار جزئي لسقف مجمع تجاري على الطريق الدائري جنوبالهفوف، وتضرر 6 محلات داخل المجمع بالإضافة إلى تضرر أحد المخارج. غرق مواطن في سيول بللسمر وبئر مغمورة تبتلع فتاة بتربة تنومة، تربة: سعيد الشهري، فيصل البقمي فيما هطلت عصر أول من أمس أمطار غزيرة على مراكز بللحمر وبللسمر وتنومة، سالت على إثرها الأودية والشعاب، لقي مواطن مصرعه غرقا عندما عبر بسيارته من نوع "تويوتا صالون" وادي خارف بللسمر، فجرفته السيول القوية ولقي مصرعه في الحال، بينما نجا زميله بعد سقوطه من السيارة وتمسكه بشجرة في الوادي. وقد باشرت فرق الدفاع المدني من بللسمر وبللحمر وتنومة بقيادة الرائد علي الأحمري والرائد علي الشهري الحادث. وعلى صعيد متصل، أغلق طريق أبها في الجعد ببللحمر بعد تراكم البرد بالطريق، وباشر الدفاع المدني بتنومة وبللحمر وبللسمر وفرق من البلدية والمواصلات والشرطة الموقع حتى تمت إزاحة البرد من الطريق بعد نحو ساعتين. إلى ذلك، تحولت نزهة أسرة سعودية من أهالي تربة إلى مأساة بعد غرق ابنتها البالغة من العمر 25 عاما في أحد الشعاب شرق محافظة تربة، بعدما انجرفت إلى أحد الآبار التي امتلأت بالطمي ولم تكن واضحة المعالم. وبحسب ما ذكره ل "الوطن" أحد أقارب الغريقة، فإن قريبته دخلت إلى غدير مياه في أحد الشعاب بالحرة، ولم تكن تعلم بوجود بئر قديمة نظرا لكثرة مياه الأمطار مما أدى إلى سقوطها بشكل سريع واختفائها عن الأنظار. وأكد قريب الفتاة أن إخوتها حاولوا إنقاذها ولم يستطيعوا إلا بعد حضور والدها الذي استطاع انتشال ابنته، ونقلها إلى مستشفى تربة العام حيث تم إدخالها غرفة الإنعاش وعمل إنعاش للقلب ولكن الفتاة توفيت. وأكد المتحدث الرسمي لمديرية الدفاع المدني بمكةالمكرمة المقدم سعيد سرحان ل"الوطن"، أن غرفة العمليات تلقت بلاغا عن سقوط الفتاة وانتشالها من قبل والدها قبل وصول فرق الإنقاذ، مشيرا إلى أن فرق الدفاع المدني تواصل عمليات إنقاذ بعض المواطنين الذين احتجزتهم سيول الأمطار المتواصلة على المنطقة.