أصبح المزاج والحالة المزاجية والسلوك الشخصي للفرد هي المسير والمتحكم في تصرفاته وأقواله وأفعاله، دون أن يقف المرء للتدبر والتفكر قليلا. والمعلوم أن مزاجية المرء تتأثر بمتغيرات كثيرة مثل الضغوط النفسية، والمشكلات التي يعانيها. وتصبح المزاجية ذات خطر كبير إذا أطلق المرء لها العنان وتركها تتحكم فيه وفي تصرفاته، دون الوقوف قليلاً والتريث، خاصة عند اتخاذ القرارات. ومن هذه المزاجيات التي يعانيها المجتمع، مزاجية بعض المديرين، فالملاحظ في الآونة الأخيرة كثرة شكاوى الموظفين من مديريهم، ومعاناتهم من تقلبات مديريهم ورؤسائهم، ففي كل يوم وفي كل ساعة لهم رأي وقرار لا يستند إلى نظام أو لائحة، بل اتخذ جزافاً وفقاً للحالة المزاجية والنفسية، مما ينعكس على الموظفين وإنتاجيتهم، نتيجة لشعورهم بالقلق من مزاج المدير، وهل هو متعكر أم صافٍ.. الأمر الذي يجعل هؤلاء الموظفين يتساءلون فيما بينهم صبيحة كل يوم عن مزاج مديرهم وهل هو غائم أم صحو؟ فالغالبية من المديرين يحضر إلى عمله حاملاً جميع همومه ومشكلاته الشخصية معه، ثم يضعها على مكتبه، ويبدأ في إدارة عمله وعيناه لا تفارقان هذه الهموم والمشكلات، الأمر الذي ينعكس على قراراته، ويتحمل تبعاتها موظفوه ومراجعوه، خاصة أن البعض من هؤلاء المديرين يظن أن المنشأة التي يرأسها مِلك له، فتجده يديرها وفقاً لرغباته ومزاجيته، ونسي أو تناسى أنه أجير وضع لخدمة الوطن والمواطنين. ويزداد الأمر سوءاً من أصحاب المؤهلات العليا نتيجة ما يعانيه بعضهم من شعور بالعظمة، وأنه الشخص الذي بيده حل جميع المشكلات، ولا يحق لأحد مناقشته في قرار اتخذه أو إجراء قام به، خاصة أن الصنف من هؤلاء يأتي محاولاً تطبيق نظريات اكتسبها أثناء دراسته دون أن يكلف نفسه عناء النظر في صلاحيتها للتطبيق على منشأته أو هيكله الإداري أو مجتمعه. فالمزاجية غدت المهيمن على سلوك غالبية المديرين حتى أصبح الكثير يشكو ويئن من هذه المزاجية، وما تجره من قرارات تعسفية لا تستند إلى نظام أو قانون.